غوتيريس يحذر من كلفة باهظة قد يدفعها العالم جراء الأزمة الأوكرانية

23 فبراير 2022
غوتيريس عديم الحيلة أمام التصعيد الروسي (ثيموتي أي. كلاري/ فرانس برس)
+ الخط -

قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، اليوم الأربعاء، إن العالم يواجه لحظة خطر لم يسبق لها مثيل منذ سنوات، في سياق تطرقه لتطورات الأزمة الأوكرانية التي حذر من أنها تشكل مصدر قلق بالغ في الوقت الحالي، وذلك بعدما اعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مطلع الأسبوع الحالي، بـ"استقلال" منطقتين في شرق أوكرانيا.

وأوضح غوتيريس أن "تاريخ الصراع (بين روسيا وأوكرانيا) معقد، وأن هناك روايتين تتناحران دوما... ولكن قرار الاتحاد الروسي الاعتراف بما يسمى استقلال منطقتي دونيتسك ولوغانسك وما تبع ذلك يشكل انتهاكا لسلامة أراضي أوكرانيا وسيادتها ولا يتفق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة".

وجاءت تصريحات الأمين العام الأممي في مستهل اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لمناقشة "الحالة في الأراضي المحتلة مؤقتا في أوكرانيا". وتستمر الجلسات طوال النهار وحضرها وزير الخارجية الأوكراني ديمترو كوليبا، وسيتحدث ممثلو أكثر من ثمانين دولة، ليوضحوا من خلالها مواقف دولهم من الأزمة الأوكرانية.

وتوقف غوتيرس عند الخطوة الروسية المتمثلة بالاعتراف بـ"استقلال" جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، وقال "أود أن أبرز أيضاً أن هذا القرار لا يتفق مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة وإعلان العلاقات الودية الذي اتخذ منذ أكثر من نصف قرن وهو إعلان مبادئ القانون الدولي والتعاون بين الدول بموجب الميثاق".

ثم تحدث بشكل خاص عن "مبدأ المساواة في السيادة بين الدول" مع تأكيده على أن "السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي للدولة حرمة. كما أن قرارات الجمعية العامة الأخرى تدعم بالكامل سيادة أوكرانيا واستقلالها السياسي وسلامتها الإقليمية داخل حدودها المعترف بها دوليًا".

وقال غوتيريس إن "اتفاقيات مينسك، التي وافق عليها مجلس الأمن والتي دعمها بقوة منذ البداية، عاشت في وحدة العناية المركزة بفضل أدوات إبقائها على الحياة لكن تم نزع هذه الأدوات".

وعبر أيضاً عن قلقه بشأن إعلان روسيا عزمها على إرسال قوات لمناطق الانفصاليين، شرقي أوكرانيا، بحجة أنها "قوات حفظ سلام"، وقال في هذا السياق "إننا قلقون بشأن سلامة حفظ السلام وللأمم المتحدة تجربة طويلة ومعترف بها في نشر عمليات حفظ السلام، والتي لا تتم إلا بموافقة البلد المضيف".

وشدد على ضرورة نزع فتيل العنف والتوتر واللجوء إلى ضبط النفس، مؤكدا أنه "لا داعي للعمل والبيانات التي ستدفع بهذا الوضع الخطر إلى الهاوية. لقد آن أوان أن نضع اتفاقاً لوقف إطلاق النار ونعود إلى طاولة المفاوضات لإنقاذ الشعب الأوكراني. وأدعو كافة الأطراف لاستخدام المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة لتسوية النزاعات سلميا".

وزير الخارجية الأوكراني يتحدث عن اتهامات عبثية

من جهته، أكد وزير خارجية أوكرانيا ديمترو كوليبا، في كلمته، على ضرورة العمل بشكل حاسم وسريع وفعال من قبل الأمم المتحدة والمجموعة الدولية بما يتماشى مع حجم التهديد "الذي يواجهه الجميع وليس أوكرانيا وحدها بسبب مسار روسيا العدائي".

ووصف الوضع الراهن باللحظة الحاسمة التي ستحدد "ملامح المستقبل لمدة طويلة"، وأضاف "أخاطبكم باسم أربعين مليون أوكراني... ونحن في وسط أكبر أزمة أمنية تواجهها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وقد نشأت هذه الأزمة بسبب طرف واحد هو الاتحاد الروسي. اتهامات روسيا لأوكرانيا عبثية ولا نخطط لأي هجوم عسكري ولا لأي استفزاز أو أعمال تخريبية".

وتابع كوليبا قائلاً "السبب الوحيد لزيادة دفاعات أوكرانيا هو أفعال روسيا العسكرية والسياسية، وهي فظيعة وتتجاوز حدود أوكرانيا".

وقال إن كلام بوتين "فيه إنكار كامل لوجود أوكرانيا"، مضيفا أن كييف "وقعت على ميثاق الأمم المتحدة عام 1945 وكانت دولة مؤسسة للأمم المتحدة، ثم تخلت عن أسلحتها النووية وتعرضت لهجمات متكررة من قبل إحدى هذه الدول النووية (روسيا)".

 ووصف ما يحدث بشرق أوكرانيا كما الخطوات الروسية الأخيرة والعسكرة على حدود أوكرانيا بأنها مهددة للأمن الدولي، وناشد العالم لوقف بوتين "لأنه لن يتوقف بنفسه".

ومضى يقول إن "بداية حرب واسعة النطاق في أوكرانيا ستكون نهاية للنظام العالمي الذي نعرفه، وإذا لم تواجه روسيا ردا سريعا وحاسما فإن ذلك سيعني إفلاس النظام الدولي وهذا سيناريو قاتم سيعود بنا إلى لحظات القرن العشرين ولن تتوقف روسيا عند أوكرانيا". وقال كوليبا إن دولاً أخرى ستتشجع وتحذو حذوها، متسائلاً عن دور الأمم المتحدة إذا لم يتم ردع روسيا.

رد روسي

أما مندوب روسيا في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، فاعترض على عقد جلسة الجمعية العامة تحت عنوان "الحالة في الأراضي المحتلة مؤقتا في أوكرانيا"، وقال "هذه الأراضي تم فقدانها بسبب سياسة الكراهية بحق شعب هذه المناطق وذلك بعد الانقلاب غير القانوني الذي حصل في عام 2014، وخاصة المواطنين الذين لم يوافقوا على هذا الانقلاب وطبقت بحقهم سياسات تحرمهم من حقوقهم الأساسية".

وحول اعتراف روسيا بـ"استقلال" دونيتسك ولوغانسك، قال "نحن نفهم تركيز مناقشات اليوم على اعتراف الاتحاد الروسي بهاتين المنطقتين وهناك الكثير مما يقال بشأن الاعتراف، ولكن أؤكد أن ما حصل كان نتيجة مباشرة لتقويض كييف على مدى سنوات للإجراءات التي اعتمدت عملا بالقرار 2202 (2015)"، في إشارة منه إلى اتفاقيات مينسك التي أقرها مجلس الأمن الدولي.

وشدد نيبينزيا على أن بلاده ليست طرفا باتفاقيات مينسك واتهم كييف بقصف مواطنيها (القوات الموالية لروسيا) وعدم القيام بحوار مباشر، كما اتهم أوكرانيا بعدم احترام التزاماتها بما فيها اتفاقيات مينسك، مدعياً أن أوكرانيا في حالة حرب مع مواطنيها "الذين لا يوافقون على سياستها التي تدعمها الدول الغربية، ولم يقنع الحلفاء الغربيون كييف بتغيير نهجها".

وتطرق إلى بيانات الأمين العام للأمم المتحدة حول ما يحصل بشرق أوكرانيا، قائلا "إنها لا تتوافق مع ولايته بموجب ميثاق الأمم المتحدة... والأمين العام حذا حذو البلدان الغربية ولا نفهم ما هي المساعي الحميدة التي تحدث عنها ويمكن أن يبذلها".

وأضاف المندوب الروسي "شعب القرم ودونيتسك ولوغانسك أعلنوا استقلالهم وشبه جزيرة القرم كانت أوفر حظا وقالت إنها تريد أن تنضم إلى روسيا، ودخلت تحت حماية الاتحاد الروسي. وتم وعد شعب دونيتسك ولوغانسك بتسوية عادلة وانتظروا لثمان سنوات ولكن لم تتحاور كييف معهم".

حقائق تاريخية تدحض خطاب بوتين حول "وهم" الدولة الأوكرانية

وقال إن أوكرانيا دخلت في مغامرات عسكرية واتهمها بمعاداة روسيا، وقال إنها "شنت حربا على اللغة الروسية وكل شيء روسي بما في ذلك إخضاع الناطقين للروسية للقمع، وهو ما يقوض مصلحة كل الأوكرانيين"، وأضاف "لقد تعرضت هذه المجموعات للاضطهاد والإيذاء الجسدي وقتل الصحافيين".

واتهم نيبينزيا الغرب "بالاستمرار بالاستفزاز وتسليح كييف"، مضيفا أنه "بناء على طلب دونيتسك ولوغانسك سيتم رصد وقف إطلاق النار من قبل القوات الروسية وندعوكم للتركيز في جهودكم على لجم كييف ومنعها من أي مغامرة عسكرية يمكن أن تكلف أوكرانيا ثمنا باهظا".

المساهمون