وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الأوضاع الإنسانية والاقتصادية التي يواجهها الأفغان بالجحيم، لافتاً إلى أن الحالة الإنسانية ومستوى الاحتياجات في أفغانستان هما الأسوأ حول العالم.
وشدد غوتيريس خلال اجتماع دوري عقده مجلس الأمن الدولي، يوم الأربعاء، حول أفغانستان، على ضرورة مضاعفة العمليات الإنسانية لإنقاذ الأرواح، مشيرًا إلى أن الأمم المتحدة أطلقت أكبر عملية مساعدات إنسانية لهذا العام والتي تفوق الأربع مليارات دولار.
وتحدث غوتيريس خلال الجلسة التي ترأسها رئيس الوزراء النرويحي يوناس غار ستوره، عن ظروف الشتاء القاسية، وانتشار الأمراض، كالحصبة وشلل الأطفال، وخروج ملايين الأطفال من المدارس، ومواجهة أكثر من نصف الأفغان للجوع، وبيع الأسر لأبنائها لشراء الغذاء، ونقص السيولة، وفقد العملة الأفغانية لأكثر من ثلاثين بالمائة من قيمتها، وتجميد أكثر من تسعة مليارات دولار من الأموال الأفغانية في المصارف الدولية.
وأثنى غوتيريس على فتح باكستان وإيران، أبوابهما أمام اللاجئين والمهاجرين الأفغان منذ عقود وبعد استيلاء "حركة طالبان" على الحكم في أغسطس/ آب الماضي. وشدد على ضرورة السماح بتمويل دولي يسد رواتب القطاع العام من الأطباء والممرضين وغيرهم الكثر.
كما رحب باعتماد مجلس الأمن الشهر الماضي لقرار يعطي إعفاءً إنسانياً من نظام جزاءات الأمم المتحدة، وشدد على ضرورة إنقاذ الاقتصاد بما في ذلك إيجاد سبل لتحرير احتياطات العملة المجمدة بالنسبة للبنك المركز الأفغاني، إضافة إلى النظر إلى السبل التي يمكن من خلالها ضخ المزيد من السيولة في الاقتصاد الأفغاني إلى جانب صندوق الاستئمان الذي دشنه البنك الدولي لإعادة إعمار أفغانستان والذي حول 280 مليون دولار إلى "اليونيسف" وبرنامج الأغذية الدولي، فيما أهمية هذه الخطوات، إلا أنه اعتبر أنها غير كافية. وحذر من أن انهيار الاقتصاد الأفغاني يمكن أن يؤدي إلى هجرة غير مسبوقة.
وعن حركة "طالبان"، قال غوتيريس إن الحركة يجب أن تنتهز هذه الفرصة من أجل تعزيز الأمن وبناء الثقة بينها وبين الشعب الأفغاني بمن فيه النساء، مؤكدًا ضرورة انخراط العاملات في مجال المساعدة الإنسانية والعاملات في جميع المجالات بشكل أوسع.
وناشد "طالبان" الالتزام وحماية حقوق الإنسان الأساسية لكل شخص في أفغانستان دون استثناء النساء، وقال إن "النساء يحرمن مجددا من حقوقهن..تقدمهن يعني تقدم البلاد ومواجهتها للتحديات بشكل أفضل".
ليونز: نصف الشعب الأفغاني بحاجة للمساعدات الإنسانية
من جهتها، تحدثت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة لأفغانستان، ديبورا ليونز، عن المساعدات التي قدمتها الأمم المتحدة خلال العام الماضي والتي شملت قرابة 18 مليون أفغاني، فيما أكدت أن الأمم المتحدة تقدر وجود أكثر من 22 مليون أفغاني يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، أي أكثر من نصف الشعب الأفغاني.
كما أكدت أن الأمم المتحدة تمكنت من الوصول إلى الكثير من المناطق في أفغانستان بعد سيطرة "طالبان" بسبب انتهاء الحرب التي كانت تغطي مناطق واسعة من البلاد، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة تحتاج أكثر من أربعة مليارات لهذا العام لتقديم المساعدات الإنسانية، ونحو 3.6 مليارات دولار إضافية في إطار المشاركة بدعم المرحلة الانتقالية، أي أن المبلغ المطلوب يصل إلى نحو 8 مليارات دولار.
وشددت على ضرورة التخفيف من العقوبات التي تحول دون توصيل الخدمات الأساسية بالكامل والتي تسلب الاقتصاد السيولة. وأضافت: "بسبب الأزمة في السيولة وعدم قدرة البنوك على العمل ونظرا للظروف الاستثنائية، فإن الناس يفتقرون إلى الأموال التي تمكنهم من إطعام أسرهم".
وأشارت إلى أن سلطات "طالبان" اتخذت بعض الخطوات التي تضمن العمل بطريقة أكثر نجاعة كحكومة، بما فيها الاعتماد على الموازنة التي تعتمد على الإيرادات الضريبية ودفع رواتب الحكومة والحد من الفساد وتحصيل الضرائب وإدارة أزمة تدني قيمة العملة، مشددة على أن احتياجات القطاع الخاص تحتاج إلى بيئة سياسية مستقرة وتطمينات للمستثمرين.
وقالت إن لقاءات "طالبان" مع ممثلين عن بعض الأقليات لم تترجم بعد بسياسات فعلية لدمج ممثلين عن الأقليات في الهياكل الحاكمة، مبينة أن "طالبان" تستخدم أساليب تخويف واعتقال المعارضين السياسيين وممثلين عن المجتمع المدني. كما أكدت انكماش الفضاء الإعلامي، إذ عزت ذلك بشكل جزئي لأسباب اقتصادية. كما أعربت عن قلقها إزاء مصير عدد من الناشطات النسويات الأفغانيات اللواتي اختطفن واختفين تماما.
إلى ذلك، أكد رئيس الوزراء النرويجي في مداخلته أمام مجلس الأمن الدولي أن الاجتماعات في أوسلو مع ممثلين عن "طالبان" لا تعني الاعتراف الرسمي بـ"طالبان".
وكان رئيس الوزراء النرويجي قد قال لـ"العربي الجديد"، خلال مؤتمر صحافي أمس، إن الاجتماع ليس مع النرويج؛ بل اجتماع لـ"حركة طالبان" في النرويج مع منظمات المجتمع الأفغاني، مؤكدًا أن هذا لا يعني اعترافاً بل إنه مجرد إطار عمل وإيصال رسائل والاستماع إلى رسائلهم".