عاشت محافظة جنين، شماليّ الضفة الغربية، ليلة من التوتر الشديد، وعلى وقع ساعات من إطلاق النار المتواصل على مقراتها الأمنية، من قبل مسلحين وشبان غاضبين على خلفية اعتداء الأمن الفلسطيني على الشاب محمد زكريا الزبيدي ابن مخيم جنين ونجل الأسير زكريا الزبيدي، أحد أبطال نفق الحرية.
وتعرض مبنى "المقاطعة"، حيث مقر الأجهزة الأمنية الفلسطينية لأكثر من ست ساعات من إطلاق النار بشكل متواصل والعبوات المتفجرة محلية الصنع، حيث شارك عشرات المسلحين من مدينة جنين ومخيمها في إطلاق النار، تعبيراً عن غضبهم بعد الاعتداء على الزبيدي بالضرب، ونشر فيديو له وهو يتعرض للضرب من قبل عناصر من الأمن الفلسطيني.
وقال عمه، جبريل الزبيدي، في تصريح لـ"العربي الجديد": "فوجئنا يوم أمس الجمعة، بتعرض محمد ابن أخي زكريا للضرب على يد عناصر من الشرطة الفلسطينية، ونُقل مشهد ضربه ومحاولة بعض الناس التدخل للدفاع عنه ورد الشرطي (ما حدا يتدخل) عبر الفيديو".
وتابع قائلاً: "كان محمد نحو التاسعة من مساء الجمعة، في مدينة جنين ذاهباً ليشتري بعض حاجيات البيت، عندما عرفنا خبر اعتقاله وتعرضه للضرب مع اثنين من زملائه".
وأضاف: "لماذا يُضرَب محمد من الأساس، وما الذنب الذي اقترفه؟ هل كان مسرعاً بالسيارة؟ هل كان يتحدث بالهاتف وهو يقود؟ إذن لماذا لا تُوجَّه تهمة ومخالفة إليه كما هو القانون، لماذا الضرب والإهانة؟".
وأكد العم أن "هذه ليست المرة الأولى التي اعتُدي فيها على محمد بالضرب، قبل شهر اعتدت عناصر من الأمن عليه بالضرب، وذلك بعد مراقبته بسيارة مدنية، الأمر ليس صدفة أو عفوياً، هناك استهداف ونية مبيتة بالضرب والإهانة للفتى، في المرة الماضية لم يكن هناك من يصوّر الاعتداء عليه، أما هذه المرة فانتشار الفيديو سبّب غضباً وحالة رأي عام في مخيم ومدينة جنين".
وقال جبريل الزبيدي: "محمد لم يقم بأية مخالفة قانونية، ونحن على استعداد لتقديمه للقضاء إذا ثبت أنه قام بأي مخالفة قانونية، مثل قيادة السيارة بسرعة، أو الحديث على الهاتف خلال القيادة، ونحن نحاول كعائلة حمايته وأشقاءه، نظراً لوضع والده الحساس، فهو معتقل ويتعرض دائماً للعزل، ولا سيما بعد محاولة الهرب من سجن (جلبوع) عبر (نفق الحرية) قبل أربعة أشهر وإعادة اعتقاله وزملاءه، لذلك محمد لا يظهر أمام الإعلام، أو على منصات السوشال ميديا".
حالة من الغضب الشديد
وبعد انتشار فيديو ضرب الفتى محمد زكريا الزبيدي، عمّت حالة من الغضب الشديد في مخيم ومدينة جنين، وأطلق عشرات المسلحين النار على مقر الأجهزة الأمنية المعروف بـ"المقاطعة" في جنين، على مدار ساعات متواصلة استمرت من الحادية عشرة ليلاً وحتى الرابعة والنصف فجراً، حتى أُطلِق سراح الفتية الثلاثة المعتقلين.
واستخدم المسلحون الرصاص الحي والعبوات المتفجرة محلية الصنع، وهوجم عناصر أمن يحرسون مستشفى جنين الحكومي واعتُدي عليهم بالضرب، فيما أُطلِقَت النار على مراكز الشرطة الفلسطينية في بلدتي قباطية واليامون.
وأكد عم الفتى الزبيدي، قائلاً: "نحن عائلة عشنا وقدمنا الشهداء والأسرى للوطن، وكان دوماً سلاحنا موجهاً إلى الاحتلال، لماذا نُجَرّ إلى هذا المربع؟ من المستفيد من حالة الغليان التي عاشتها مدينة ومخيم جنين حتى فجر اليوم؟ لماذا يتعرض فتى عمره (17 عاماً) للضرب والسحل، ويُتناقَل فيديو ضربه عبر منصات السوشال ميديا؟".
وقال جبريل الزبيدي: "نريد توضيحاً من السلطة الفلسطينية بمستوياتها السياسية والأمنية حول الاعتداء على محمد ومحاسبة المعتدين، وننتظر حتى عصر اليوم، لنعرف وجهة نظرهم وإجراءاتهم بحق المعتدين".
وفجر اليوم، خرج عشرات المسلحين في مخيم بلاطة شرقي مدينة نابلس يدينون اعتداء الأمن الفلسطيني على ابن الزبيدي.
يشار إلى أن "العربي الجديد" حاول التواصل مع محافظ جنين ونائبه عبر الهاتف، لكنهما لم يردا على الاتصال.
"حماس" تدين اعتداء أمن السلطة
ودانت حركة "حماس"، اليوم السبت، بـ"أشد العبارات" الاعتداء "الآثم" لأجهزة أمن السلطة الفلسطينية على الشاب.
وقال الناطق باسم "حماس" فوزي برهوم، في تصريح وزع على وسائل الإعلام إنّ "تعمد تكرار اعتداءات أجهزة أمن السلطة على المناضلين والرموز الوطنية، ومواكب الأسرى المحررين، وأبناء الأسرى، عمل لا مسؤول وتجاوز خطير، تتحمل السلطة وأجهزتها الأمنية المسؤولية الكاملة عنه، ويستوجب محاسبة مرتكبيها".
ودعا برهوم "إلى إنهاء كل سياسات القمع والتعذيب والاعتقالات السياسية التي تمارسها أجهزة أمن السلطة بحق أبناء شعبنا في الضفة الغربية، وإطلاق سراح كل النشطاء والمعتقلين السياسيين".
وشدد على أنّ "المطلوب الوقوف إلى جانب الأسرى وإسنادهم وتعزيز صمودهم ورعاية أبنائهم وأسرهم، وليس الاعتداء عليهم وقمعهم بالطريقة الوحشية ذاتها التي يمارسها الاحتلال الصهيوني بحق أبناء شعبنا الفلسطيني".