عودة عشرات المختفين قسرياً في سجون السليمانية إلى كركوك

01 ديسمبر 2024
الأهالي بانتظار وصول أبنائهم المغيبين قسريا، كركوك 1 ديسمبر 2024 (علي مكرم غريب/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أُطلق سراح 40 شخصاً من العرب السنة في كركوك بعد 10 سنوات من اختطافهم على يد قوات البيشمركة، حيث كانوا محتجزين في سجون السليمانية بظروف غير إنسانية.
- جاء الإفراج نتيجة اتفاق سياسي بين قوى عربية والاتحاد الوطني الكردستاني، رغم تأخر التنفيذ، وسط ضغوط لمعرفة مصير أكثر من 5000 مغيب.
- لم تحقق اللجان الحكومية تقدماً في ملف المختفين قسرياً، بينما أُطلق سراح المعتقلين بعد صفقة سياسية، ولا يزال مصير الآلاف مجهولاً.

تسلّمت محافظة كركوك (250 كم شمال بغداد) دفعة أولى من أبنائها المختفين قسرياً ضمن عشرات العراقيين من العرب السنة أُطلق سراحهم، اليوم الأحد، بعد قرابة 10 سنوات من اختطافهم على يد قوات البيشمركة التابعة لحزب الاتحاد الكردستاني بزعامة بافل الطالباني. ووفقاً لمصادر أمنية في كركوك تحدثت لـ"العربي الجديد" وصل إلى المحافظة نحو 40 شخصاً من المختفين قسرياً والذين كانوا في سجون تابعة لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بمحافظة السليمانية، وجميعهم من العرب السنة، وقال أحد المصادر طالباً عدم ذكر اسمه إن "الضحايا بأوضاع صحية وعقلية متفاوتة بعد فترة سجن بظروف غير إنسانية وبينهم كبار بالسن".

وشكّلت الحكومة العراقية نهاية العام الماضي لجنة أمنية خاصة تتولى مهمة البحث والتقصي عن مئات المفقودين من أهالي محافظة كركوك، التي توجه أصابع الاتهامات لسلطات إقليم كردستان بالوقوف وراء عمليات اعتقالهم بين 2014 و2016 خلال سيطرة قوات البيشمركة على المحافظة وأغلبهم من السكان العرب السنة، وأجرت اللجنة زيارات متعددة إلى كركوك كذلك عقدت اجتماعات مع السلطات في كل من أربيل والسليمانية خلال الفترة الماضية.

وقال القيادي في "تحالف العروبة" بمحافظة كركوك، عزام الحمداني، لـ"العربي الجديد" إن "محافظة كركوك استلمت خلال الساعات الماضية ما يقارب الـ 40 شخصاً من الذين كانوا مغيبين في سجون محافظة السليمانية، وهذا الأمر جرى عبر اتفاق سياسي بعد تشكيل الحكومة المحلية والأيام المقبلة سوف نستلم مزيداً من المغيبين"، وأشار الحمداني إلى أن السنوات الماضية "شهدت اعتقالات بحق أبناء المكون العربي في محافظة كركوك من قبل الجهات الكردية بحجج مختلفة، والهدف منها كان هو التهميش والإقصاء. وقدمنا شكاوى رسمية بهذا الخصوص، ولدينا إحصائيات بشأن هؤلاء المغيبين الذين قد يتجاوزعددهم 5000 شخص".

وأضاف أنه "خلال تشكيل حكومة كركوك اتفقت قوى سياسية عربية مع الاتحاد الوطني الكردستاني على إطلاق سراح جميع المعتقلين والمغيبين من المكون العربي في محافظة السليمانية، واستجابة لذلك أُطلق سراح بعض المعتقلين رغم أن تنفيذ الاتفاق تأخر لأكثر من ثلاثة أشهر، لكن الضغوط العربية دفعت إلى تنفيذ الاتفاق". وأكد الحمداني أن "الاتحاد الوطني الكردستاني يدعي أن المعتقلين من عرب كركوك، لا يتجاوز عددهم في سجون السليمانية 100 شخص، ولا نعرف ما أسباب اعتقال هؤلاء طيلة السنوات الماضية ولا نعرف هل حُقق معهم أو جرى الحكم عليهم وبأي قضية، أم أنهم كانوا مختطفين". وشدد الحمداني على أن "ضغوط الأطراف السياسية العربية سوف تبقى مستمرة ومتواصلة لمعرفة مصير المختطفين والمغيبين في سجون إقليم كردستان. وسنعمل بالضغط على كشف مصير الآلاف في سجون أربيل وكذلك السليمانية، فلا يمكن التراجع عن هذا الأمر، خاصة أن هناك أدلة وشكاوى رسمية تؤكد اختطاف أبناء المكون العربي بهذه الصورة غير القانونية".

وخلال حكومتي حيدر العبادي ومصطفى الكاظمي، بين 2014 و2022، شُكلت لجان حكومية لمتابعة ملف المختفين قسرياً في محافظة كركوك المختلطة قومياً بين العرب والتركمان والكرد، لكن تلك اللجان لم تقم بأي إجراءات فعلية على الأرض، وظلت قراراتها على الورق وفقاً لما أكده محافظ كركوك السابق، راكان سعيد الجبوري، الذي اتهم صراحة سلطات الإقليم بتغييب الآلاف من أبناء كركوك طيلة السنوات التي سبقت عمليات فرض القانون.

لكن غياث السورجي، عضو الكادر المتقدم في حزب الاتحاد الكردستاني الحاكم في السليمانية، قال لـ"العربي الجديد" إن "ما حدث ليس إطلاق سراح، بل هناك معتقلون من أهالي كركوك عليهم تهم تتعلق بالإرهاب، ووفق اتفاق سياسي ما بين قوى عربية والاتحاد الوطني، جرى نقل ملفات هؤلاء المعتقلين إلى محافظة كركوك وليس إطلاق سراحهم". وبين السورجي أن "الذين نُقلوا عددهم أقل من 50 شخصاً وكلهم عليهم تهمة تتعلق بالإرهاب، وهم معتقلون وليسوا مغيبين"، مؤكداً أن "الأيام المقبلة ستشهد إرسال دفعات جديدة من هؤلاء المعتقلين إلى كركوك وفق الاتفاق السياسي الذي حصل". وأضاف السورجي أن "هناك من يريد استغلال الملف للتسقيط السياسي للترويج بأن هؤلاء كانوا مغيبين، بل هؤلاء كانوا في سجون رسمية".

من جهته، قال الناشط الحقوقي والمحامي علي العبيدي قال لـ"العربي الجديد" إن "وصف المختفين قسرياً ينطبق على من عاد إلى كركوك ليلة أمس، حيث لم يكن أحد يعلم أين هم وما مصيرهم وأين يحتجزون ومن يحتجزهم، وسبب احتجازهم، ولم يجر إبلاغ أهلهم بمصيرهم". وأضاف أن "سلطات حزب الاتحاد استخدمت الملف طويلاً باعتباره ورقة رابحة بمفاوضاتها مع القوى العربية السنية، والدليل أنهم أطلقوا سراحهم أو نقلوهم إلى كركوك بعد صفقة جرى من خلالها منح منصب المحافظ لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل الطالباني". وأكد العبيدي أن "مصير المئات ما زال مجهولاً والأهالي ينتظرون أي بادرة تصلهم للتعرف على مصير أبنائهم، الذين اعتُقلوا على يد قوات كردية بالسنوات الماضية، خاصة بين 2014 و2017".

ورغم وعود الحكومات الثلاثة السابقة في بغداد، بحسم ملف المغيبين قسرياً، يتخطى عددهم 40 ألف شخص، وغالبيتهم من العرب السنة جرى اقتيادهم من قبل مليشيات وجهات مسلحة بدوافع طائفية وعنصرية خلال سنوات الحرب على تنظيم "داعش"، من مناطق شمال وغربي العراق، إلا أن أي تقدم حقيقي لم يتحقق بهذا الملف حتى الآن.