عمدة إسطنبول يواجه تحقيقات بتوظيف متهمين... وخلافات داخل حزبه بشأن ترشحه للرئاسة

27 ديسمبر 2021
ينتمي إمام أوغلو إلى حزب "الشعب" الجمهوري المعارض (محمد إسر/الأناضول)
+ الخط -

يواجه عمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو تحقيقات بدأتها وزارة الداخلية التركية بشبهة توظيف أفراد متهمين بارتباطهم بتنظيمات محظورة، في وقت يشهد فيه حزبه خلافات تتعلق بترشحه لرئاسة الجمهورية.

وأعلنت وزارة الداخلية التركية، في بيان صادر عنها مساء أمس الأحد، عن بدء "التحقيقات، عبر تعيين مفتشين في بلدية إسطنبول، بتوظيف أفراد لهم علاقات بالتنظيمات المحظورة، وتشمل 455 شخصاً مرتبطين بحزب "العمال الكردستاني"، وأكثر من مئة مرتبطين بجماعات يسارية وبجماعة (الخدمة)، وفق بلاغات وشكاوى وصلت للوزارة، حيث ستتم التحقيقات بأوجه متعددة".

وأضافت الوزارة أنه "تم التثبت من أن بلدية إسطنبول وظفت أفراداً بترشيح من جمعية (ديايدير)، وهي مرتبطة بحزب العمال الكردستاني، وفق ما ثبت لدى قوى الدرك في إسطنبول، وأعدت مذكرة بحق الجمعية، وستكون ضمن التحقيقات التي تجرى في البلدية".

وينتمي إمام أوغلو إلى حزب "الشعب" الجمهوري المعارض، وكان مرشح تحالف "الشعب" المعارض الذي يضم عدة أحزاب، كما حظي بدعم الناخبين الأكراد في المدينة.

وفيما اعتبرت التحقيقات تضييقاً من الحكومة على البلدية، علّق وزير الداخلية سليمان صويلو، اليوم الاثنين، على الموضوع، مؤكداً أن "التحقيقات ليست سياسية، بل أمنية".

وأضاف صويلو، في تصريح له في أنقرة، أن "التحقيقات تجرى بسبب ارتباط الأفراد الموظفين بتنظيمات محظورة، وهذا يعني منع عملهم في مؤسسات الدولة".

وذكر أنه "في السابق كانت هناك عمليات مسلّحة من قبل حزب العمال الكردستاني استهدفت مؤسسات حكومية عبر موظفين لدى جهات رسمية في البلديات، وهؤلاء يعملون داخل مؤسسات هي عبارة عن غطاء سياسي لشرعنة عملهم"، مشددا على أنه "يحق للدول تنظيف هذه المؤسسات ومنع حصول أي عمليات مسلّحة مستقبلاً".

وأوضح الوزير التركي أنه "في حال حصلت عمليات مسلّحة مستقبلاً عبر هؤلاء، عندها سيسألون الحكومة أين أنتم؟ وما هي مهمتكم ومسؤولياتكم؟ هناك جمعية أسست بتعليمات مباشرة من عبد الله أوجلان (زعيم حزب العمال الكردستاني المعتقل)، تحت غطاء الدين، وتأكدنا أن بلدية إسطنبول وظفت أفراداً بمرجعية هذه الجمعية".

وتابع: "وصلت معلومات عن تعيين أفراد اشتركوا بعمليات مسلّحة ضد قوى الأمن، وعناصر طردوا من الخدمة بتهمة الانتماء لجماعة (الخدمة)، وبعض الموظفين تولوا مناصب حساسة، ويجب على الدولة اتخاذ الإجراءات ضد المسلّحين والمحظورين، وفق الصلاحيات الممنوحة للحكومة قانونيا، بالتحقيق في حال ورود معلومات".

وختم بالقول: "جرى اعتقال عدد منهم بعد متابعة استمرّت قرابة 6 أشهر.. التحقيقات أمنية وليست سياسية"، متهماً البلدية بـ"عدم مراجعة السلطات المعنية من أجل التأكد من سجل الموظفين الذين توجد بحقهم مذكرات عدلية"، مشدداً على أنه "من خلال التحقيقات، ستتم متابعة مراحل التوظيف، وفي حال عدم وجود أي تهمة للموظفين سيتم تركهم".

المعارضة التركية تردّ على بدء التحقيقات

وردّت المعارضة من جانبها على بدء التحقيقات، حيث قال زعيم حزب "الشعب" الجمهوري المعارض كمال كلجدار أوغلو، عبر "تويتر": "الشخص في القصر (الرئيس رجب طيب أردوغان) يبدو أنه يعاني من حالة جديدة. فهل يحضر لشيء ما في إسطنبول؟ نقول له لا تعتمد على عدد من أفراد فريقك الذين لديهم القدرة على التسبب في آلام للشعب. أنت شخص هارب من الانتخابات، فلا تتحمس كثيراً".

من جانبه، قال إمام أوغلو، عبر "تويتر" أيضاً: "لا أتجاوز على حق أحد، ولا أسمح لأحد بتجاوز حقوق الآخرين، وأقول إنني إلى جانب 86 ألف شخص عامل في إسطنبول (داخل البلدية)، ولا أسمح بإهانتهم، وإن كان هناك مذنبون أحاربهم حتى النهاية، ولكن من يهاجم البلدية سيرى قوة كبيرة أمامه".

بدورها، أصدرت البلدية، عبر حسابها الرسمي، بياناً مقتضباً قالت فيه عبر "تويتر": "إن كانت العناصر المتهمة بالإرهاب تستطيع التحرك بأريحية وتجد عملاً في البلدية، فهذا ليس مسؤولية بلدية إسطنبول، بل مسؤولية القوى الأمنية".

ومن الواضح أن القضية ستتواصل تبعاتها لاحقاً، خصوصاً في ظل حالة الاستقطاب السياسي في تركيا، والتي تربطها الأطراف السياسية بمحاولة الضغط على البلدية، التي تسيطر عليها المعارضة، فيما تدافع الحكومة عن حقها في فرض الأمن ومكافحة المشتبه بهم.

ملامح خلافات بين إمام أوغلو وكلجدار أوغلو

وفي سياق متصل بالمعارضة، كشفت وسائل إعلام عديدة عن وجود خلافات بين عمدة إسطنبول إمام أوغلو ورئيس حزب "الشعب" الجمهوري كلجدار أوغلو، وسبب ذلك رغبة الطرفين في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة التي ينتظر أن تجري في العام 2023.

وزادت طموحات إمام أوغلو في الترشح للانتخابات بعد الشعبية التي حصل عليها عقب فوزه بانتخابات البلدية في إسطنبول، فيما يسعى كلجدار أوغلو لتتويج مسيرته السياسية بانتصار على أردوغان، وهو ما لم يحقّقه منذ توليه رئاسة الحزب قبل أكثر من 10 سنوات.

وصرح كلجدار أوغلو أكثر من مرة بشأن ضرورة أن يتفرغ كلّ من عمدتي أنقرة وإسطنبول لخدمة البلدية وتحقيق الإنجازات، منعاً لحصول حزب "العدالة والتنمية" عليها في حال استقالة أحدهما، حيث إن غالبية المجلس بيد الحزب الحاكم.

وفي آخر تصريح له، قال كلجدار أوغلو، أمس الأحد، لصحيفة "جمهورييت": "يتم إبراز اسمي إمام أوغلو وعمدة أنقرة منصور ياواش للانتخابات الرئاسية المقبلة، ولكن لا يمكن ترك الحكم والإدارة في أنقرة وإسطنبول، ولا يمكن شرح ذلك للناخبين، إدارة الدولة أيضاً تحتاج لمن لديه خبرة في ذلك".

ورغم أن إمام أوغلو لم يعلن عن نيته الترشح، ولكنه لم ينفِ حتى الآن هذه الرغبة.

وفي أحدث تصريح له لصحيفة "واشنطن بوست"، نشر اليوم الاثنين، قال إمام أوغلو: "كل رئيس بلدية لإسطنبول يرغب بإدارة البلدية مرة أخرى، فهذا أمر قيم ومهم، ولكن هذا الأمر يتغير حسب الظروف".

واعتبرت وسائل الإعلام التركية أن تصريحات إمام أوغلو تشير بوضوح لعدم استسلامه في موضوع الترشح للانتخابات الرئاسية، حيث إن تحالف "الشعب" المعارض لا يزال يبحث عن مرشح توافقي يمكنه منافسة الرئيس أردوغان.

المساهمون