أعلنت عائلة الناشط والمعارض السياسي نزار بنات ومحاميها، بمساندة الهيئة الوطنية للعدالة لنزار بنات، اليوم الأربعاء، الانسحاب النهائي من المحكمة العسكرية الخاصة بالـ14 شخصا المتهمين بقتله، خلال عملية اعتقاله من جهاز الأمن الوقائي، في يونيو/حزيران الماضي، بعد سلسلة من إجراءات وسلوكيات اعتبرتها العائلة تؤثر على العدالة، وأن العائلة ستتوجّه إلى القضاء الدولي بشأن محاكمة المتهمين.
وقال غسان بنات، شقيق الراحل نزار، خلال مؤتمر صحافي عقدته العائلة مع محاميها غاندي الربعي والهيئة الوطنية للعدالة لنزار بنات، في رام الله اليوم، "إن العائلة قررت عدم العودة نهائياً للمحكمة مهما كانت الظروف".
وأكد غسان بنات أن العائلة لن تكون جزءًا من مسرحية هزلية، كما أعلن البدء بإجراءات أخرى لصالح قضية بنات، تتمثل في التوجه إلى القضاء الدولي في كافة دول العالم التي تسمح بذلك، محملًا السلطة الفلسطينية المسؤولية عن تدويل القضية.
وتابع بنات: "كان بودّنا أن نخرج بصورة أمام العالم بأن نظهر كشعب متحضّر يحتكم إلى القضاء وقادر على بناء دولته وإدارتها".
ويأتي هذا القرار بعد سلسلة ملاحظات نشرتها العائلة، كان آخرها الإعلان عن الإفراج عن المتهمين الموقوفين، خلال شهر رمضان وعيد الفطر، تحت مسمى "إجازة للعيد"، من دون أي سند قانوني أو موافقة من المحكمة.
ومع تقديره لجهود القضاة والنيابة العامة، طالبهم بنات بالاستقالة وتسجيل موقف، احتجاجا على "عدم احترام القانون"، وألا يكونوا "شركاء في دم نزار" أو سبباً من أسباب "تلوث قضيته العادلة".
وقال المحامي غاندي ربعي إنه أصيب بالصدمة عندما تأكد من خروج الموقوفين بدون موافقة المحكمة أو النيابة، ومن دون علمهما، مشيراً إلى أن ذلك لم يتكرر في التاريخ بهذه الصورة.
وتابع ربعي، إذا كان هناك قبول بمبدأ الإجازة، فلكل موقوف أخذ تلك الإجازة وتصبح العدالة "مسخرة"، حسب تعبيره، مؤكداً أنه لا يوجد أي نص في القانون يسمح بخروج موقوف إلى بيته من دون موافقة المحكمة، معتبراً أن ذلك جريمة جديدة، مطالباً القضاة بالتنحي عن القضية، ومعلناً التوجه إلى القضاء المدني والاستمرار في قضية بنات إلى النهاية.
وفي حديثه إلى "العربي الجديد"، قال الربعي: "هناك مسؤوليات أخرى لم يتم الاعتراف بها حتى الآن، فلم يتم تحمل المسؤولية عن الجريمة"، متابعا أنه يعتقد بوجود فرصة لمحاكمة المؤسسة والأشخاص القائمين عليها لمجرد وجودهم على رأس تلك المؤسسة، فهم مسؤولون عن الجريمة.
وأشار ربعي إلى عدم وجود اعتذار حتى اللحظة، وأنه سيدرس الأمر سريعاً للتوجه إلى القضاء المدني.
فيما أكد ممدوح العكر، عضو الهيئة الوطنية للعدالة لنزار بنات، في كلمة له، أنه لا يوجد في القانون ما يسمح بخروج الموقوفين في إجازة، بل إن ذلك متاح للمحكومين وفق إجراءات قانونية محددة، وقال: "لم نسمع بهذا على الإطلاق، ومن المخجل أن يحدث في فلسطين".
وأضاف العكر "هناك سلوكيات خلقت شكوكاً لدى الهيئة وتعمقت يوماً بعد آخر بما يعزز غياب العدالة، حيث رفضت السلطة الفلسطينية في البداية تحقيقاً مستقلاً، وأصرت على أخذ الأمر للمحكمة العسكرية، ورفضها تحويلها لمحكمة مدنية".
وتابع العكر: "لمسنا تسويفاً ومماطلة في التعاطي مع القضية، وأكثر من ذلك اعتقال شهود، إضافة إلى ممارسات عززت الشكوك، ليتبين أن الهدف كان المماطلة والسعي إلى حرق الحقيقة وخلق أدلة وهمية، وكانت الطامة بالإفراج عن بعض المتهمين أو كلهم خلال إجازات في الأعياد، بكل ما يمكن أن يسببه ذلك".
وبيّن العكر تفهّم الهيئة التام لقرار العائلة والطاقم القانوني، مطالبتها الجهات المختصة بالإجابة عن الأسئلة، وأن العدالة وإن تأخرت فلا يمكن إنكارها.
وأشار العكر إلى أن هناك استنتاجا مهما بأن رفض تشكيل لجنة تحقيق مستقلة وأخذ الموضوع تجاه القضاء العسكري والمماطلة وتأخير العدالة هو إنكار لها، والاستنتاج الأقوى أنه "لولا أن هناك ما يخفونه لما لجؤوا إلى ذلك (...) وحتى الأساليب التي يتم اتباعها للوصول إلى حل عشائري هي أساليب مخزية".
تضمّن بيان عائلة بنات سلسلة مما قالت إنها إجراءات شابت المحاكمة، وهي اعتقال شاهد رئيسي للعائلة، وسلوك المستوى السياسي والأمني بحماية فريق الاغتيال، وترفيع قيادات أمنية في جهاز الأمن الوقائي لهم مسؤولية في حادثة اغتيال بنات، وعلى رأسهم رئيس الجهاز زياد هب الريح (رقّي إلى رتبة وزير الداخلية).
كما نبّه البيان إلى سياسة المماطلة في المحكمة، وتشويه ملف القضية باستحضار أشخاص من خارج إطار القضية وتعريفهم على أنهم شهود، رغم أنهم من "أصحاب السوابق". إضافة لما وصفته بـ"ظروف الرفاهية" للمتهمين من خلال تواجد هواتفهم معهم، ونشاطهم المستمر على مواقع التواصل الاجتماعي، وخروجهم في شهر رمضان.