عائلات معتقلين سياسيين لدى السلطة الفلسطينية ترفض تحويلهم لـ"جنائيين"

07 سبتمبر 2022
خلال اعتصام أهالي المعتقلين السياسيين أمام المحكمة في رام الله (العربي الجديد)
+ الخط -

أصبح الطفل الرضيع كرم هريش أصغر متظاهر يتضامن مع والده أحمد هريش المعتقل لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية في سجن أريحا في الضفة الغربية؛ بعد عشرين يوماً فقط من ولادته يشارك اليوم الأربعاء، في اعتصام لأهالي المعتقلين السياسيين أمام محكمة بداية رام الله وسط الضفة الغربية.

يأتي ذلك في وقت قررت فيه العائلات وقف زيارة أبنائها في سجن أريحا، مطالبة بنقلهم إلى أماكن سكناهم، ورفض تحويل ملفات أبنائها من "سياسية" إلى ملفات "جنائية".

وتقول والدة كرم، فاطمة زلوم لـ"العربي الجديد": "ليس من السهل أن تحضره للاعتصام للمطالبة بالإفراج عن والده وهو بعمر لم يتجاوز 20 يوماً، ويحتاج فيه الحماية والبيئة الآمنة"، موضحة أن البلاد ضاقت بها لهذه الدرجة لتجلب طفلها، لعل وعسى يحرك في القلوب ساكناً.

وعلم المعتقل هريش كما تقول زوجته، بولادة طفله بعد مدة وليس باللحظة ذاتها، رغم المطالبات المستمرة من العائلة؛ ولم تسفر تلك المطالبات سوى عن اتصال هاتفي لدقائق معدودة، ولتضطر العائلة في اليوم العاشر من ميلاد كرم إلى أخذه لزيارة أبيه في سجن أريحا حتى يراه بعد اعتقال قارب 100 يوم.

عائلات المعتقلين توقف زيارة أبنائها في أريحا مطالبة بنقلهم إلى رام الله

واختارت عائلات 8 معتقلين في سجن أريحا معظمهم معتقل منذ ما يقارب ثلاثة أشهر؛ أن تعتصم هذه المرة أمام محكمة بداية رام الله، بعد أن كانت قد اعتادت الاعتصام أسبوعياً على دوار المنارة وسط رام الله، لتقرر وقف الزيارات لأبنائها في أريحا.

تقول ثورة محمد والدة المعتقلين جهاد وسعد وهدان، لـ"العربي الجديد": "توقفت منذ مدة عن زيارة ابني في سجن أريحا، وكنت زرت ابني جهاد وقت احتجازه في زنزانة انفرادية"، لكنها أكدت أن "الرحلة صعبة، وهي تعاني من أمراض ضغط وسكري، كما تمتاز الأجواء في أريحا بالحرارة الشديدة، ما يشكل صعوبة عليها وعلى الأطفال الصغار الذين يذهبون للزيارة".

وبينما أكدت استمرارها بالإضراب عن الطعام منذ أسبوعين، من أجل نجليها، طالبت بنقلهم إلى رام الله على الأقل، مستنكرة استمرار اعتقالهم، قائلة: "يريدون محاكمتهم جنائياً لماذا؟ هم ليسوا مجرمين، أبناؤنا يدافعون عن وطنهم، وما فعلوه ليس خاطئاً، ومن حقهم أن يتم تكريمهم لا محاكمتهم".

وتأتي خطوة الأهالي بامتناعهم عن زيارة أبنائهم في سجن أريحا، بعد أسبوع على إحالة ملف المعتقلين إلى المحكمة وتقديم لائحة اتهام بحقهم.

ونظمت العائلات الوقفة بالتزامن مع تقديم طاقم الدفاع من مجموعة "محامون من أجل العدالة" الحقوقية طلباً جديداً لإخلاء سبيل المعتقلين، يضاف للعديد من الطلبات التي تم رفضها، كما أكدت أسماء هريش شقيقة المعتقل أحمد هريش لـ"العربي الجديد".

وتطالب العائلات بشكل أساسي بالإفراج عن المعتقلين وإنهاء ملف الاعتقال السياسي كما قالت هريش في بيان قدمته للصحافيين باسم الأهالي، أمام مبنى المحكمة، لكن العائلات تطالب أيضاً بشكل عاجل؛ بنقل المعتقلين من مكان اعتقالهم الحالي في مدينة أريحا، إلى مكان سكنهم ومكان محاكمتهم رام الله، حيث نقلوا الأربعاء الماضي، للمثول أمام محكمة بداية رام الله وأعيدوا إلى أريحا.

تحويل المعتقلين للمحكمة دون علم عائلاتهم

وتقول هريش: "إنه تم تحويل ملفهم إلى المحكمة، وتقديم لائحة اتهام ضدهم دون علم عائلاتهم ومحاميهم سوى في الساعة الأخيرة، وأجلت الجلسة إلى 21 من الشهر الجاري". كما دعت هريش في كلمتها إلى الأخذ بالاعتبار ظروفهم الإنسانية أسوة بالمتهمين بمقتل المعارض نزار بنات، الذين يحاكمون وهم طلقاء خارج السجن.

وقالت هريش: "إن أمهات ثلاثة معتقلين سياسيين مضربات عن الطعام، ويحتاج شقيقها لاحتضان طفله، كما ينتظر المعتقل أحمد الخصيب مولودته منى في أي لحظة".

وكانت مجموعة "محامون من أجل العدالة" أعلنت في 31 أغسطس/آب الماضي، إحالة ملفات 6 من المعتقلين إلى المحكمة، هم؛ أحمد هريش، وأحمد خصيب، ومنذر رحيب، وجهاد وهدان، وقسام حمايل، وخالد النوابيت، بعد قرابة 3 أشهر من الاعتقال، كما أكدت أن المحكمة أبلغت محاميها بتقديم لائحة الاتهام بحقهم، والتي بنيت بحسب المجموعة، على تهمة "جنائية" تتعلق بنشاطهم السياسي، وقالت المجموعة: "إنها تفاجأت بإعادة نقلهم إلى أريحا رغم انتهاء التحقيق معهم".

وكان المتحدث الرسمي باسم المؤسسة الأمنية الفلسطينية، المفوض السياسي العام طلال دويكات، قد نفى، في بيان صحافي أصدره في 23 أغسطس/آب الجاري، وجود اعتقالات سياسية أو ملاحقة لأحد إلا في إطار معالجة قضايا الخروج عن القانون والنظام وحفاظاً على السلم الأهلي، جاء ذلك في رد له على بيان مشترك لحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" يستنكر الاعتقالات السياسية.

وردت مجموعة "محامون من أجل العدالة" على بيان دويكات في اليوم ذاته، بإعلانها توثيق 117 حالة اعتقال سياسي لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية، التي تتبع السلطة الفلسطينية منذ بداية شهر يونيو/حزيران الماضي، بينهم 6 معتقلين في سجن أريحا، إلى جانب اعتقالات على ذمة المحافظين دون عرض على المحاكمة.

المساهمون