صدور مرسوم حل مجلس الأمة الكويتي.. خطوة إضافية لطي صفحة الأزمة السياسية بين الحكومة والبرلمان
أعلنت دولة الكويت، اليوم الثلاثاء، صدور مرسوم أميري بحل مجلس الأمة (البرلمان)، وذلك وفق المادة 107 من الدستور، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الكويتية (كونا).
وجاء صدور قرار حل مجلس الأمة بعد أداء الحكومة الكويتية الجديدة، برئاسة رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد النواف الأحمد الصباح، اليمين الدستورية صباح اليوم الثلاثاء في قصر بيان، أمام نائب الأمير وولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح ثم عقدها أولى جلساتها. ورفعت عقب اجتماعها مباشرةً مرسوم حل مجلس الأمة إلى أمير الكويت، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، على أن تكون من أبرز مهماتها للفترة المقبلة استكمال الترتيبات القانونية اللازمة لإجراء انتخابات جديدة.
وتمنح المادة 107 من الدستور الكويتي لأمير الكويت الحق بأن "يحل مجلس الأمة بمرسوم تبين فيه أسباب الحل، على أنه لا يجوز حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى"، وأن تُجرى الانتخابات للمجلس الجديد في "ميعاد لا يجاوز شهرين من تاريخ الحل"، وإلا "يسترد المجلس المنحل كامل سلطته الدستورية، ويجتمع فوراً كأن الحل لم يكن، ويستمر في أعماله إلى أن ينتخب المجلس الجديد".
وجاء في مرسوم حل مجلس الأمة، الذي رفعه مجلس الوزراء إلى أمير البلاد، ونشرته وكالة الأنباء الرسمية أن القرار أتى "تصحيحاً للمشهد السياسي وما فيه من عدم توافق وعدم تعاون واختلافات وصراعات وتغليب المصالح الشخصية وعدم قبول البعض للبعض الآخر وممارسات وتصرفات تهدد الوحدة الوطنية وجب اللجوء إلى الشعب باعتباره المصير والامتداد والبقاء والوجود ليقوم بإعادة تصحيح المسار بالشكل الذي يحقق مصالحه العليا".
وصدر المرسوم عن ولي العهد، إذ أنه وفقاً لمرسوم أميري صدر في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قضى باستعانة أمير الكويت بولي العهد "لممارسة بعض الاختصاصات الدستورية للأمير وبصفة مؤقتة".
ويُطوى بصدور مرسوم حل مجلس الأمة رسمياً أحد فصول الأزمة السياسية بين البرلمان والحكومة في الكويت، والتي بدأت مع انتخابات مجلس الأمة التي جرت في 5 ديسمبر/ كانون الأول 2020، وصولاً إلى 22 يونيو/ حزيران الماضي، حين أعلن أمير الكويت، عبر خطاب ألقاه نيابةً عنه ولي العهد، في كلمة بُثتّ عبر تلفزيون الدولة الرسمي، عن حل مجلس الأمة دستورياً، والدعوة إلى انتخابات عامة.
وجاء في الخطاب الأميري حينها "أننا لن نحيد عن الدستور، ولن نقوم بتعديله، ولا تنقيحه ولا تعطيله، ولا تعليقه ولا حتى المساس به"، وأكد على عدم التدخل في خيارات الشعب لممثليه في مجلس الأمة القادم، وأن المجلس سيكون سيد قراراته.
ورحّب عدد من أعضاء مجلس الأمة، بصدور مرسوم حل البرلمان. وكتب رئيس المجلس، مرزوق الغانم، على حسابه في "تويتر": "حل المجلس حق دستوري أصيل لصاحب السمو والقيادة السياسية، وكلنا ثقة بتقديرها، كما أنني واثق من أن الحل فرصة ذهبية سانحة، سيجسد فيها الشعب الكويتي قدرته على كشف من يمثله، ومن يمثل عليه، ولنا في التاريخ النيابي الكويتي دلائل وشواهد". والغانم كان مقرّباً من رئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ صباح الخالد، وشكّل معه تحالفاً ساهم بشكل رئيسي في تصاعد الأزمة السياسية بين الحكومة والبرلمان، التي أدت في نهاية المطاف إلى الإطاحة بالحكومة.
من جهته، غرّد النائب خالد العتيبي قائلاً: "شكراً لسمو أمير البلاد لانتصاره للإرادة الشعبية، وحل مجلس كان عقبة أمام طموح المواطنين، نتمنى أن تكون الانتخابات القادمة مرحلة جديدة تعوض ما تم استنزافه من وقت، ونأمل أن تكون تركيبة المجلس والحكومة قادرة على النهوض بالبلد، ومعالجة إخفاقات ونهج السنوات الماضية".
من جانبه، غرّد النائب حمد المطر، ممثل "الحركة الدستورية الإسلامية" (حدس) في البرلمان، وهي الجناح السياسي لـ"الإخوان المسلمين" في الكويت، قائلاً: "مرجعنا وملاذنا بعد الله سبحانه هو شعبنا الذي آمن بتصحيح الأوضاع، وأتت الاستجابة الكريمة في الخطاب السامي لتطلعات الأمة، نتطلع لمرحلة جديدة ننتقل فيها جميعاً من الألم إلى الأمل، ومن الاستنزاف إلى استشراف المستقبل".
بدوره، كتب النائب بدر الملا مغرداً: "حماية الدستور من عبث العابثين كان هو الإنجاز الأكبر لمجلس 2020، وتماسك كتلة الخمسة التي أتشرف بعضويتها خلف الأجندة الوطنية أتى بثماره، لذلك أتشرف بالعودة للأمة التي تشرفت بتمثيلها".
وحول ذلك، قال الناشط السياسي، ناصر جمال العصيمي، في حديث مع "العربي الجديد" إن حل مجلس الأمة جاء نتيجة "انسداد آفاق كل الحلول الممكنة".
وأشار العصيمي إلى أن نتائج انتخابات مجلس الأمة 2020 جاءت "برسائل واضحة تُعبّر عن رغبة الشعب بأهمية التغيير، وبرغبتها بتمثيله الحقيقي عبر السلطتين التنفيذية والتشريعية، لتكون البوابة لتحقيق تطلعاته وآماله، وهي الرسالة التي تعمّد الرئيسان (رئيسا السلطتين التنفيذية والتشريعية) وأعوانهما تجاهلها، وحاولا سلب إرادة الشعب عبر تحالفهما، بالإضافة إلى سيطرتهما على مفاصل الدولة، لتحقيق مآرب ضارة للبلد وأهله، واستئثارهما بالمناصب بعكس الإرادة الشعبية".
وعلى حد تعبير العصيمي فإن ذلك "هو ما ساهم بشكل كبير في سخط الناس".
كما اعتبر المتحدث ذاته أن حل مجلس الأمة أتى "بإرادة أميرية في خطاب تاريخي، استجابةً لرغبة الأمة، وحفاظاً على مكتسباتها وأهمها الدستور الكويتي"، وبأن الخطاب تضمّن "تعهدات بحل مجلس الأمة، وهو ما تم ليقول الشعب كلمته بحرية، وبعدم التدخل في انتخابات رئيس المجلس واللجان، في سابقة تاريخية لم تحدث من قبل".
ويرى العصيمي أن "المشهد السياسي القادم يحمل آمالاً وتطلعات كبيرة، تأتي مواكبة لمضامين الخطاب الأميري، لتحقيق الإصلاح المنشود ونهضة البلد وانتشاله مما خلفته الحقب السابقة، عبر برامج وطنية ورؤى إصلاحية تتبناها السلطتان التشريعية والتنفيذية، وتبدأ بضرورة إقرار حزمة قوانين وقرارات تتضمن محاربة الفساد ورفع الظلم عن المظلومين، ووصولاً إلى نظام انتخابي عادل يضمن حسن الاختيار، ويعكس إرادة الأمة ويكرّس العمل الجماعي، ويعزز الشفافية والنزاهة ليكون بوابة الإصلاح السياسي".
وعلى جانب متصل، نشر مركز التواصل الحكومي تصريحاً لوزير المالية ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار عبد الوهاب الرشيد، قال فيه إنه "بتوجيه من رئيس مجلس الوزراء، واحتراماً لحق الأمة في مراقبة وإقرار الميزانية"، قرر مجلس الوزراء "عدم اللجوء إلى مراسيم الضرورة، لربط ميزانية الوزارات والإدارات الحكومية، وقوانين ربط ميزانيات الهيئات الملحقة والمؤسسات المستقلة للسنة المالية 2022-2023، والانتظار إلى ما بعد الانتخابات القادمة، وإقرارها من خلال مجلس الأمة".