شولتز في باريس: توافق مع ماكرون حول أوروبا وأوكرانيا

10 ديسمبر 2021
أكد الزعيمان عزمهما "العمل معاً" في مواجهة التحديات الدولية الكبرى (Getty)
+ الخط -

أظهر المستشار الألماني الجديد أولاف شولتز والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الجمعة، "تطابق وجهات النظر" بينهما حول أوروبا، وعزمهما "العمل معاً" في مواجهة التحديات الدولية الكبرى.

وعملاً بتقليد طويل متبع منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، توجه المستشار الاشتراكي الديمقراطي الذي خلف أنجيلا ميركل الأربعاء، إلى باريس فور توليه أول الملفات الداخلية في برلين.

وبحث شولتز وماكرون مجموعة كبيرة من المواضيع راوحت من الاتحاد الأوروبي إلى الأزمة الأوكرانية، وأكدا عزمهما وضع الثنائي الألماني الفرنسي "في خدمة" أوروبا.

وقال ماكرون، خلال مؤتمر صحافي مشترك، إنّ "هذه المحادثات الأولى تعكس بوضوح كبير تطابقاً متيناً في وجهات النظر".

من جهته، أفاد شولتز عن "مقاربات بنّاءة كثيرة"، استعداداً للرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي والرئاسة الألمانية لمجموعة السبع في 2022. وأضاف "إنني واثق بأن العلاقات الفرنسية الألمانية ستواصل الازدهار"، بعدما أكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك الخميس في فرنسا أنه "بإمكانكم الاعتماد على دعم ألمانيا".

ومن الجلي أن أوروبا كانت في طليعة جدول أعمال القمة الثنائية، قبل 21 يوماً من بدء الرئاسة الفرنسية للاتحاد، وغداة عرض الرئيس الفرنسي أولوياته تحت عنوان "أوروبا أقوى".

وصرح الرئيس الفرنسي "في المسائل الاجتماعية ومواضيع التحول البيئي والرقمي، والرد المشترك على تحديات الهجرة ومسائل الاستثمار أو الانفتاح الدستوري، أبدينا حقاً عزماً على العمل معاً".

نمو ومالية "متينة"

وفي مؤشر إلى المكانة المحورية لأوروبا في برنامج الحكومة الألمانية الجديدة، توجه المستشار بعد باريس إلى بروكسل، حيث التقى قادة مؤسسات الاتحاد الأوروبي تحضيراً للقمة الأوروبية في 16 و17 ديسمبر/كانون الأول.

ويتوجه شولتز الأحد إلى بولندا، التي تخوض نزاعاً مفتوحاً مع الاتحاد الأوروبي محوره دولة القانون وسيادة القانون الأوروبي.

وتعكس خريطة الطريق للعهد الجديد من أربع سنوات التي وقعها شولتز (63 عاماً) مع شريكيه الخضر والليبراليين في الائتلاف الحكومي، طموحات جديدة على صعيد السياسة الأوروبية، بعد الفتور الذي خيم في عهد ميركل.

ويمضي برنامجه أبعد حتى من رؤية ماكرون، إذ يتحدث عن "تطور الاتحاد الأوروبي نحو دولة فيدرالية أوروبية"، وهو موضوع يُعتبر من المحرمات في بعض دول الاتحاد الأوروبي، بما فيها فرنسا، غير أن باريس تترقب أن يعطي اندفاعة جديدة لأوروبا.

لكن من المتوقع أن تكون المحادثات صعبة حول الطاقة النووية، في ضوء دعوة فرنسا إلى إدراجها ضمن قائمة أوروبية لمصادر الطاقة "الخضراء"، تمكّن من الحصول على تمويل محدد، وهو ما يرفضه أنصار البيئة الألمان، وخصوصاً مرشحتهم السابقة للمستشارية أنالينا بيربوك التي تتولى حقيبة الخارجية في الحكومة الجديدة.

ولزم شولتز الحذر في هذا الموضوع، مكتفياً بالإشارة إلى أن بلاده راهنت على "تطوير مصادر الطاقة المتجددة".

وفي ما يتعلق بتمويل الانتعاش الاقتصادي الأوروبي، وهو موضوع قد يثير خلافاً مع باريس، شدد على أن النمو و"مالية متينة" لا "يتعارضان"، مبدياً ثقته بأن باريس وبرلين "ستتوصلان إلى مفاهيم مشتركة" بهذا الصدد.

وساطة حول أوكرانيا

على صعيد آخر، يدعو ماكرون إلى "إعادة صوغ" القواعد التي تحكم العجز في الميزان العام ومديونية كل من الدول الأعضاء في منطقة اليورو، من أجل تمويل قيام شركات صناعية كبرى جديدة في أوروبا وتعزيز "سيادتها".

غير أن هذه المسألة قد تواجه معارضة وزير المالية الألماني الليبرالي كريستيان ليندنر، الشديد التمسك بنهج مالي صارم على غرار الحكومات السابقة في برلين.

كما أبدى المسؤولان عزمهما مواصلة الوساطة الفرنسية الألمانية في الأزمة الأوكرانية، في حين بات الرئيس فلاديمير بوتين يفضل حواراً مباشراً مع واشنطن بهذا الصدد.

وأكد شولتز أن هذه الوساطة تشكل "قاعدة إيجابية"، فيما أوضح ماكرون أن "أرادتنا المشتركة هي أن نواصل هذا الحوار" مع موسكو وكييف.

ولاحقاً، أوردت الرئاسة الفرنسية في بيان أن الجانبين الفرنسي والألماني سيبحثان "المبادرات الواجب اتخاذها لتهدئة التوتر، وفتح أفق حلّ دائم للنزاع في دونباس".

وأجرى ماكرون اتصالاً هاتفياً اليوم الجمعة بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على أن يبادر إلى الخطوة نفسها "في الأيام المقبلة" مع بوتين.

وكان شولتز قد هدّد الأربعاء بـ"عواقب" محتملة على خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" الذي يربط روسيا بألمانيا، في حال شنّت موسكو هجوماً على أوكرانيا، مخالفاً بذلك سياسة ميركل التي كانت تدعم بشكل مطلق مشروع خط الأنابيب المثير للجدل.

مكالمة من بايدن

وفي وقت لاحق، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أنه تحدث مع شولتز، الجمعة، لتهنئته على توليه منصبه، وأنه يتطلع إلى العمل معا في قضايا من بينها التعزيز العسكري الروسي بالقرب من أوكرانيا.

وكتب بايدن على "تويتر": "أتطلع إلى العمل بشكل وثيق معا بشأن مجموعة كاملة من التحديات العالمية من بينها الجهود عبر الأطلسي للتصدي للتعزيزات العسكرية الروسية المزعزعة للاستقرار على طول الحدود الأوكرانية".

(فرانس برس)

المساهمون