- الهجوم، الذي شارك فيه حوالي 1500 مستوطن تحت حماية الاحتلال، تضمن إحراق منازل ومركبات وأشجار، وكتابة شعارات عنصرية، مما أظهر صعوبة في حصر الأضرار.
- الردود تضمنت تحذيرات من الرئاسة الفلسطينية ودعم من رئيس الوزراء لأهالي المغير، مع دعوات من حركة فتح للتصدي لعدوان المستوطنين والتأكيد على التواطؤ بين المستوطنين وجيش الاحتلال.
انسحب المستوطنون وقوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الجمعة، من قرية المغير شرق رام الله وسط الضفة الغربية، وانتشروا على أحد الجبال القريبة، بعد ساعات من الهجوم الدموي الذي نفذوه، والذي أدى إلى استشهاد شاب يدعى جهاد عفيف أبو عليا، وإحراق مركبات ومنازل وأشجار، فضلاً عن قتل أغنام، بينما بلغ مجمل عدد الإصابات التي وصلت إلى المشافي من بلدة المغير 25 إصابة بجروح متفاوتة بين طفيفة ومتوسطة وخطيرة، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
وهاجم المستوطنون أطراف قرية المغير بزعم البحث عن مستوطن أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي فقدانه، وهو راعي أغنام يبلغ من العمر 14 عاماً، فُقدت آثاره منذ صباح اليوم بعد مغادرته بؤرة استيطانية، في حين أطلقت والدته نداء للمساعدة في البحث عنه.
وأكد نائب رئيس مجلس قروي المغير، مرزوق أبو نعيم، لـ"العربي الجديد"، أن نحو 1500 مستوطن شاركوا في الهجوم الدموي على القرية بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، كان 500 منهم يقفون على أطراف القرية، ونحو ألف مستوطن جاؤوا بأكثر من مائتي سيارة وهاجموا منازل القرية وممتلكاتها.
وأوضح أبو نعيم أنه بالإضافة إلى استشهاد الشاب أبو عليا وإصابة آخرين، نتج عن الهجوم حرق نحو 30 منزلاً ونحو 60 مركبة و7 مزارع ومئات الأشجار بشكل كلي، فيما تضررت منازل ومركبات أخرى، وخط المستوطنون شعارات عنصرية باللغة العربية، بينما يواصل الأهالي حصر الأضرار.
وأظهرت الفيديوهات المتداولة من قرية المغير أضراراً بالممتلكات والمركبات، التي التهمت النيران جزءاً منها. وسُمعت مناشدات من خلال مكبرات أحد المساجد لسكان قرية المغير بالتحرك والدفاع عنها في وجه هجوم المستوطنين المسلحين. في غضون ذلك، أفادت مصادر عبرية بإصابة ثلاثة من جنود الاحتلال الإسرائيلي جراء مواجهات في قرية المغير، بجراح طفيفة.
تغطية صحفية: مشاهد أخرى لاشتعال النيران بمركبات الأهالي بعد أن أحرقها المستوطنون في بلدة المغير. pic.twitter.com/2StMMW2XPd
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) April 12, 2024
وفي وقت سابق اليوم، باشر عدد كبير من القوات الإسرائيلية من وحدات مختلفة، بما في ذلك الوحدات الخاصة وجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، أعمال بحث في محيط البؤرة الاستيطانية "ملآخي شالوم"، وعمل جزء من القوات على تطويق بلدات فلسطينية في المنطقة. وتفحص المؤسسة الأمنية الإسرائيلية جميع الاتجاهات، بما في ذلك احتمال تعرض المستوطن للخطف أو لأي حدث أمني آخر. ونقلت وسائل إعلام عبرية عن مصدر أمني لم تسمّه قوله إنه على الرغم من عدم وجود معلومات استخبارية بشأن ذلك، يأخذ جيش الاحتلال الحدث على محمل الجد "ولا تزال جميع الاحتمالات واردة".
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان مقتضب، بثّته إذاعته الرسمية: "أصيب 3 جنود بجروح طفيفة جراء رشق الحجارة عليهم في المغير". وأضاف: "كما دخل عدد من المستوطنين إلى البلدة وبدؤوا بإشعال النار في المركبات".
ويواجه أهالي قرية المغير خطوات يعتبرون أنها "ممنهجة ومنسقة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين للضغط عليهم من أجل توفير بيئة تسمح بالسيطرة على أراضٍ تابعة للقرية، وتقع خصوصاً في منطقة تشرف على الأغوار الفلسطينية شرقاً". ويؤكد أهالي المغير أن الاعتداءات عليهم وعلى ممتلكاتهم لا تتوقف، لكن الحصار المفروض عليهم أسلوب جديد للاحتلال من أجل فتح قناة تفاوض معهم لتوفير الأمن للمستوطنين، ووقف التصدي لتوسيع رقعة سيطرتهم على الأراضي.
وفي قرية دير أبو فلاح، المجاورة، شمال شرق رام الله، أصيب 5 فلسطينيين بجروح مختلفة باعتداء مستوطنين مسلحين، في وقت أحرقوا فيه عدداً من المركبات، بحسب ما أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني في بيان له. كما هاجم مستوطنون بلدة دوما، جنوب مدينة نابلس شمالي الضفة.
الرئاسة الفلسطينية تحمّل الإدارة الأميركية مسؤولية جرائم المستوطنين
من جهته، حذر الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، مساء اليوم الجمعة، من خطورة استمرار جرائم المستوطنين الإرهابيين بدعم وحماية من قوات الاحتلال الإسرائيلي على المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية، مشيراً إلى ما حصل اليوم في قرية المغير شمال شرق رام الله، حيث استشهد مواطن وأصيب آخرون وأحرقت منازل ومركبات.
وقال أبو ردينة في بيان صحافي، إنّ "هذه الاعتداءات والجرائم من مليشيات المستوطنين الإرهابية ما هي إلا نتيجة لاستمرار حرب الإبادة التي تشنها دولة الاحتلال الإسرائيلي على شعبنا ومقدساته وممتلكاته"، محملاً حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم. وأضاف أن "حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة، واستمرار جرائم القتل والاعتقال في الضفة الغربية والقدس الشرقية، واعتداءات المستوطنين المتصاعدة، والمساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية، تتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً، خاصة من الإدارة الأميركية، من أجل إلزام سلطات الاحتلال على وقف جرائمها التي انتهكت جميع المحرمات في القانون الدولي، خاصة قرار محكمة العدل الدولية الذي طالب إسرائيل بوضوح بوقف حربها على شعبنا".
وحمل أبو ردينة الإدارة الأميركية المسؤولية عن هذا التصعيد، وطالبها بالعمل الفوري على إجبار إسرائيل على وقف عدوانها الشامل على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته، ووضع حد لكل الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال والمستوطنين.
من جانبه، قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى في تصريح له، انه أجرى اتصالًا هاتفياً برئيس مجلس قروي المغير شرق رام الله، وأنه أوعز إلى الجهات المختصة بتقديم كل ما يلزم من دعم ومساندة لأهالي قرية المغير، عقب اعتداء عصابات المستوطنين بحماية قوات الاحتلال على القرية وممتلكاتها، وما تبع ذلك من استشهاد شاب وإصابة عشرات المواطنين، وإحراق عشرات البيوت والمركبات.
وأكد رئيس الوزراء الفلسطيني أن هجمات المستوطنين لن تثني الشعب الفلسطيني عن الصمود على أرضه، وإفشال مخططات التهجير والطرد لمصلحة عصابات المستوطنين الإرهابية، وأن فلسطين مستمرة في مساعيها القانونية لمطالبة المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة غُلاة المستوطنين وقياداتهم.
أما حركة فتح فقد دعت إلى النفير العام، والتصدي لعدوان المستوطنين على قرية المغير شمال شرق رام الله، مؤكدة أن هذه الاعتداءات التي نجم عنها استشهاد مواطن، وإصابة العشرات، وحرق المنازل والممتلكات، تتم بتواطؤ مع جيش الاحتلال وشرطته.
وقالت فتح في بيان صحافي، إن "عدوان المستوطنين الهمجي بتواطؤ مع جيش الاحتلال على قرية المغير يتزامن مع العدوان المتواصل على شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية، ما يؤكد المآرب التصعيدية لحكومة الاحتلال المتطرفة التي تسعى من خلال هذه المجازر الشنعاء إلى تطبيق مخططاتها الإبادية لوجود شعبنا الأزلي"، مؤكدة أن العقوبات الفردية لا تعد ردعاً فاعلاً للمستوطنين التي يتم تسليحها علانية من حكومة الاحتلال المتطرفة.