شهداء خلية كتائب القسام في طولكرم... عمليات نوعية تلبية لغزة

06 مايو 2024
أنقاض المنزل الذي تحصن به المقاومون في دير الغصون، 5 إبريل 2024 (ناصر اشتية/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في دير الغصون بالضفة الغربية، اشتباك مسلح استمر 15 ساعة بين مقاومين فلسطينيين وقوات إسرائيلية أسفر عن إصابة جندي إسرائيلي واستشهاد خمسة فلسطينيين، مكشفًا عن خلية لكتائب القسام مسؤولة عن عمليات نوعية.
- كتائب القسام وسرايا القدس أعلنتا هويات الشهداء، بما في ذلك قادة ميدانيين مثل علاء شريتح وتامر فقها، مؤكدين على دورهم القيادي في المقاومة ضد الاحتلال.
- المنزل الذي وقع فيه الاشتباك، يعود لعائلة بدران، يمثل نموذجًا للبيوت التي تدعم المقاومة في فلسطين، مبرزًا الدعم الشعبي والأسري للنضال ضد الاحتلال الإسرائيلي.

يكشف الاشتباك المسلح الذي استمر لساعات طويلة في طولكرم، بين مقاومين فلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، عن خلية لـ"كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس، في رصيدها عدد من العمليات النوعية.

استمر الاشتباك والعملية العسكرية الإسرائيلية لـ15 ساعة في بلدة دير الغصون شمال شرق طولكرم شمالي الضفة الغربية؛ من ليلة الجمعة الماضية حتى ظهر السبت الذي تلاها، وأصيب خلالها جندي إسرائيلي بجراح خطيرة، وأدت لاستشهاد خمسة فلسطينيين.

وإثر الاشتباك كشفت كتائب القسام عن خليتها في طولكرم، التي نفذت عددا من العمليات المركبة، من أبرزها عملية بيت ليد شرق طولكرم؛ في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وأدت إلى مقتل جندي احتياط إسرائيلي وإصابة آخر، وعملية النبي إلياس شرق قلقيلية في السابع من إبريل/ نيسان الماضي.

وكشفت كتائب القسام عن ثلاثة من الشهداء مقاتلين أو قادة فيها، وهم علاء شريتح قائد الكتائب في طولكرم، وتامر فقها، وهو أحد منفذي عمليتي بيت ليت والنبي إلياس، والمقاتل عدنان سمارة، فيما كشفت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي عن انتماء الشهيد الرابع الداعية آسال بدران لها، وبقيت هوية الشهيد الخامس مجهولة.

  • عمليات نوعية وخلية مختلفة

كان تبني كتائب القسام في 11 نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، المسؤولية عن عملية بيت ليد في ذات الشهر والحديث عن تفاصيلها المركبة عبر شريط فيديو يوثق العملية، نشره حساب حركة حماس في الضفة الغربية على تليغرام، بمثابة الإعلان غير الرسمي عن هذه الخلية العسكرية.

أما نشر الموقع الرسمي لكتائب القسام في 21 إبريل/ نيسان الماضي، لتسجيل فيديو حول عملية النبي إلياس المركبة في قلقيلية التي نُفذت في السابع من الشهر ذاته، من لحظة التخطيط إلى الاستدراج والتنفيذ، فقد كشفت عن تحول ليس فقط في التطور في العمليات العسكرية لهذه الخلية، بل في الارتباط بشكل رسمي بدائرة الإعلام العسكري في الكتائب، وقدرتها على التوثيق المصور من زوايا متعددة، والاستدراج لقوات الاحتلال.

ويرى الصحافي والباحث أحمد العاروري في حديث مع "العربي الجديد"، أن الخلية العسكرية هذه تعد جزءا من مجهودات الجهاز العسكري لحركة حماس لإعادة بناء نفسه واستمرار عملياته منذ نهاية انتفاضة الأقصى عام 2000. وتتميز برأي العاروري بضم كوادر لها خبرة واعتقلت لسنوات كعلاء شريتح وعدنان سمارة، إضافة إلى تسمية كتائب القسام من غزة لشريتح قائدا لها في طولكرم؛ مما يشير إلى وسيلة تواصل معينة بين الداخل والخارج.

أما بخصوص نمط عمليات هذه الخلية، فيرى العاروري أنه كان أيضاً مميزا من ناحية طبيعة التنفيذ؛ من إطلاق نار ثم كمين، ولاحقا نشر المقاطع المصورة لها؛ مما يشير إلى الاهتمام بالجانب الإعلامي في الضفة الغربية بهدف زيادة التثوير ودفع الجماهير نحو المواجهة في ظل اكتساب العمل الإعلامي زخماً كبيراً في المعارك بقطاع غزة، وخلال عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الفائت.

  • المنزل الذي احتضن المقاومة.. نموذج متكرر

يعد المنزل الذي تحصن به الشهداء واشتبكوا من داخله مع قوات الاحتلال الإسرائيلي التي حاصرتهم؛ نموذجا للبيوت والعائلات التي تحتضن المقاومة على مدار عقود، فهو يعود للداعية الراحل الشيخ بشير بدران، ويقطنه ابناه الأسير أسد المعتقل في سجون الاحتلال، وسلمة الذي خرج من تحت أنقاض منزله حيا بعد الاشتباك السبت، واعتقله جنود الاحتلال، وللعائلة 3 شهداء هم آسال الذي استشهد خلال اشتباك السبت، وشقيقه فواز الذي استشهد بعملية اغتيال عبر سيارة مفخخة عام 2001، وسيف الله الذي استشهد خلال عملية فدائية في مستوطنة "ميئور" قرب الخضيرة في الأراضي المحتلة عام 1948.

ويسجل المنزل كذلك نموذجا في التعاون واللحمة بين الفلسطينيين، فآسال بدران الذي استشهد بمنزل عائلته بجانب قادة وأعضاء كتائب القسام السبت، ينتمي لحركة الجهاد الإسلامي؛ وهو شقيق الشهيد سيف الله من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وشقيق فواز القائد في كتائب القسام، وها هو المنزل ذاته الذي قدم كل تلك التضحيات يعود ليحتضن المقاومة مرة أخرى.

  • من هم شهداء خلية كتائب القسام في اشتباك دير الغصون؟

علاء شريتح

كشفت كتائب القسام بعد استشهاده أنه قائدها في طولكرم، ونشرت عائلته بعد استشهاده وصية، وجه فيها حديثه لأهله وأمه ووالده وإخوته وأخواته وزوجته وأبنائه؛ أنه لم يخرج إلا "نصرة لدين الله ومسرى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وانتصاراً لآهات الثكالى، وانتقاماً للدماء التي سالت والأرواح التي أُزهقت في غزة".

وتابع في وصيته: "حجم الإجرام ومشاهد القتل، وأشلاء الأطفال والنساء والشيوخ، وحتى الأجنة لم يسلموا في بطون أمهاتهم؛ أوجب عليّ أن أقف وأقول لا وكفى، بالطريقة التي يفهمها العدو، فعدونا لا يفهم لغة الحوار، لا يفهم إلا لغة واحدة؛ لغة الحراب؛ لغة الرصاص، فلا يعقل أن نطلب المدد والعون والنصر ونقول (وين المسلمين، وين العرب، وين الأمة، وين العالم)، ونحن أبناء فلسطين، أبناء هذه الأرض وأبناء هذه القضية، ونحن من اختصنا الله بنعمة الرباط على أرض فلسطين، فهل نرى كل الذي يحصل ونقف موقف المتفرج؟".

يبلغ شريتح من العمر 45 عاما، وقد ولد في طولكرم لكن عائلته لاجئة من يافا إثر النكبة عام 1948، وهو أب لثلاثة من الأطفال، تزوج بعد الإفراج عنه من سجون الاحتلال عام 2016 بعد اعتقال دام 14 عاما، حيث اتهمه الاحتلال بالانتماء لحركة حماس وتفجير عبوات ناسفة خلال انتفاضة الأقصى، وقد اعتقل لدى جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني لمدة أسبوع بعد الإفراج عنه بشهرين تقريبا، كما أكدت عائلته لـ"العربي الجديد".

كان شريتح يعمل قبل اعتقاله في التبريد والتكييف مع أفراد عائلته، وبعد الإفراج عنه عمل في تجارة السيارات، ولم يمنعه وضعه العائلي، وعمله، وحياته المستقرة، و14 عاما من الاعتقال، من العودة مرة أخرى لميدان المقاومة مع الشهر الثاني للحرب على غزة.

يؤكد شقيقه عبد الجبار لـ"العربي الجديد"، أن علاء طورد منذ نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وقد تعرضت العائلة لصنوف من الاعتداءات منذ ذلك الحين، من اعتقال لزوجته عدة مرات، ووالدته مرتين على الأقل، ووالده مرة، وثلاثة من أشقائه، وتحطيم معرض للأجهزة الكهربائية لشقيقه، ولا يزال الاحتلال يواصل اعتقال أحد أشقائه، وابن عمه، واثنين من موظفي محل تجاري لعائلته.


تامر فقها

أعلنته كتائب القسام بعد استشهاده أحد مقاتليها، وأحد منفذي عمليتي بيت ليد والنبي إلياس المركبتين، يبلغ من العمر 21 عاما، طالب بكلية الشريعة في جامعة النجاح الوطنية، وقد نعته الكتلة الإسلامية في الجامعة الإطار الطلابي لحركة حماس حيث كان أحد كوادرها.

لم يكن فقها ابن ضاحية شويكة شمال طولكرم مطلوبا للاحتلال قبل مطاردته ولم يعتقل في سجونه، لكنه اعتقل لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وبدأت مطاردته منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بعد عملية بيت ليد، وتعرضت عائلته لمضايقات الاحتلال، حيث اقتحم منزل عائلته أكثر من مرة واعتقل عددا من أفرادها.

آسال بدران

نعته كل من حركة الجهاد الإسلامي وذراعها المسلحة سرايا القدس "شهيدا مقبلا غير مدبر برفقة إخوانه من كتائب القسام بعد اشتباك مسلح خاضوه مع قوة خاصة إسرائيلية".
وهو الشهيد الثالث من عائلته، حيث سبقه فواز، القائد في كتائب القسام بعملية اغتيال عام 2001، وسيف الله، ابن الجبهة الشعبية الذي استشهد بعملية فدائية في عام 2003، يبلغ من العمر 42 عاما، وهو ابن بلدة دير الغصون شمال شرق طولكرم، ولديه 4 من الأبناء، عمل بدران كسائق حافلة رياض أطفال وسيارة أجرة، وكان داعية وخطيبا، وقد اعتقل شقيقه سلمة من المنزل ذاته الذي جرى فيه الاشتباك المسلح، ويعود المنزل المكون من عدة طوابق لوالده الداعية الراحل بشير بدران، وشقيقيه سلمة وأسد.

عدنان سمارة

أعلنته كتائب القسام "شهيدا قساميا"، يبلغ من العمر 40 عاما، متزوج ووالد لطفلة لم تتجاوز أربعة أعوام، ولد في مدينة طولكرم، وتعرض لأربعة اعتقالات على الأقل في سجون الاحتلال، أطولها 5 سنوات كما أكد شقيقه نصر لـ"العربي الجديد"، وكان خلال تلك الاعتقالات يتهم بالانتماء لحركة حماس، ومساعدة مطاردين لقوات الاحتلال.
يصفه نصر بـ"الهادئ، والكتوم، والحنون، لكن أيضا بطالب الشهادة، حيث تمنى أن يكون شهيدا ولم تهمه الحياة يوما".

بدأت مطاردة سمارة مع بداية شهر مارس/ آذار الماضي، بعد أن رفض الامتثال لاستدعاء للتحقيق لدى مخابرات الاحتلال، بعد مدة قصيرة من استدعاء آخر للتحقيق ذهب إليه بالفعل ورفض العودة مرة أخرى، وقد اعتقل عدد من أصدقائه، وتم التحقيق معهم بشأنه، والطلب منهم إيصال تهديد للعائلة لتسليمه.

لسمارة شقيق معتقل وفق أوامر الاعتقال الإداري بلا تهمة منذ فبراير/ شباط الماضي، وهو الخبير في الشأن الإسرائيلي والأسير المحرر معتصم سمارة.

وكان عدنان قد اعتقل أكثر من مرة لدى أجهزة الأمن الفلسطينية كما أكدت العائلة لـ"العربي الجديد"، وفي أحد تلك الاعتقالات وتحديدا عام 2012 أعلن الإضراب عن الطعام للمطالبة بالإفراج عنه.

المساهمون