دعا سياسيون إلى ضرورة إيجاد مخرج للمأزق السياسي الذي تعيشه البلاد في ظل تمسك كل من رئيسي الجمهورية والحكومة بموقفهما، إذ لا يزال الأول، قيس سعيد، مصرّاً على عدم استقبال الوزراء الذين تحوم حولهم شبهات فساد وتضارب مصالح، في الوقت الذي يتمسك فيه الثاني، هشام المشيشي، بفريقه الحكومي.
ويرى سياسيون أنّ الحل يكمن في تنازل أحد الطرفين، أو في استقالة هؤلاء الوزراء ليتمكن بقية الوزراء الذين صادق عليهم البرلمان مؤخراً من أداء اليمين الدستورية.
وأكد النائب والرئيس السابق لـ"الكتلة الوطنية"، حاتم المليكي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، أنّ المطلوب في ظل الأزمة السياسية التي تعيشها تونس الاتفاق إما على حل دائم يمكن من خلاله الوصول إلى 2024، أو البحث عن حلول مؤقتة، لأن الأزمة الحالية تخفي وراءها عدة أزمات أعمق ذات علاقة بالمؤسسات وبممارسة الحكم، وتأويل الدستور ومعالجة القضايا الإقتصادية والاجتماعية والإصلاحات المطلوبة في البلاد، وحتى حول كيفية التعامل مع الاحتجاجات، مشيراً إلى أنّ الأفضل هو البحث عن حل دائم وإيجاد ترتيبات تسمح لتونس بالوصول إلى الانتخابات القادمة والمحافظة على مسارها الديمقراطي.
وأضاف المليكي أنه "لا بد من معالجة الأزمة بعمق والعودة للحوار لأنه لا حلول دائمة دون حوار"، مؤكداً أنه لا بد من خارطة طريق واضحة للمسألة الاقتصادية والاجتماعية، وحلول توافقية ملزمة لجميع الأطراف.
ورأى أنه "يجب اختيار الفريق الحكومي بحسب الإصلاحات المعتمدة مع مواصلة الحوار السياسي على إصلاح النظام السياسي وتعديل النظام الانتخابي وتنقية المناخ والنقاش حول وضعية مجلس النواب في ظل استحالة مواصلة العمل في مثل هذه الظروف والتجاذبات".
ولفت إلى أنه "تبين للجميع أن رئيس الحكومة تسرع في التحوير الوزاري وتعامل مع الأمر دون حنكة سياسية"، مؤكداً أن "الحكومة أصبحت جزءاً من المشكل، والنقاش اليوم ليس إيجاد حل للوزراء الذين رفضهم رئيس الجمهورية، بل الوصول إلى حل للبلاد، والأسلم أن يتصل رئيس الحكومة برئيس الجمهورية للاتفاق على تسوية ومخرج للأزمة حتى لو تطلب الأمر استقالة هؤلاء الوزراء، أو استقالة رئيس الحكومة وتشكيل حكومة جديدة".
من جهته، دعا النائب في البرلمان والقيادي في "حركة النهضة" سمير ديلو، من سمّاهم "عقلاء البلاد" إلى تقديم مبادرة "من أجل تخفيض حدة التوتر في البلاد وإنهاء الأزمة السياسية التي تعيشها تونس".
وأضاف ديلو، يوم الخميس، في حوار إذاعي، أنّ "كل المقترحات المطروحة في ضوء رفض رئيس الجمهورية قيس سعيد قبول الوزراء الجدد، هو تصعيد للمشكل"، مؤكداً أنّ "الأزمة ليست دستورية بل هي سياسية ويجب إعفاء هؤلاء الوزراء المتعلقة بهم شبهات وتعويضهم بآخرين ليكونوا سبباً في حل الأزمة السياسية وتجاوز المأزق الذي تعيشه تونس".
ويرى النائب عن حزب "تحيا تونس"، مصطفى بن أحمد، أنّ "هناك حلّين للأزمة السياسية الراهنة؛ وهي تراجع المشيشي عن الوزراء الذين يوجد حولهم اعتراض، أو على رئيس الجمهورية العدول عن رأيه وقبول أن يؤدي الوزراء اليمين ليتمكنوا من مباشرة مهامهم، وخلافاً لذلك لا توجد أي حلول أخرى ممكنة للخروج من المأزق".
وأضاف بن أحمد، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الوضع صعب ودقيق ويؤمل تراجع أحد الطرفين، وخاصة رئيس الحكومة الذي عليه سحب وزرائه في ظل موازين القوى التي هي في كف رئيس الجمهورية، خاصة وأنه هو الماسك حالياً بخيوط اللعبة، وهو الذي سيوقع على مرسوم التعيين الخاص بهؤلاء الوزراء".
من جهته، يرى أستاذ القانون الدستوري، عبد الرزاق المختار، في تصريح لـ"العربي الجديد "، أنّ حل الأزمة "يكون من خلال الحل السياسي، القائم على التسوية، بمعنى أن ما سيتم الاتفاق عليه بين الفرقاء هو الذي سيطبق"، مضيفاً أنه "في حالة اعتماد المغالبة وتمسك كل طرف بموقفه فلا بد من انتظار من سيستسلم أولاً".
وأوضح أنه "لا بد من الجلوس على طاولة الحوار والاتفاق إما على استقالة بعض الوزراء، وبالتالي يؤدي القسم فقط الوزراء الذين لا اعتراض حولهم من قبل رئيس الجمهورية، أو قبول رئيس الجمهورية جميع الوزراء".
ولفت إلى أن التسوية السياسية "يمكن أن تهندس دستورياً أو تستمر المغالبة إلى حين تراجع أحد الطرفين من معركة كسر العظام الحالية"، موضحاً أن "الموقع الدستوري لرئيس الجمهورية أفضل بكثير من رئيس الحكومة"، مشيراً إلى أنه "يمكن للوزراء المرفوضين أداء مهامهم دون أداء اليمين، أي العمل وفق الإجراء المستحيل، ولكنهم سيواجهون عدة مشاكل عند ممارسة وظيفتهم، ومنها صعوبات مالية ووظيفية، إذ لا يمكنهم الحصول حتى على رواتبهم أو ترسيم الموظفين والقيام بترقيات، وبالتالي لا يمكن تحمل هذه الفرضية".