سورية: فشل جهود أميركية لإعادة إطلاق الحوار الكردي

13 مارس 2021
ممارسات "قسد" تؤثر على الحوار (كريس ماكغراث/ Getty)
+ الخط -

لم تنجح اللقاءات التي أجرتها البعثة الأميركية في الأيام الأخيرة مع طرفي الحوار الكردي في شرق سورية؛ "أحزاب الوحدة الوطنية الكردية" (الاتحاد الديمقراطي وشركاؤه) و"المجلس الوطني الكردي" (المنضوي ضمن الائتلاف السوري المعارض)، في دفع الطرفين لتجاوز خلافاتهما وإعادة إطلاق الحوار بينهما، على الرغم من إعلان الطرفين دعمهما العلني للحوار.

ويرى مراقبون أنّ عودة الوفد الأميركي إلى شمال شرقي سورية تعكس رغبة واشنطن في إنجاح هذا الحوار، في ظلّ فشل مسار اللجنة الدستورية، وما قد يفرضه هذا الواقع من ضرورة تفعيل مسارات أو خطط أخرى لدفع النظام السوري وروسيا للتعامل بجدية مع مشروع التغيير السياسي في سورية، وهنا تبرز أهمية نجاح العملية التفاوضية شرقي الفرات، بشقيها الكردي-الكردي في الوقت الحاضر، والكردي مع بقية المكونات في مرحلة لاحقة. وبينما يشير مراقبون إلى وجود بصيص أمل بنجاح هذا المسار بعد التغييرات التي حدثت في الولايات المتحدة وبعض الدول الإقليمية، يستبعد آخرون ذلك طالما يواصل حزب "الاتحاد الديمقراطي" محاولاته للتوصل إلى اتفاق لا يغيّر من الوقائع على الأرض.

ترغب واشنطن في إنجاح الحوار، في ظلّ فشل مسار اللجنة الدستورية

والتقت البعثة الأميركية الخاصة لشمال وشرق سورية، والتي ترعى الحوار الكردي ـ الكردي، في الأيام الأخيرة، مع طرفي الحوار كل على حدة، للتمهيد لبدء جلسة جديدة من المباحثات الكردية. وأوضح مصدر مطلع من "المجلس الكردي" أنّ المبعوث الأميركي الخاص إلى شمال وشرق سورية، ديفيد براونستين، أكد لوفد المجلس، خلال اجتماع الإثنين الماضي، جدية وإصرار إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإنجاح الحوار الكردي. وأضاف المصدر أنّ وفد "المجلس الكردي" طرح من جديد شروطه على الراعي الأميركي لاستئناف الحوار بين الطرفين، ومنها ضرورة تقديم الاعتذار عن التصريحات التي صدرت من بعض قيادات أحزاب "الوحدة الوطنية"، وأيضاً الكف عن الاعتقالات التي حدثت لبعض المدرسين وحرق المكاتب، في إشارة إلى ممارسات "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) في المناطق الخاضعة لسيطرتها، شرق سورية. ولفت المصدر إلى أنّ وفد "المجلس الكردي" طالب براونستين بوضع جدول زمني للحوار. كذلك أكّد مصدر آخر من أحزاب "الوحدة الوطنية" أنهم عقدوا لقاء مع نائب المبعوث الأميركي، وأكدوا له استعدادهم في أي وقت لاستئناف الحوار من النقطة التي توقفت.

تقارير عربية
التحديثات الحية

وفي هذا الإطار، قال شلال كدو، عضو "الائتلاف الوطني السوري" عن "المجلس الوطني الكردي"، إنّ المنطقة تشهد حوارات ماراثونية بين البعثة الأميركية والطرفين الكرديين كل على حدة، بهدف استئناف الحوار الذي توقف بعيد الانتخابات الرئاسية الأميركية. وأضاف كدو، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "المجلس الوطني" يرى أنّ "أجواء الحوارات قد تم تسميمها من قبل الحزب الديمقراطي الذي شن حرباً إعلامية شعواء ضد المجلس في الفترات الأخيرة بلا مبرر، ويرى أنه لا بد من تهيئة الأجواء مرة أخرى لإنجاح أي مفاوضات مقبلة". وشدد على ضرورة أن "يكون لعملية الحوار سقف زمني محدد، لأنّ جميع مكونات المنطقة بحاجة لإنجاح هذه العملية التي لا يمكن أن تستمر إلى الأبد"، مؤكداً جاهزية حزبه لـ"حوار جدي وحقيقي".

ولم يستبعد كدو استئناف الحوار في الفترة المقبلة، لكن الرهان كما قال "على مدى شفافية الحوار والنيات الصادقة، وكذلك تصميم الراعي والطرفين المتفاوضين على إنجاح هذه الحوارات". وأكد "ضرورة إيقاف الحملات الإعلامية الظالمة، ومختلف الممارسات المنافية للحوار، خصوصاً ما يتصل بالمسائل التي كنا تفاهمنا عليها سابقاً، مثل حرق المكاتب، واعتقال المدرسين، ومحاولة فرض المناهج الأيديولوجية وغير ذلك".

"المجلس الكردي" طالب بوضع جدول زمني للحوار

على الجهة المقابلة، قال صالح كدو، أحد أبرز المفاوضين في وفد "أحزاب الوحدة الوطنية"، إنّ "لا جديد حتى الآن في ما يخصّ استئناف الحوار، وليس هناك أي اجتماع محدد بيننا وبين المجلس الوطني الكردي"، مضيفاً في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ "موقف أحزاب الوحدة الوطنية واضح وتم إبلاغه للوفد الأميركي، إذ أكدنا جاهزيتنا لاستمرار الحوار". وحول ما إذا كان الأميركيون قد مارسوا أي ضغط على الطرفين لاستئناف الحوار بينهما، قال صالح كدو إن "الأميركيين يرعون الحوار ولم يتحدثوا عن أي مطالب، وليست وظيفتهم تحقيق مطالب أحد الطرفين، بل تشجيع المفاوضات بينهما وإزالة العوائق أمام استمرارها".

وعلّق صالح كدو على زيارة وفد "الائتلاف الوطني السوري" إلى إقليم كردستان العراق، والتصريحات التي أدلى بها رئيس الائتلاف نصر الحريري هناك، وهاجم فيها قوات "قسد" و"وحدات حماية الشعب" و"وحدات حماية المرأة"، قائلاً "طلبنا من المجلس الوطني الكردي أن يبدي موقفه من هذا التصريح ويوضح أنه ليس معه، وفي حال كان متفقاً مع رأي الحريري، ستكون هناك مشكلة كبيرة".

وفي تقييمه هذه الحوارات المديدة، والخلاف بين المكونين الكرديين الرئيسيين، قال الناشط السياسي علي محمد رضوان، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحوار الكردي ليس وليد اليوم أو هذه المرحلة، بل بدأ منذ بداية الثورة السورية وخصوصاً منذ اتفاقية هولير في يوليو/ تموز 2012، التي اعتبرت مرجعية للحوار إلى الآن، واتفق بموجبها المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي على معظم النقاط الخلافية، ولكن لم يتم التوصل إلى نتائج بسبب تمسك الطرفين بمواقفهما، وتحديداً الخلاف بشأن القوة العسكرية والأمنية لإدارة المنطقة، وكيفية الإدارة المدنية وهيئات ومؤسسات الإدارة الذاتية، وتدخلات الأطراف الخارجية".

صالح كدو: ليس هناك أي اجتماع محدد بيننا وبين المجلس الوطني الكردي

وأضاف رضوان، المقيم في مدينة القامشلي شرق سورية، أنه في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي "بدأت مبادرة ثانية من قبل بعض المستقلين والمثقفين الأكراد تحت إشراف قائد قسد مظلوم عبدي، إلا أنها لم تصل إلى نتيجة أيضاً، خصوصاً بعد تدخل الروس وفتح حوار بين حزب الاتحاد الديمقراطي والنظام السوري، وبالتزامن مع تغيّر الإدارة الأميركية وتغيّر أسلوب واشنطن في التعامل مع الملف السوري".

ورأى أنّ الطرفين؛ "المجلس الوطني" و"الاتحاد الديمقراطي"، "يحملان إيديولوجيات مختلفة، ولا قواسم مشتركة بينهما، فالمجلس الوطني يحمل صفة حركة تحرر وطني ذات ميول قومية بأهداف واضحة للقضية الكردية في سورية، فيما الطرف الثاني يحمل إيديولوجية حزب العمال الكردستاني، المتمثلة بالماركسية الثورية والتي تنادي بشعارات شعبوية أممية تحت غطاء الديمقراطية بعيدة عن تطلعات الشعبين الكردي والعربي". وأشار إلى أنّ "كلا الطرفين عرقلا ظهور طرف ثالث مستقل سياسياً مثل المثقفين والمفكرين والحقوقيين والسياسيين الأكراد، ليقوموا بدور مقرّب للرؤى الواقعية والموضوعية للحل الأنسب".

واعتبر رضوان أنّ "الطرفين لهما مرجعية خارجية، إذ يعود كل منهما إلى أربيل أو قنديل حين تكون هناك حاجة لاتخاذ قرارات مهمة، إضافة إلى أنّ الطرفين ليست لديهما رؤى مشتركة في الجانبين العسكري والأمني، فضلاً عن عدم تمثّل الإدارة الذاتية في مفاوضات اللجنة الدستورية السورية، واعتماد تلك الإدارة على منصات لا يتقبّلها الشارع الكردي، مثل منصة موسكو ومنصة القاهرة. هذا بالإضافة إلى تدخل النظام في بداية كل حوار كردي بفتح الحوار مع الإدارة الذاتية والضغط عليها، مما يساهم في عرقلة الحوار".

المساهمون