سنة أولى حافلة من ولاية دا سيلفا الرئاسية الجديدة في البرازيل

29 ديسمبر 2023
رغم الإنجازات التي تحسب لعهد دا سيلفا لكنه لا يزال يواجه مشاكل كثيرة (Getty)
+ الخط -

ينهي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا عامه الرئاسي الأوّل في البرازيل، التي تشهد انقساماً عميقاً، بتحقيق بعض النجاحات التي تُحسب لعهده، أبرزها الحدّ من إزالة الغابات في الأمازون، غير أنّه لا يزال يواجه تحديات ومشاكل كثيرة.

وإثر فوزه بفارق ضئيل على سلفه اليميني المتطرف جايير بولسونارو، لم تنطلق ولاية لولا الثالثة في أجواء هادئة، بعد توليه الرئاسة سابقا ولايتين بين 2003 و2010، فبعد أسبوع من تنصيب الرئيس اليساري، شنّ آلاف من أنصار بولسونارو هجوماً على مراكز السلطة في برازيليا في الثامن من يناير/ كانون الثاني الماضي.

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة برازيليا أندريه روزا: "أمام لولا تحديات أكثر مما عرف خلال ولايتيه السابقتين"، مضيفاً أنه "لم ينعم بفترة سماح في الأشهر الأولى، وهو يواجه برلماناً معادياً".

إلا أنّ هذا الوضع لم يردع حكومته عن إطلاق برامج اجتماعية مهمة، وسط مؤشرات اقتصادية أفضل من المتوقع.

وأظهر استطلاع، نشره معهد "داتافولها" المرجعي في منتصف ديسمبر/ كانون الأول، أنّ لولا يحظى بـ38% من الآراء المؤيدة.

وأتت هذه النسبة أقل مما كانت عليه في ديسمبر/ كانون الأول 2003، حيث بلغت وقتها (42%)، بعد عام من بدء ولايته الأولى، لكنها أفضل من نسبة الآراء المؤيدة لبولسونارو بعد عام من ولايته، أي قبل أربع سنوات، إذ بلغت (30%).

وقال لولا خلال جلسة مجلس الوزراء الأخيرة للعام 2023: "نصل إلى نهاية العام ونحن في وضع جيّد لا بل استثنائي، مقارنة بما كان عليه وضع البلاد عند وصولنا إلى السلطة".

غير أن بعض الاقتصاديين يعتبرون أنّ الحكومة قد تعاني لتحقيق التوازن في المالية العامة خلال العام المقبل، خصوصاً أنّ توقعات النمو للعام 2024 لا تبدو إيجابية.

تناقض في مسألة المناخ 

انخفضت إزالة الغابات في منطقة الأمازون إلى النصف بين يناير/ كانون الثاني ونوفمبر/ تشرين الثاني مقارنة بالأشهر الـ11 الأولى من العام 2022.

وترى سويلي أروجو، من مرصد المناخ، وهو تجمّع من المنظمات غير الحكومية البرازيلية، أنّ هذا الانخفاض يرجع إلى عدة أسباب، بينها "تكثيف عمليات المراقبة التي تقوم بها إيباما"، وهي هيئة عامة ترأستها أروجو من 2016 إلى 2019 وخُفّضت ميزانيتها وطاقم عملها في عهد بولسونارو.

وأعطت الحكومة أيضاً تراخيص لثماني محميات محلية جديدة يعتبرها العلماء بمثابة روادع أساسية ضد إزالة الغابات.

وفي وقت تحسّن الوضع في أكبر غابة استوائية بالعالم، شهد تدهوراً في سيرادو، وهي منطقة سافانا غنية جداً بالتنوع البيولوجي وتقع في جنوب الأمازون.

ومن الجوانب السلبية أيضاً أن حكومة لولا تتعرض لانتقادات حادة بسبب مشاريع التنقيب عن النفط المحاذية لمصب نهر الأمازون.

 كما أن الإعلان عن نية البرازيل الانضمام إلى تكتل "أوبك +" للدول المصدرة للنفط في خضم انعقاد مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين لم يلق ترحيباً.

وتقول أروجو: "ثمة تناقض في أن تكون رائداً في مجال المناخ وتنضم في الوقت نفسه إلى أوبك+".

سفرات كثيرة

قام لولا (78 عاما) برحلات كثيرة خلال السنة الأولى من ولايته الثالثة، منها زيارتان رسميتان إلى الولايات المتحدة والصين، والمشاركة في قمة بريكس في جنوب أفريقيا، وفي قمة مجموعة السبع في اليابان، وذلك لتأكيد "عودة" البرازيل إلى الساحة الدولية.

وقال أندريه روزا: "من بين المسائل التي برزت خلال العام الأول في ولاية لولا، تحسن العلاقات الدبلوماسية التي تدهورت خلال عهد بولسونارو".

لكن من جهة أخرى، أثار لولا الجدل بتعليقاته حول النزاعات الكبرى الراهنة، إذ عاود التأكيد أن طرفي الحرب في أوكرانيا يتحملان المسؤولية في اندلاعها، وأن "تعامل إسرائيل مع النساء والأطفال" في ردّها على هجمات حماس "شبيهاً بالإرهاب".

تركيز على السياسة الداخلية

على الصعيد الاقتصادي، تمكن لولا، بعد مواجهة استمرت عدة أشهر، من حمل البنك المركزي على إقرار أربعة تخفيضات متتالية لنسبة الفائدة الرئيسية، بفضل السيطرة على التضخم.

وتتوقّع الحكومة نمواً بنسبة 3% في العام 2023، بعد أرقام تجاوزت التوقعات في الأرباع الثلاثة الأولى من السنة، فضلاً عن تسجيل البطالة أدنى مستوياتها منذ 2015.

ومع نهاية السنة الأولى من ولاية لولا، أقر البرلمان خطة إصلاح واسعة النطاق للنظام الضريبي، كان يطالب بها رجال الأعمال والأوساط التجارية منذ أكثر من ثلاثين عاما.

ولاقت خطة الإصلاح ترحيباً من وكالة ستاندرد أند بورز غلوبال للتصنيف الائتماني، إذ رفعت العلامة السيادية للبرازيل خلال الأسبوع الفائت من -BB إلى BB، بعد إجراء مماثل قامت به وكالة فيتش في يوليو/ يوليو.

ويتوقع الخبراء أن يركّز لولا بصورة أكبر خلال العام 2024 على السياسة الداخلية، مع اقتراب الانتخابات البلدية في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.

وسيتعيّن عليه مواجهة تحدي انعدام الأمن، بعد عام شهد سلسلة هجمات على مدارس وموجة عنف في ولايتي ريو دي جانيرو وباهيا.

(فرانس برس)

المساهمون