سلوفاكيا: الشاعر يحاول اغتيال فيكو وقلق من الأجواء المسمومة

16 مايو 2024
رجال الأمن يحملون روبرت فيكو بعد إصابته في سلوفاكيا، 15/05/2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا، روبرت فيكو، من قبل شاعر يبلغ من العمر 71 عامًا، أثارت جدلاً واسعًا وتساؤلات حول الدوافع والجهات المحتملة وراء الهجوم، خاصة بعد الكشف عن انتمائه لمجموعة يمينية متشددة.
- الشاعر المتهم، المعروف بنشاطه ضمن "المجندون السلوفاكيون" ومواقفه المعادية لفيكو، لديه خلفية سياسية وأدبية معقدة، مع تقارير عن تخطيطه لنشر فيديو يعبر فيه عن مواقفه.
- الحادثة سلطت الضوء على التوترات السياسية في سلوفاكيا وأثارت نقاشات حول الديمقراطية والحريات، مع دعوات لعدم ربط الجاني بأي طرف سياسي دون أدلة وتحليل الدوافع وراء الهجوم وتأثيره على المشهد السياسي.

بدأت محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو، أمس الأربعاء، تثير تساؤلات المجتمع والفاعلين السياسيين، بخصوص الجهات التي يمكن أن تكون خلف الهجوم، وخلفيات المتهم الرئيسي بإطلاق النار الذي أكدت وزارة داخلية سلوفاكيا أنه كاتب، وذلك رغم إعلان الحكومة أن فيكو بات خارج دائرة الخطر، بعد عمليات جراحية معقدة منذ أمس، فيما نقلت وسائل إعلام محلية عن شهود عيان قولهم إن فيكو أصيب في بطنه وذراعيه وساقه.

توالت تسريبات حذرة اليوم الخميس عن الانتماء السياسي ودوافع الشاعر الذي أفرغ خمس طلقات نارية على جسد فيكو من "المسافة الصفر"، وقالت بعض المواقع الإخبارية السلوفاكية إن المدعو "جي. سي." البالغ 71 عاماً هو المتشبه به في محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو. وأفاد شهود عيان أنه نادى على فيكو ليقترب منه، بقصد التحدث إليه، وحين اقترب الأخير لمصافحته استل مسدسه وبدأ يطلق النار، قبل أن يسيطر عليه رجال الأمن وحراس فيكو. المثير أيضاً أن بعض المنابر الإعلامية المحلية بدأت تتحدث عن انتماء "جي. سي." إلى مجموعة شبه عسكرية، أشبه بمليشيا يمينية متشددة، تحمل اسم "المجندون السلوفاكيون" (Slovenský branci)، وهي جماعة مؤيدة لروسيا، وبأن الرجل شاعر قومي لديه مواقف معادية للمهاجرين.

وسائل الإعلام في براتيسلافا نقلت عن بعض العارفين بخلفية الشاعر أنه كان قبل 8 سنوات فناناً ناشطاً في تلك الجماعة شبه المسلحة، وبأنه يحمل مواقف شخصية معادية لفيكو. وعمل هذا الشاعر في شركة خدمات أمنية خاصة حتى عام 2016، وتعرض بنفسه لهجوم عنيف في مركز تسوق في ليفيتشي على يد لص شاب كان تحت تأثير المواد المخدرة. مسألة ربطه بجماعة يمينية متشددة "أمر جرى توثيقه بالصور، فهي منظمة (سلوفينسكي برانشي) قدمته على أنه شاعر وكاتب عمود على صفحتها في مواقع التواصل"، وفقاً للموقع الإخباري "أكتوالتي". وأضاف الموقع أن الجماعة تلك قامت بنشر بعض نصوصه القومية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كان يتبنى الشاعر مواقف لاذعة من المهاجرين وضد السياسات السلوفاكية.

من المستفيد في سلوفاكيا

طالب، في السنوات الأخيرة، عدد من السياسيين بضرورة تفكيك الجماعة التي تعتبر محلياً منظمة شبه عسكرية وغير مسجلة، وترتبط بعلاقات بمتطرفين وذوي توجهات مؤيدة لروسيا. ووفقاً لقناة "ماركيزا"، الأكثر انتشاراً في سلوفاكيا، كان من المفترض أن يسجل الرجل البالغ من العمر 71 عاماً مقطع فيديو لنفسه، كان سينشره على الإنترنت بعد وقت قصير من محاولة الاغتيال، وخصوصاً تعبيره عن رفضه محاولة فيكو إغلاق هيئة البث العام قناة "RTVS". مع ذلك تبقى مسألة انتماء الشاعر إلى جماعة مسلحة غير محسومة، حيث نقلت وسائل إعلام محلية عن أحد معارفه تأكيده أنه "كان يهتم بترويج أعماله الأدبية، وأسسنا معاً مجموعة ضد كل أشكال العنف، بعد أن تعرّض شخص من أصول فليبينية للضرب حتى الموت".

مسألة أخرى تزيد من صعوبة الحسم في الدوافع الحقيقية لمرتكب محاولة الاغتيال، وما إذا كان قد تصرف بمفرده، حيث كان من المفترض، أمس الأربعاء، خروج تظاهرات ضد فيكو، لكنها ألغيت بعد تعرضه لمحاولة الاغتيال. ولم تمنع الإصابة من تناول أبعاد ما تعرّض له، بعد التنديد بمحاولة قتله، واعتبارها "هجوماً على الديمقراطية"، سواء في لغة التنديد محلياً أو أوروبياً، بكثير من السجال والجدل حول سياساته وتقلباته. فروبرت فيكو الذي صنف مع حزبه "سميير" على أنه أقرب إلى يسار الوسط، بات يُصنف محلياً وعلى المستوى الأوروبي بأنه شعبوي أقرب إلى مواقف اليمين القومي المحافظ. ويستشهد هؤلاء بتصريحاته التي بدأ يطلقها ضد اللاجئين في 2015، وبأن بلده "لن يستقبل ولا مسلماً واحداً"، ثم الزوبعات التي أثارها محلياً، في محاولات "إصلاحية" للهيمنة، على الطريقة المجرية المحافظة، لضرب هيئة البث العام، وتمرير قانون ما يسمى "الحد من النفوذ الأجنبي"، وعلاقته العميقة برئيس حكومة المجر القومي المحافظ فيكتور أوربان، وكذا ارتباط اسمه بصورة غير مباشرة بملفات فساد في سلوفاكيا.

على كل حال يطلق السلوفاكيون على أجواء ما قبل محاولة الاغتيال بأنها "أجواء مسمومة"، بل إن البعض قال إنه لم يفاجأ من محاولة قتل فيكو أمس. ويتهمه خصومه بأنه بنفسه قاد "هجمات مباشرة ضد بعض المؤسسات التي ساعدت في إسقاطه في 2018" على خلفية مقتل صحافي استقصائي كان يبحث في قضايا الفساد وأموال المافيا. لم يخف بعض مؤيدي فيكو في حزبه "سميير" من أن ما تعيشه سلوفاكيا حالة "حرب سياسية"، وفقاً لما صرح به نائب رئيس الوزراء أندريه دانكو، بينما يطالب مشرعون وسياسيون آخرون بتهدئة الوضع، وخصوصاً عدم ربط الجاني المفترض "الشاعر" بأي طرف سياسي أو تنظيمي، بعد تسريب معلومات للمواقع المحلية بأنه يعاني من "عقد نفسية". ويرى البعض أنه حتى لو كان المتهم ينتمي إلى جماعة المجندين التي يزعم أنها مؤيدة لروسيا، فإن فيكو بنفسه بدأ يطرح مواقف حيال الحرب على أوكرانيا تصنّف بأنها أقرب إلى روسيا، وهو ما أثار جدلاً حيال الرجل وعلاقاته الأوروبية منذ عودته إلى السلطة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

المساهمون