سجين سياسي سوري يموت وحيداً في باريس بعد 27 عاماً في سجون الأسد

12 يونيو 2022
انتقد ناشطون غياب المنظمات الحقوقية السورية عن رعاية نعال (فيسبوك)
+ الخط -

تداول ناشطون سوريون في الأيام الأخيرة خبر وفاة المعتقل السياسي السوري هيثم نعال في العاصمة الفرنسية باريس، وحيداً بعد 27 عاماً قضاها في سجون نظام الأسد.

وبعد تداول معلومات بأنه توفي داخل شقته في باريس منذ شهور، دون أن يكتشف خبر وفاته أحد، حتى وصلت رائحة الجثة إلى الجيران الذين أبلغوا الجهات المختصة، بادر بعض أصدقائه القليلين إلى تصحيح هذه المعلومات، وكتبت رندا بعث، على صفحتها في "فيسبوك"، أن نعال توفي بتاريخ 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، و"كان في زيارتنا.. وكان يومها مريضاً، وخشينا أن يكون مصاباً بالكوفيد، واتصلنا مرات عديدة للاطمئنان عليه دون أن يرد، وذهبت شخصياً إلى بيته بعد بضعة أيام، لكن لم يفتح الباب أحد".

وأضافت أنه "بناء على آراء من يعرفونه منذ سنوات في فرنسا، اعتقدنا أنه عاد لتضييق دائرة تواصله مع الناس، مثلما جرت عليه عادته بين حينٍ وآخر، لكن تكرر سؤالنا عنه بالمرور شخصياً أو بمرور أصدقاء آخرين دون أن نعرف حقيقة غيابه، إلى أن ذهبنا منذ أيام إلى شقته، فصادفنا لأول مرة حارسة البناء التي أخبرتنا بوفاته، لكنها لم تستطع تحديد تاريخ دقيق لهذه الوفاة".

وأضافت أن الحارسة استغربت عدم خروجه للتسوق كعادته في يوم محدد من أيام الأسبوع، وعندما لم يجب أحد، أحضرت مفتاح شقته، ووجدته ميتاً داخلها".

وأضافت أنه لدى سؤال الحارسة عن مكان دفنه، توقعت أن يكون دُفن في مقبرة جماعية، لكن بمساعدة أحد الأصدقاء، وبعد سؤال الجهات الرسمية "توصّلنا إلى التاريخ الدقيق لوفاة هيثم وهو يوم 29/10/2021، وعرفنا مكان دفنه وزرناه على الفور. وهو ليس في مقبرة جماعية كما ذكر بعضهم"، وفق قول المتحدثة ذاتها.

ووصل نعال إلى العاصمة الفرنسية بعد إطلاق سراحه من سجون النظام السوري عام 2002، حيث أمضى 27 عاماً متنقلاً خلالها بين أقبية معتقلات النظام من سجن تدمر العسكري إلى سجن عدرا وصيدنايا العسكري، بعد أن حكم عليه النظام عام 1975 بالسجن المؤبد، لكن أطلق سراحه نتيجة إصابته بأمراض عدة.

ولد نعال في مدينة حلب شمالي سورية، عام 1951، ونشط في صفوف ما كان يعرف باسم "المنظمة الشيوعية العربية" التي فككتها أجهزة مخابرات النظام السوري عام 1975، بعد اعتقال معظم أعضائها بتهمة تنفيذ هجمات ضد المصالح الأميركية، وحكمت "محكمة أمن الدولة العليا" على خمسة من المتهمين بعقوبة الإعدام، وهم أربعة فلسطينيين وسوري واحد، فيما حكمت على 15 آخرين بأحكام متفاوتة وصل بعضها إلى المؤبد، بينهم نعال.

ونشر بعض الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي الصورة الوحيدة المتوفرة لنعال. 

وكتب المحامي ميشيل شماس، على صفحته في "فيسبوك"، أنه والمحامي خليل معتوق أشرفا على تأمين العلاج الطبي لنعال، وتأمين شقة صغيرة له في بلدة صحنايا بريف دمشق بعد إطلاق سراحه من سجون النظام عام 2002، حيث كان "يأتي كل يوم إلى مكتبنا في الدويلعة مع الأستاذ خليل معتوق إلى أن تم تأمين لجوئه إلى فرنسا".

وانتقد ناشطون غياب المنظمات الحقوقية السورية عن رعاية نعال، فيما اتفق بعض الإعلاميين المقيمين في فرنسا على القيام بمبادرة لتكريمه وتعريف السوريين بمعاناته.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وفي حديث مع "العربي الجديد"، قالت الصحافية السورية المقيمة في فرنسا مزن مرشد: "حين خروج نعال من المعتقل عام 2002، كنا نسارع حينذاك للقاء من خرج من المعتقل ونبارك له الحرية، وفي وقتها كنا نعرف هيثم نعال بوصفه عميد المعتقلين، وقد التقيته بعد خروجه بأسابيع.. كان يشعر أنه غريب، وقد كان غريباً فعلاً، إذ خرج من معتقله بعد زمن طويل، تغير خلاله كل شيء، البلاد والرفاق والأهل".

وأضافت مرشد أن نعال كان يعاني من أمراض عدة، منها أذيات في العمود الفقري وفي العظام وفي القلب والضغط والدم. و"بالطبع لم يكن له منزل، فسكن في منزل أخيه كالغريب أو كالضيف، كان إحساسه بالغربة واضحاً وشديداً".

المساهمون