سجال حول مشاركة معتقلين سابقين في الحوار الوطني المصري

31 يوليو 2024
من سجن طرة، 11 فبراير 2020 (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

انتقد معارضون مصريون، بعض المشاركين في جلسات الحوار الوطني المعنية بملف السجناء السياسيين والحبس الاحتياطي، خصوصاً ممن سبق أن كانوا سجناء سياسيين، وهو ما برّره مشاركون في بيان وتصريحات على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي. وعقد مجلس أمناء الحوار الوطني المصري الأسبوع الماضي جلسات لمناقشة قضية الحبس الاحتياطي، على أن يرفع التوصيات للرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك استكمالاً لما قال بيان للمجلس، إنه لـ"الالتزام والاهتمام البالغين والمستمرين من الحوار الوطني بقضايا حقوق الإنسان في مصر، ومن بينها القواعد المنظمة للحبس الاحتياطي، باعتبارها من القضايا المرتبطة بترتيب أولويات العمل الوطني في المرحلة المقبلة".

ملف الحبس الاحتياطي بجلسات الحوار الوطني

وانتقدت المحامية الحقوقية، ماهينور المصري، مع غيرها، بعض المشاركين في جلسات الحوار الوطني، قائلة: "مع عدم الشك في صدق نواياهم ونياتهم الطيبة، حتى لا يتحول الأمر كمجريات حوارات سابقة للحوار الوطني، استعانت (الجلسات) ببعض الوجوه الحقوقية الجادة لاستكمال المشهد الحواري فقط، لم يستفد منه إلا النظام وحده، ليستمر في سياساته القمعية وتدمير الاقتصاد والتاريخ والبيئة، لأن الحوار الوطني لا يملك آلية واضحة". واعتبرت المصري أن "ملف الحبس الاحتياطي من أكثر الملفات التي قدّم فيها حقوقيون اقتراحات حتى قتل الموضوع بحثاً، رغم أن كل المعلومات الخاصة به (متوافرة) لدى الدولة".

ماهينور المصري: استعانت الجلسات ببعض الوجوه الحقوقية الجادة لاستكمال مشهد حواري لم يستفد منه إلا النظام

وفي السياق، قال مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الحقوقي المصري بهي الدين حسن، لـ"العربي الجديد": "لكي ندرك جدوى أو عبثية ما يُسمى زوراً الحوار الوطني، علينا وعلى المشاركين فيه، أن يتأملوا حصاد 3 سنوات، فعندما طرح سؤال اليوم منذ 3 سنوات، كان المتجادلون يتحدثون عن النيات، واليوم النيات صارت خارج المناقشة، ففي العام الثالث للحوار، لم يعد هناك أي التباس حول نيات القائمين على الحكم، فقد صارت منذ العام الأول أوضح من شمس الصيف". وأضاف حسن: "كان الهدف وما زال منذ الجلسات الأولى وصولاً للأخيرة، هو كيفية استمرار الاحتفاظ بعشرات آلاف الأسرى من المصريين المسالمين (الذين لم يجرموا في حق بلدهم لكنهم اختلفوا حول سبل إنقاذه)، دون التخلي عن سياسات وأساليب البلطجة الأمنية وشبكة القوانين التي تؤطر علاقة السيد بالعبد، سياسياً واقتصادياً ومعيشياً، وذلك بمباركة بعض غير المشبوهين ممن يتمتعون بحسن نية لا سقف له، وبالتالي قد يساهمون بحسن نية في الترويج للمشهد البائس، خصوصاً لدى دوائر دولية مؤثرة، وتصبير ملايين المصريين على بؤس حالهم على المستويات كافة".

من ناحيته، أشار مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية، عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، عمرو هاشم ربيع، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "موضوع الحبس الاحتياطي سيظل مطروحاً لفترة، ومن المهم تكثيف الحديث حوله بأي شكل من الأشكال، سواء داخل الحوار الوطني، أو خارجه، أو من قبل كل محب للحرّية وكل إنسان وصاحب رأي، وكل من لا يستخدم العنف وسيلةً أو نهجاً، ليظل هذا الصوت هو بالفعل المنغص لحياة نظام 30 يونيو، إلى أن يقلع هذا النظام عن هذا الأمر السخيف جداً، الذي تجاوز كل حدود الدستور والقانون، إذا كان أصلاً له مشروعية".

تبريرات المشاركة

في المقابل، بادر عدد من المشاركين في الحوار الوطني، لشرح وجهة نظرهم، وتقديم ورقة موقفهم التي طرحوها للنقاش، للرأي العام، من خلال نشرها عبر حساباتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي. وكان من بين المشاركين في الحوار الوطني، ممن برّروا مشاركتهم فيه، المحامي الحقوقي والسجين السياسي السابق، محمد الباقر، الذي كتب: "(...) تلقيت مكالمة لدعوتي لجلسة خبراء متخصصة عن الحبس الاحتياطي، وبعد تجميع المعلومات وعمل مشاورات مع الأصدقاء والزملاء، وبعد أن علمت أنها ستكون جلسة خبراء مركزة بعدد محدد ووقت متاح للشرح والتعليق وليست كلمات موقف في دقائق، فبالتالي أستطيع الخوض بأريحية في كل التفاصيل الحقوقية والقانونية والسياسات والأوضاع والحالات الدالة، لذلك قد أبلغتهم بحضوري وبدأت في تحضير ما سأطرحه".

تمّ القبض على صحافيين قبل أيام من الدعوة لجلسة الحوار

وكان نقيب الصحافيين، خالد البلشي، قد فوجئ بالقبض على صحافيين قبل أيام من دعوته إلى جلسة الحوار، وحرص على نشر كلمته في جلسة الحوار الوطني بشأن الحبس الاحتياطي، والتي جاء فيها: "ونحن نناقش هذه الدعوة كنت أتمنى ألا أجدني أناقش إضافة اسمين جديدين لقائمة المحبوسين، وأطالب بالإفراج عنهما، أو وقف الإجراءات التعسفية بحقهما، بل نناقش معاً كيفية تصفية هذا الملف المؤلم (...)".

الانتقادات التي وجهت إلى بعض المشاركين في الحوار الوطني من المحسوبين على المعارضة، انصبّت في الأساس على كون ملف السجناء السياسيين، وتحديداً تحويل الحبس الاحتياطي المطول إلى عقاب في حد ذاته، هو قرار سياسي يمكن حلّه في لحظة إذا ما توافرت إرادة سياسية جادة، دون الحاجة إلى كل هذه المناقشات والحوار والاجتماعات والآراء والبحث، ومن ثم رفع التوصيات للنظر فيها. 

وتفيد أرقام حملة "حتى آخر سجين" التابعة للمفوضية المصرية للحقوق والحريات، بوجود 1286 شخصاً مقبوضاً عليهم حالياً، وإعادة تدوير 671 شخصاً على قضايا جديدة، بينما أُفرِج عن 803 أشخاص فقط منذ بداية عام 2024 وحتى بدء جلسات الحوار الوطني في مطلع يوليو/ تموز الحالي. ورأت الحملة أن "السلطات المصرية ما زالت مستمرة في التوسع بشكل كبير في استخدام الحبس الاحتياطي المطول بشكل اعتيادي، ولأجل غير مسمى، ورافق الحبس الاحتياطي المطول ظاهرة التدوير، وهو ما حوّل الحبس الاحتياطي من إجراء احترازي إلى عقوبة ووسيلة للتنكيل بحرية الرأي والتعبير، والمعارضين السياسيين أو النشطاء أو المدافعين عن حقوق الإنسان، عقاباً على الاهتمام بالشأن العام". ولم تفرج السلطات المصرية إلا عن ألف و662 سجيناً خلال جولتي الحوار الوطني بين إبريل/ نيسان 2022 ومنتصف يوليو 2023، لكنها احتجزت في المقابل 4 آلاف و968 سجيناً جديداً. وقد انتهت الجولة الأولى من الحوار الوطني بعد نحو 100 يوم من المناقشات التي لم تؤدِّ إلى تحقيق مطالب المعارضة المصرية.

المساهمون