سباق الرئاسة في تونس

22 يوليو 2024
سعيّد خلال زيارته بكين، مايو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد ترشحه لولاية ثانية، مؤكدًا استجابته للواجب الوطني ومواصلة معركة التحرير الوطنية.
- تثار تساؤلات حول نزاهة الانتخابات، خاصة بعد الحكم على المرشح لطفي المرايحي بالسجن ومنعه من الترشح مدى الحياة، مما يثير الشكوك حول التنافسية.
- منع وزير الصحة الأسبق عبد اللطيف المكي من الظهور الإعلامي والتحرك، مما يعزز المخاوف من انتخابات شكلية ويطرح تساؤلات حول مستقبل الديمقراطية في تونس.

انطلق سباق الرئاسة في تونس فعلياً بإعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد، يوم الجمعة الماضي، ترشحه لولاية ثانية. وقال للتونسيين في فيديو على الصفحة الرسمية للرئاسة: "لو كنت خُيّرت لما اخترت، ولكن حين يدعوك الواجب الوطني فلا مجال للتردد، ولا مجال إلا لأن تقول إني استجبت ولبيت"، متابعاً: "أعلن ترشحي للانتخابات الرئاسية لمواصلة مسيرة النضال في معركة التحرير الوطنية".

وبهذا المعنى، يؤكد سعيّد نيّته مواصلة ما يسميه بالمعركة، ويطرح التونسيون سؤالاً جوهرياً على سعيّد وعلى أنفسهم في الوقت نفسه: من ينافس سعيّد وهل ستكون فعلاً وأصلاً منافسة متكافئة بين الجميع تضاف إلى بقية منافسات ما بعد الثورة التي كتبها التاريخ في صفحة البلاد الديمقراطية، أم أنها ستكون في صفحات ما قبل الثورة، التي كانت ملطخة بالتزوير وبغياب أي تنافس حقيقي، في بلد لا حرية ولا ديمقراطية فيها؟

تجد هذه الأسئلة مشروعيتها بالعودة إلى تصريحات سعيّد نفسه، إذ كان قد قال، في إبريل/نيسان من العام الماضي، في ذكرى رحيل الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة، إنّه "ليس مستعداً لتسليم الوطن لمن لا وطنية له"، مضيفاً أنّه "لا يرى نفسه في منافسة مع أيّ كان". وتتزايد المخاوف من انتخابات شكلية بالنظر إلى وقائع الأيام الأخيرة، فقد أصدر القضاء حكماً على رئيس حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري المرشح لطفي المرايحي (الذي أُضيف إلى قائمة المعتقلين) بسجنه مدة ثمانية أشهر، مع المنع من الترشح مدى الحياة. وقد يكون الحكم مفهوماً لو صدر قبل بداية السباق الانتخابي، ولا أحد يفهم لماذا انتظر القضاء كل هذا الوقت ليصدر حكمه (وهو بالمناسبة حكم ابتدائي سيُطعن فيه اليوم الاثنين)، وكان يمكن أن يُكتفى بالسجن، أما منعه من الترشح مدى الحياة، فهذا يوقظ الشكوك ويثير كل المخاوف السابقة ويؤكدها.

إضافة إلى ذلك، يصدر حكم غريب على وزير الصحة الأسبق عبد اللطيف المكي بمنعه من الظهور الإعلامي، وتحجير الخروج من حدود منطقته، بما يعني شلّ حركته ومنعه من التحرك وجمع التزكيات وإقناع الناس بجدوى تزكيته وربما انتخابه فيما بعد. والمكي مرشح جدّي، وقد يكون عنواناً ووجهة لأصوات الإسلاميين في تونس، رغم أن حركة النهضة تبرأت من ذلك علناً، وهو أحد قيادييها المستقيلين منها، ولكن هذا تفصيل آخر في قراءة توزيع الأصوات. فهل ستكون هذه الانتخابات فرصة لاستعادة وجه الديمقراطية، أم انتكاسة نهائية لا رجعة بعدها، في المدى القريب، لأن كل المؤرخين يؤكدون أن مسارات الثورات لا تستقر على الحرية إلا بعد زمن وتعب وانتكاسة وأوجاع؟
 

المساهمون