روسيا على تخوم دول حلف الأطلسي: توجّس ألماني واستعداد لحالة الطوارئ

22 فبراير 2022
الصحف الألمانية: بوتين جاد في غزو أوكرانيا (Getty)
+ الخط -

خلط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأوراق مجدداً في الأزمة الأوكرانية بعد أيام من التهدئة، مع إعلانه، أمس الإثنين، الاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، شرق أوكرانيا، دولتين مستقلتين، ممهداً الطريق لتمركز القوات الروسية على أراضيهما، ما يشرع باب مواجهة غير محمودة العواقب بين روسيا والغرب.

وبينما صادق المجلس الاتحادي ومجلس الشيوخ ومجلس الدوما في موسكو، خلال جلسة خاصة اليوم الثلاثاء، على المعاهدات الجديدة مع جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، برزت تحذيرات ألمانية من الاعتراف باستقلال هاتين المنطقتين، توازياً مع دعوات إلى الاستعداد لحالات الطوارئ.

ومع تبريرات بوتين لقراره، بأنه يعود إلى ارتكاب أوكرانيا إبادة جماعية ضد سكان دونباس، وتوسّع حلف شمال الأطلسي (الناتو) شرقاً، وسياسة عقوبات "الابتزاز" التي ينتهجها الغرب، حذّر المستشار الألماني أولاف شولتز، زعيم الكرملين، من الاعتراف باستقلال هاتين المنطقتين.

وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية ستيفن هيبستريت، أمس الإثنين، إن شولتز أوضح لبوتين، في مكالمة هاتفية، أن مثل هذه الخطوة تتناقض بشكل صارخ "مع اتفاقية مينسك بشأن التسوية السلمية للنزاع في شرق أوكرانيا، وستكون بمثابة خرق من جانب واحد للاتفاقيات التي أبرمتها روسيا".

الديمقراطيات الأوروبية ليست على استعداد للهجوم

وعلى ضوء هذه التطورات، أبرزت صحيفة "دي فيلت" الألمانية، أنه وبعد سنوات من السلام، يتعين على أوروبا أن تتعلم كيفية التعامل مع حالات الطوارئ مرة أخرى، لا سيما أن بوتين جاد في غزو أوكرانيا، لكن الديمقراطيات الاوروبية ليست على استعداد للهجوم.

ونقلت الصحيفة الألمانية عن خبراء تأكيدهم أن بوتين يريد بالفعل شن حرب، متجاهلاً كل الجهود التي بذلت على مدى الأسابيع الماضية لثنيه عن ذلك.

 وبحسب الصحيفة، فإن هدف بوتين هو عدم السماح للديمقراطية الأوكرانية بأن تصبح نموذجاً للنجاح، لأن ذلك قد يعرّض نظامه للخطر.

وشددت على أن المطلوب في هذه المرحلة التاريخية الدراماتيكية من الغرب، الدفاع ضد الأنظمة الاستبدادية التي لا تعني لها حياة الإنسان وحقوقه شيئا.

وقالت إن "على المرء أن ينظر إلى الخريطة"، موضحة "ما يعني أن اختيار روسيا لبيلاروسيا لمحور عسكري، أي أن الجندي الروسي سيقف مرة أخرى على حدود دول حلف الناتو التي يبلغ طولها آلاف الكيلومترات من دول البلطيق إلى رومانيا".

ورأت أن "الناتو سيكون تحت التهديد المباشر من قبل الزحف العسكري الروسي. وعليه، فإنه وعلى الرغم من تحقيق الازدهار والسلام نسبياً على مدى 30 عاماً، إلا أن التاريخ يعود ليذكّرنا بأن مجتمعاتنا بحاجة إلى الاستعداد لحالات الطوارئ".

بوتين هو عدونا الآن

وعلى الرغم من تلك المخاوف، رفض وزير الخارجية النمساوي ألكسندر شالنبرغ، مطالب أوكرانية بفرض عقوبات اقتصادية على روسيا، معتبراً أن ما أقدم عليه بوتين ليس العدوان العسكري الروسي الذي نتحدث عنه.

كما دعا بدوره وزير الخارجية الأيرلندي سيمون كوفيني، إلى التركيز على المبادرات الدبلوماسية، بينها الاجتماع الأميركي الروسي المقرر الخميس المقبل.

في المقابل، اعتبر موقع "بيلد أونلاين" الألماني أن "بوتين يريد توسيع دائرة نفوذه بقوة السلاح، وهذا ما سيجعل حياتنا في ألمانيا وفي عالم بوتين الجديد، في خطر، ولم يعد بإمكاننا الاعتماد على تأمين الحدود".

وأضاف الموقع الألماني أن "هذا يعني أن هناك حاجة إلى سياسة جديدة لشرق أوروبا"، مشدداً على أن "بوتين هو عدونا الآن، ويجب على الحزب الاشتراكي أن يحصر حبه ومودته لروسيا في الشعب الروسي الذين سيغرق الملايين منهم في الفقر، وهم الذين لا يريدون الحرب".

وأضاف "هذا الواقع يستدعي سياسة دفاعية جديدة تماماً، من الأسلحة إلى التكنولوجيا والجنود، لأنه ومن دون جيش فاعل لا تستطيع ألمانيا مواجهة المعتدين مستقبلاً".

وتابع "ينبغي الاستثمار بشكل كبير في المجال العسكري والأمني للدفاع عن النفس، وأن ندفع لحلف الأطلسي المزيد من الأموال".

ماذا حمل خطاب بوتين؟

من جهتها، فنّدت صحيفة "شبيغل أونلاين"، خطاب بوتين، أمس، معتبرة أنه أوضح ثلاثة أمور، وهي "أولاً، لم يقدم أي مطالب لأجزاء أخرى من أوكرانيا، وقد اقتصر على عدم تطبيق اتفاقية مينسك، إذ امتنع القيصر الروسي عن التلميح إلى مزاعم أخرى بمناطق "روسية تاريخية"، على سبيل المثال في شرق أوكرانيا".

أما التوضيح الثاني، فهو حسب الصحيفة، أن الاعتراف ليس سوى المرحلة الأولية لإدماج دونباس في الاتحاد الروسي، حتى ولو لم يتطرق مباشرة إلى ذلك.

وثالث توضيح، أن الاعتراف خطط له منذ فترة طويلة، وذلك مع إعلان رئيس الوزراء ميشائيل ميشوستين أنه استعد لرد فعل محتمل.

المساهمون