دي ميستورا في الرباط: محاولة أولى لاستئناف العملية السلمية بالصحراء

12 يناير 2022
دي ميستورا يحاول تحريك المياه الراكدة (ريكاردو دي لوكا/ الأناضول)
+ الخط -

وصل المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء ستيفان دي ميستورا، مساء الأربعاء، إلى العاصمة المغربية الرباط، في أول زيارة له منذ تعيينه قبل ثلاثة أشهر، خلفاً للمبعوث السابق الألماني هورست كوهلر.

وكشف مكتب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، في بيان له، أنّ دي ميستورا وصل إلى الرباط اليوم، "وسيلتقي مبدئياً بالمسؤولين المغاربة في الرباط ثم بمسؤولي جبهة البوليساريو في تندوف/الرابوني"، كما أنه "يخطط لزيارة الجزائر ونواكشوط خلال هذه الرحلة".

وقال البيان إنّ المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء يتطلع إلى "الاستماع لآراء جميع المعنيين حول كيفية إحراز تقدم في أفق استئناف بنّاء للعملية السياسية في الصحراء".

إلى ذلك، ينتظر أن يباشر دي ميستورا، صباح الخميس، أول لقاءاته بمسؤولين مغاربة، في مقدمتهم وزير الخارجية ناصر بوريطة، لبحث سبل استئناف العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة بهدف إيجاد حل سياسي متوافق بشأنه ومقبول من جميع الأطراف.

وبينما لا يعرف إلى حد الساعة إن كان دي ميستورا سيقوم بزيارة إلى مدن الصحراء، يواجه الدبلوماسي الإيطالي في مهمته الجديدة المتمثلة في إدارة ملف شائك تحدي إقناع الأطراف باستئناف ما بدأه سلفه من مساع دبلوماسية كللت بجمع المغرب والجزائر وموريتانيا و"جبهة البوليساريو" على طاولة المفاوضات في سويسرا في ديسمبر/ كانون الأول 2018، وفي مارس/ آذار 2019.

ومنذ استقالة المبعوث الأممي السابق كوهلر، في مايو/ أيار 2019، لدواعٍ صحية، لم يغيّر مجلس الأمن من قراءته الوضع والمخرج السياسي لملف الصحراء، وهو ما بدا جليّاً من خلال سعيه لإعادة الدينامية والزخم إلى العملية السياسية، عبر إحياء آلية "الطاولات المستديرة". وكان لافتاً دعوة مجلس الأمن في قراره 2602 الصادر في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى استئناف المباحثات "دون شروط مسبقة وبحسن نية"، بمشاركة الجزائر والمغرب وموريتانيا و"البوليساريو" بهدف الوصول إلى حلّ سياسي عادل ودائم ومقبول من الأطراف.

وكان كوهلر قد راهن على هذه الآلية لتحقيق اختراق في جدار نزاع عمّر طويلاً، بسبب تباعد وجهات النظر بين أطرافه، خصوصاً بعد أن جدد المجلس التأكيد على المعايير التي حددها بوضوح في قراراته 2414 و2440 و2468 و2494 من أجل التوصل إلى حل نهائي للنزاع حول قضية الصحراء.

وفي وقت تراهن فيه الأمم المتحدة على خبرة دي ميستورا في تحريك المياه الراكدة وتجاوز الانسداد الحاصل في قضية مزمنة، تبدو مهمته صعبة في ظل الموقف الجزائري القاضي بالانسحاب من الموائد المستديرة التي كانت تحضرها في الماضي، خلافاً لمنطوق القرار الأممي رقم 2602 الصادر عن مجلس الأمن في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، الذي استمر في اعتبارها طرفاً في الصراع.

وتأتي الجولة الأولى للمبعوث الأممي الجديد في ظل واقع يتسم بالتوتر بين المغرب و"جبهة البوليساريو" الانفصالية، منذ اندلاع أزمة الكركرات التي انتهت بإعلان الجبهة عن عدم التزامها بقرار وقف إطلاق النار الموقع في عام 1991، بعد نجاح الجيش المغربي في تأمين معبر الكركرات الحدودي، وطرد عناصر محسوبة على "الجبهة" منه بعد أسابيع من تمكنها من إغلاقه في وجه تدفق الأشخاص والبضائع بين المغرب وموريتانيا.

وقبل ساعات من وصول دي ميستورا إلى المنطقة، هاجمت "جبهة البويساريو" مجلس الأمن، ومواقفه من النزاع، على لسان ممثلها في نيويورك، سيدي محمد عمار، الذي اتهم مجلس الأمن بـ "التقاعس"، محمّلاً إياه مسؤولية تعثر المسار الأممي للتسوية بالخضوع لما وصفه بتأثير بعض أعضائه الفاعلين.

كذلك اعتبر أنّ "نجاح الزيارة مرتبط بدعم جاد لانخراط مسؤول لمجلس الأمن الدولي لتمكين الشعب الصحراوي من تقرير المصير"، معبّراً عن رفض "الجبهة" "الحفاظ على الوضع الراهن وترك الطرفين يحلان النزاع بمفردهما على أساس علاقات القوة بينهما على الأرض".

كما تأتي الزيارة في ظل التوتر السائد في علاقات الرباط والجزائر، منذ إعلان الأخيرة في 24 أغسطس/ آب الماضي قطع علاقتها مع جارتها الغربية، وكذلك إعلان المبعوث الجزائري الخاص المكلف بقضية الصحراء والمغرب العربي عمار بلاني انسحاب بلاده من الموائد المستديرة التي كانت تحضرها في الماضي.

المساهمون