"داعش" يستدعي خلاياه النائمة في المنطقة إلى العراق وسورية

26 أكتوبر 2014
يدير "داعش" حرباً استخبارية شرسة (محمد وسام/فرانس برس)
+ الخط -

لا شيء يوحي حتى الآن بوجود حلّ لمعضلة تنظيم "الدولة الإسلامية"، (داعش)، في ظلّ تخبّط واضح للقوات العراقية والميليشيات المساندة لها على الأرض، والتي أخذت دور المتفرج في كثير من الأحيان أمام مشاهد قضم "داعش" المزيد من الأراضي العراقية، شمال وغرب البلاد.

ولا تزال قطعات التنظيم المتطرف تنتشر على مساحات واسعة من محيط بغداد الغربي والجنوبي، إضافة إلى تواجدها القديم في المحور الشمالي، فيما الخشية من أن يؤدي وصول صواريخ "كاتيوشا" إلى التنظيم إلى تهديد مناطق قلب العاصمة.

كما تواصل قيادة "داعش" إدارة دفة حرب استخباراتية، وصفها مراقبون بأنها الأكثر شراسة على مدى العقود الماضية، إذ أقدم التنظيم على تدمير ثلاث شحنات صواريخ وذخائر وأسلحة مختلفة  أميركية، ألقتها طائرات التحالف الدولي في مناطق مختلفة من العراق وسورية، في الأسبوعين الماضيين، وأكدت قيادات التنظيم من خلال ذلك أنها "لعبة صبيانية" لأجهزة الاستخبارات الأميركية.

وقالت مصادر محلية في مدينة الموصل، الواقعة على بُعد 405 كيلومترات شمالي العاصمة بغداد، إن تنظيم "داعش" أعلن في منشوره الأسبوعي الخاص، والذي يصدره في المدينة بعنوان "عزة"، تدميره "ثلاث شحنات أسلحة تضم 32 صاروخاً محمولاً على الكتف، وعشرات البنادق الأوتوماتيكية والقنابل اليدوية والذخائر، فضلاً عن 20 طناً من المواد الطبية والمعلبات الغذائية، ألقتها طائرات أميركية من طراز سي 130، على مناطق التماس مع العدو في عين العرب والفلوجة وسنجار".

وبحسب المنشور، فإن"الشحنات كانت لعبة صبيانية من الاستخبارات الأميركية، إذ كانت تحتوي على أجهزة تحديد مواقع وهي غير صالحة للاستعمال وقابلة للانفجار عن بعد بأي وقت".

وأضاف المنشور، الذي يُوزع على نطاق محدود في الموصل وموجّه إلى مقاتلي التنظيم داخل المدينة:"كان عليهم أن يعلموا أن خديعة الأسلحة الفاسدة ومصائد المغفلين لن تنطلي على جنود دولة الإسلام". واعتبر أنها "إحدى وسائلهم القديمة الخبيثة، التي فعلوها مع جيوش العرب بحربهم مع اليهود"، في إشارة على ما يبدو إلى الحرب المصرية الإسرائيلية عام 1948 وملف الأسلحة الفاسدة.

وكانت وزارة الدفاع الأميركية، (البنتاغون)، قد أقرّت الثلاثاء الماضي بسقوط طردين من المساعدات المقدّمة للأكراد في مدينة عين العرب السورية عن طريق الخطأ بيد تنظيم "داعش"، مؤكدة أنها دمرت أحد الطردين، وفقاً للمتحدث باسم البنتاغون، الكولونيل ستيفن وارين.

كما أعلنت القيادة العسكرية العراقية عن حادث مشابه في الفلوجة وسنجار الشهر الحالي، لطرود تحمل مساعدات عسكرية وطبية وإنسانية.

وحول ذلك، يؤكد زعيم قبلي في محافظة نينوى العراقية يدعى، الشيخ أحمد العنزي، في اتصال مع "العربي الجديد"، لجوء "داعش" إلى تدمير معدات أميركية حديثة استولى عليها أخيراً.

ويوضح العنزي أن "عناصر التنظيم أتلفوا جميع ما استولوا عليه أخيراً، كما وأتلفوا أجهزة اتصال موتوريلا، كانوا قد استولوا عليها من قوات البشمركة الكردية، تحسباً لاحتوائها على أجهزة تعقّب لتحركاتهم".

ويلفت إلى أن "التنظيم بات أكثر حذراً من أي وقت سابق، بعد سلسلة الغارات التي استهدفت معسكرات تابعة له في مناطق مختلفة من شمال وغرب البلاد، والتي ردّها إلى وجود خرق أمني في صفوفه، قام في إثرها باعتقال وإعدام عدد من عناصره".

في هذه الأثناء، كشف مسؤول عسكري عراقي رفيع المستوى عن استدعاء تنظيم "داعش" جميع خلاياه النائمة في دول المنطقة إلى العراق وسورية.

وقال المسؤول، الذي يشغل منصب عميد ركن في ديوان استخبارات وزارة الدفاع العراقية، لـ"العربي الجديد"، إن"السلطات العراقية أبرقت معلومات لعدد من دول المنطقة حول استدعاء تنظيم (داعش) جميع خلاياه النائمة في تلك الدول، مطالبة بالعمل على إيقافها".

وأوضح المسؤول أن" التقارير لدينا تشير إلى وجود مخاوف عند (داعش) من عمليات الهجرة الجهادية العشوائية وغير المنتظمة، بسبب عمليات خرق استخباري حصلت أخيراً في صفوفه، لذلك قرر استدعاء خلاياه في عدد كبير من الدول العربية أو الإسلامية".

وأضاف أن "عدد هذه الخلايا يُقدر بالعشرات وقد تجلب معها مقاتلين آخرين وفقاً لنظام الكفيل الذي يتبعه التنظيم". ووصف هذا الإجراء بأن" (داعش) قرر حرباً طويلة للدفاع عما يسميه أرض الخلافة".

ورأى المسؤول أنه "سيكون شيئاً ممتاز لتلك الدول أن تخلو أراضيها من خلايا (داعش) أو المتعاطفين معه، إذ بات العراق وسورية سلة كبيرة لاحتوائهم، لكن عليهم المساعدة وعدم الاكتفاء بمتابعة اللعبة من بعيد، لأن الدماء التي تسقط بدأت تسابق الأمطار في غزارتها".

وفي السياق نفسه، أكدت مصادر عراقية رسمية عن استعادة "داعش" السيطرة على أجزاء واسعة من منطقة سد الموصل، بعد خسارته إياها الشهر الماضي، بفعل هجوم نفذته القوات الكردية بدعم من الطيران الأميركي.

وقال عضو مجلس محافظة نينوى، أحمد خليل الحمداني، لـ"العربي الجديد"، إن "(داعش) سيطر على هيكل السد والمجمّع السكني القريب منه، بينما تراجعت القوات الكردية إلى الخلف بعد سلسلة هجمات متكررة نفذها التنظيم في اليومين الماضيين".

وكشف الحمداني عن أن "التنظيم استخدم انتحاريين بعربات مدرعة منحته الأفضلية على الأرض في المعركة، التي لم تسعف الطائرات الأميركية القوات الكردية فيها".

وكانت الشرطة العراقية في الأنبار، غرب العراق، قد أعلنت سيطرة المسلحين التابعين لـ"داعش" على مناطق الفرات وجزيرة البو نمر والزوية غرب المحافظة، وتنفيذهم عمليات إعدام ميدانية بحق مسؤولين محليين.

وقال النقيب، فراس الفهداوي، من شرطة الأنبار لـ"العربي الجديد"، إن "الجيش انسحب من تلك المناطق، وترك الشرطة وصحوات العشائر بمفردهم أمام آلة داعش العسكرية". وأكد "إعدام العشرات من العراقيين العاملين في الشرطة والمجالس البلدية والصحوات، بعد اقتحام التنظيم هذه المناطق ورفع علم الدولة الإسلامية على مبانيها الرسمية".

المساهمون