يبدو أن التغييرات التي أجراها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في صفوف قياداته عقب خسائره الكبيرة خلال الشهر الماضي في سورية، أدت إلى تغيير التنظيم من تكتيكاته العسكرية، واعتماده بشكل أكبر على عمليات التسلسل داخل صفوف الخصم ومحاولة خلخلة صفوفه من جهة، وجعله في حالة قلق دائم من أن "داعش" قد يظهر في أي مكان، بالإضافة إلى بث الرعب في نفوس الحاضن الشعبي للخصم، مع اعتماده على العمليات الخاطفة وغير المتوقعة، وذلك عبر الايحاء بأنه يحشد للهجوم في منطقة ومن ثم مباغتة الخصم في منطقة أخرى ومحاولة ترويع سكانها وممارسة أكبر قدر ممكن من الإرهاب بحق المدنيين فيها.
فبعد الخسائر المتلاحقة التي مُني بها التنظيم في كل من ريف حلب الشرقي وريف الرقة الشمالي وريف الحسكة الغربي، أمام تحالف الفصائل الكردية وفصائل من الجيش الحر المنضوية ضمن غرفة عمليات "بركان الفرات"، وتراجعه لاحقاً في مدينة الحسكة أمام قوات النظام السوري، عمد التنظيم بحسب مصادر عسكرية مقرّبة منه إلى تغييرات في بعض قياداته العسكرية والمدنية، كان أهمها تغيير والي الرقة التي وصلت قوات "بركان الفرات" إلى مسافة قريبة منها، وهي تُعتبر المعقل الرئيسي للتنظيم في سورية.
وبعد هذه التغييرات استطاع "داعش" تحقيق تقدّم على الأرض، وتمكّن مقاتلو التنظيم من استعادة السيطرة على بلدة عين عيسى عقب معارك مع الوحدات الكردية والمعارضة السورية. ويُعتبر موقع عين عيسى استراتيجياً، واستعادة "داعش" لها، يعيد خطر عودته إلى تل أبيض التي طُرد منها قبل فترة قصيرة، ما سيعيد خلط الأوراق بشكل كبير على الأرض.
وكان المتحدث باسم غرفة عمليات "بركان الفرات" شرفان درويش، التي سيطرت على عين عيسى الشهر الماضي، قال لـ"العربي الجديد" أمس إن "مقاتلي داعش يحاولون توسيع رقعة الاشتباكات لمحاولة وقف تقدّمنا".
يُذكر أن غرفة عمليات "بركان الفرات"، أحرزت تقدماً لافتاً، على حساب "داعش" في ريف الرقة أخيراً، فسيطرت منتصف الشهر الماضي على مدينة تل أبيض قرب الحدود التركية، وبعد ذلك بنحو أسبوع على بلدة عين عيسى الواقعة شمال الرقة بنحو خمسين كيلومتراً، وكانت قد طردت مقاتلي التنظيم قبل ذلك بيوم واحد، من مقرات اللواء 93 الواقع قرب عين عيسى.
اقرأ أيضاً: "داعش" يشن هجوماً على بلدة عين عيسى قرب الرقة
وفي محافظة الحسكة، فجّر مقاتلون من "داعش" سيارة مفخخة في قرية العلقانة جنوبي العالية (قرى تقع شرق الحسكة قرب الحدود العراقية) وسط معلومات عن سيطرة التنظيم، على عدة قرى في جبل عبد العزيز بعد اشتباكات مع الوحدات الكردية.
وقال الناشط فرات الحسكاوي لـ"العربي الجديد"، إن التنظيم استعاد السيطرة على قريتين في جبل عبد العزيز، الذي تسيطر عليه الوحدات الكردية ويقع جنوب غرب مركز محافظة الحسكة بنحو 35 كيلومتراً. وأوضح الحسكاوي أن "الوضع داخل الحسكة ما زال كما هو منذ يومين تقريباً، إذ توجد اشتباكات من دون تقدّم لطرف على آخر، فيما تعرّضت المدينة الرياضية لقصف عنيف من قِبل طيران النظام".
وكان تنظيم "داعش" قد نفّذ عملية تسلل إلى مدينة عين العرب منذ نحو عشرة أيام ارتكب خلالها مجزرة بحق سكانها أودت بحياة نحو 150 شخصاً بالإضافة إلى 200 جريح، كما نفذ التنظيم عملية تسلل إلى مدينة تل أبيض في ريف الرقة الشمالي بداية الشهر الحالي في حي مشهور فوقاني شرقي المدينة، ولكن القوات الكردية تمكّنت من قتل أربعة من عناصر التنظيم واستعادة السيطرة على الحي بحسب مصادر مقربة من "وحدات حماية الشعب" الكردية.
من جهة أخرى وفي تطورات المعارك في مدينة الزبداني في ريف دمشق الغربي، ذكرت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن مروحيات النظام "جددت قصف المدينة، وألقت ثمانية براميل حتى قبل ظهر أمس الإثنين". وكانت المدينة قد تعرّضت في وقت سابق ليل الأحد، لقصف بمدفعية الدبابات المتواجدة قرب الحرش على الجبل الشرقي ومن مدافع حاجز المعسكر وصواريخ غراد، بحسب المصادر، التي أشارت إلى أن "المعارك كانت على أشدها بين فصائل المعارضة وقوات النظام مدعومة بمليشيات حزب الله مساء أول أمس الأحد في منطقة الجمعيات".
وكانت وكالة "سانا" التابعة للنظام، ذكرت الأحد، أن "الجيش بالتعاون مع المقاومة اللبنانية أحكم سيطرته على حيي الجمعيات والسلطانة بالزبداني" وهو ما نفته مصادر المعارضة، ولو أنها أقرت بحصول تقدمٍ بسيط لقوات النظام، عند الجهة الغربية للمدينة.
وأكدت الناشطة نور الزبدانية لـ"العربي الجديد"، أن الاشتباكات تجدّدت يوم أمس على أكثر من محور بين فصائل المعارضة و"حزب الله"، كما شن الطيران الحربي 15 غارة على المدينة وألقى الطيران المروحي 20 برميلاً عدا القصف المدفعي والصاروخي، موضحة أن فصائل المعارضة تكبّد الحزب خسائر كبيرة في العتاد والعناصر.
وفي درعا جنوب البلاد، جدد طيران النظام قصفه لمناطق واسعة هناك، وأكّدت شبكة "سوريا مباشر" الإخبارية المعارضة، أن المروحيات قصفت يوم أمس الإثنين بالبراميل المتفجرة، مناطق طفس واليادودة بريف درعا الشمالي، والنعيمة بالريف الشرقي.
اقرأ أيضاً: معركة الزبداني... بحث عن انتصار إعلامي