"داعش" كضرورة لكل الأفرقاء

04 ديسمبر 2022
قوات أميركية في الشرق السوري، سبتمبر الماضي (هديل أمير/الأناضول)
+ الخط -

شكّل تنظيم "داعش" حلاً سحرياً لمختلف أطراف الصراع في سورية وللدول المتدخّلة في الشأن السوري، من أجل تحقيق مصالحها، أو تمرير خططها مستفيدة من وجوده، وربما من خلال وجود أدوات تحكّم لدى بعض تلك الأطراف به.

وقد يكون استخدام التنظيم لتحقيق مصالح بعض الأطراف، ومبرراً لاستمرار وجود أطراف أخرى، هو السبب الرئيسي في عدم وجود نيّة حقيقية للقضاء عليه بشكل كامل، على الرغم من اتفاق مختلف الأفرقاء على محاربته، بمن فيهم تحالف دولي من أكثر من خمسين دولة.

الولايات المتحدة التي تلقت رسائل إصرار من تركيا على عمليتها البرية ضد "قسد" في الشمال السوري، عمدت أخيراً لاستخدام خطر التنظيم وسيلةً لثني أنقرة عن القيام بهذه العملية، وذلك عبر المتحدث باسم القيادة الوسطى الأميركية، جو بوتشينو، الذي قال إن تنظيم "داعش" لا يزال يمثل تهديداً للأمن والاستقرار في المنطقة، والولايات المتحدة ستبقى ملتزمة باستئناف عملياتها ضد التنظيم في المستقبل.

كما أكد وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، في حديث مع نظيره التركي، أن العملية التركية تشكل خطراً مباشراً على سلامة العناصر الأميركيين الذين يساعدون "قسد" في محاربة "داعش".

في المقابل، ورداً على عدم قيام واشنطن والتحالف الدولي بدور حاسم لوقف العملية التركية، قررت "قسد" وقف التنسيق مع التحالف في ملاحقة عناصر "داعش"، كما هددت قبلها بأن العملية التركية ستؤدي إلى زيادة نشاط "داعش" في المنطقة، وقد تؤدي إلى هرب مئات المساجين من عناصر التنظيم الذين تحتجزهم، وإلى حالة فلتان أمني في مخيم الهول الذي يؤوي عائلات مقاتلي "داعش".

سبق هذا الاستخدام لتنظيم "داعش" من قبل "قسد" أن هددت الأخيرة، قبيل العمليات التركية السابقة ضدها، بترك عناصر التنظيم، سواء الموجودون منهم في السجون أو عائلاتهم في مخيم الهول. كما استخدمت الولايات المتحدة خطر "داعش" ذريعةً للسيطرة على منابع الثروة شمال شرقي سورية.

في المقابل، كان النظام السوري هو الأكثر استفادة من وجود التنظيم، إذ استخدمه فزاعةً للأقليات الطائفية في محافظتي حماة والسويداء، وذلك بالسماح للتنظيم بارتكاب مجازر بحق الطائفة الإسماعيلية شرقي حماة، وأخرى بحق طائفة الموحدين الدروز في محافظة السويداء، وذلك بهدف تخويفهم من أن "داعش" هو البديل عنه في حال فكروا بالثورة عليه.

كما استعملت روسيا "داعش" في تسويق النظام شريكاً في محاربة الإرهاب، من خلال حملات مشتركة "غير ذات جدوى" معه لملاحقة خلايا التنظيم في البادية السورية، وذلك لتحويله من قاتل للشعب السوري إلى محارب للإرهاب.

وهذه الاستخدامات لتنظيم "داعش"، وغيرها كثيرة اعتمدتها مختلف الأطراف، قد تجعل من القضاء على التنظيم أمراً شبه مستحيل، كونه أصبح يشكل حاجة للاستمرار وتحقيق المصالح أكثر منه عدواً يجب التخلص منه.