خميس الخنجر لـ"العربي الجديد": لا استقرار مع الحشود العسكرية داخل المدن

05 أكتوبر 2023
التحضيرات متواصلة لتكون الانتخابات في 18 ديسمبر (المكتب الإعلامي للخنجر)
+ الخط -

لدينا اتفاقات بالتصويت على التعديلات المهمة بقانون العفو

السوداني أفضل رئيس وزراء تعاملت معه لغاية الآن

خلل كبير بوجود الكتلة الصدرية خارج المعادلة السياسية

هناك أطراف كانت تخطط لفتنة في كركوك

العراق جاد في حسم ملف حزب العمال الكردستاني

يتحدث رئيس تحالف "السيادة" العراقي، خميس الخنجر، في مقابلة مع "العربي الجديد"، عن جملة من الملفات التي شهدها العراق خلال الأشهر الماضية، من بينها تطورات قانون العفو العام، وخفايا أزمة كركوك الأخيرة، إلى جانب ملف عسكرة المدن والأحياء السكنية، وأزمة جرف الصخر والعوجة والبلدات الأخرى التي تسيطر عليها المليشيات، فضلاً عن التفاهمات المحققة مع الجانب التركي، ومآل الانتخابات المبكرة، ومقاطعة التيار الصدري للعملية السياسية منذ ما يزيد عن عام كامل.

لنبدأ بالحديث الأول للشارع العراقي اليوم وهو قانون العفو العام. إلى أين وصلت المباحثات؟ وما هي آخر التطورات حوله؟

منذ عودتي إلى بغداد عام 2018، وجدت فراغاً كبيراً لا بد من معالجته، خصوصاً في الجانبين الإنساني والحقوقي، وهذا الفراغ هو أساساً خطأ وخطر كبير ارتكبته القيادات السياسية السابقة، عن قصد أو بدون قصد. لدينا أربعة مطالب رئيسة ومشروعة لا يُمكن التنازل عنها أو المفاوضة على حسابها بأي حال من الأحوال، تتضمن المعتقلين الأبرياء وتفعيل قانون العفو العام. نحن نؤمن بأن أغلب السجناء أُخذت منهم اعترافات بالإكراه وتحت التعذيب في مرحلة الهيجان الطائفي، أو بجريرة قانون المخبر السري سيئ الصيت، الذي يسمح لأي شخص بتقديم معلومة ضد الآخر، وبدون أدلة يمكن أن تنقله إلى حكم الإعدام، حتى وصل عدد السجناء لأكثر من 60 ألفاً. لذا كان مطلبنا الأول قانون العفو العام، ثم معرفة مصير المُغيّبين، وعودة النازحين وإعادة أهالي المدن والقرى إلى ما كانوا عليه قبل مرحلة "داعش" الإرهابي، وعلى رأسها مدينتا جرف الصخر والعوجة، وإخراج الحشود العسكرية من المدن نهائياً، ولن يكون هناك أمن واستقرار إن لم تتحقق هذه المطالب. كانت هذه أهدافنا التي أعلنّا عنها بشكل رسمي عندما كانت القيادات السنّية الأخرى لا تجرؤ على المطالبة بها، ونقاط كثيرة أخرى، ولكن نحن نركز الآن على هذه المطالب.

غياب هذه المطالب عن خطاب القيادة السنّية آنذاك كان محل استغراب من الجميع، واعتقد البعض أن العرب السنّة موافقون على هذا الوضع كما هو، وتمكّنا من أن نكون الصوت العالي والقوي المدافع إلى جانب مطالب أخرى على رأسها إنهاء عسكرة المجتمع، وإلغاء قانون المساءلة، والعدالة والتوازن في مؤسسات الدولة العراقية ونقاط كثيرة أخرى.

في كل حواراتنا السياسية ومفاوضاتنا نضع هذه النقاط الأربع على رأس المفاوضات، واستعملنا علاقاتنا الخارجية وتأثيرنا الداخلي وجيّرناها لتحقيق هذه المطالب، وربما أثّر ذلك على حقوقنا السياسية في مناصب كثيرة، لكنا آثرنا تقديم هذه المطالب على أي من مطالبنا الشخصية والحزبية أو الفئوية. وكما هو معلوم، مدينة مثل جرف الصخر لم يستطع أحد الدخول إليها منذ عام 2015، بمن فيهم 3 وزراء داخلية، لكننا نحن تمكنا من إرسال وفد من أهلنا من عشيرة الجنابيين ودخلوا المدينة من أجل الترتيبات اللاحقة. وحالياً نحن داخل مفاوضات طويلة وقوية ما زالت مستمرة، ونضغط بهذا الملف حتى فتح المدينة وعودة جميع أهلها.

عندما وصلنا إلى الانتخابات الأخيرة (2021) دخلنا في مفاوضات من أجل إعلان تحالفنا مع السيدين مقتدى الصدر ومسعود البارزاني، وأصررنا على وضع هذه النقاط كنقاط رئيسة كونها مطالب لمحافظاتنا، واستطعنا أن ندرجها ضمن الورقة التي وقّعنا عليها جميعاً. وبعد الإشكالات التي حدثت في العراق وانسحاب السيد مقتدى الصدر، بدأ الإخوة في "الإطار التنسيقي"، فتح حوار مع تحالف "السيادة" ومع البارزاني باعتبارنا حليفين، وعرضوا علينا أن ندخل للحكومة ونأخذ استحقاقنا وربما أكثر في المناصب والوزارات، ويعرف الإخوة أننا دخلنا في مفاوضات استمرت أكثر من شهر، وكنا الطرف المتشدد في أن تكون هذه المطالب ضمن ورقة الاتفاق السياسي، التي وقّعت عليها كل الأطراف السياسية بما فيها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قبل أن يتسلم منصبه الحالي.

توصلنا بعد توفر جو إيجابي من كل الأطراف، إلى أن نذهب لتعديل قانون العفو

كانوا يحاولون معي في كثير من الأمور إلا أننا بقينا مُصرين على أن تُكتب النقاط وتنفذ كما هي، والحمد لله توصلنا بعد توفر جو إيجابي من كل الأطراف، إلى أن نذهب لتعديل قانون العفو، وهذه النقطة فيها خلل بالفهم فبعض الناس يتوقعون أن هناك قانوناً جديداً.

دعني أوضحها هنا، القانون هو نفسه القديم، لكننا عدّلنا عليه في نقطتين رئيسيتين، ونعتقد أن هاتين النقطتين تُخرجان أكثر من 80 في المائة من الأبرياء من السجن ومن المحكومين بالإعدام. النقطة الأولى هي تعريف الانتماء، إذ إن هناك خلطاً بتعريف الانتماء، فكُثر ظهروا في صورة بمنطقة سيطرة "داعش" بعد انسحاب الجيش العراقي، و"داعش" قوة همجية سيطرت على هذه المناطق، واضطر الناس لإطلاق اللحى ولبس معين فرضه التنظيم الإرهابي عليهم، وبعد دخول الجيش والفصائل المسلحة، تم أخذ هؤلاء بجريرة أنهم ينتمون لـ"داعش". هنا يكون تعريف الانتماء لتنظيم "داعش" بالقانون أن كل من حمل السلاح مع "داعش" وقاتل معه يُعتبر متهماً بالإرهاب والانتماء للتنظيم، وغير ذلك من الذين بقوا في مناطقهم خلال وجود "داعش" من كسبة وعاملين وموظفين، هؤلاء ليست عليهم جريرة.

النقطة الثانية في القانون هي إعادة التحقيق وليس إعادة المحاكمة كما يعتقد البعض، لأن أغلب الناس أُخذت منهم اعترافات بالإكراه والتعذيب، وبالتالي إعادة التحقيق وفي جو مهني لتظهر الحقائق ويخرج الأبرياء ويُحاكم فقط من ارتكب الجرم.

الآن نحن وضعنا توقيتات لكن بسبب المشاكل التي رافقت الفترة الماضية مثل الموازنة وغيرها، تأخرت عملية تنفيذ المطالب وتخطت الفترة التي اتفقنا عليها سابقاً، لكن الحمد لله قبل شهر أقر مجلس الوزراء قانون العفو وصوّت لمصلحته، وتخطى مرحلة مهمة جداً، والآن هو في اللجنة القانونية في البرلمان، ومن المفروض أن يدخل جدول أعمال البرلمان خلال أقل من شهر. ولدينا اتفاقات مع الكتل السياسية الأخرى لخلق جو برلماني يساعد على إطلاق سراح الأبرياء من أهلنا ومحافظاتنا ومن كل العراق، سيستفيد منه الجميع، ابن البصرة ودهوك وكل المناطق، كل بريء يريد إعادة محاكمة بتحقيق مهني وعادل. والآن الكرة ستكون في البرلمان ولدينا أمل ولدينا اتفاقات أيضاً بأنه سيكون التصويت على التعديلات المهمة بالقانون، والتي ستساعد على تحقيق العدالة في المجتمع العراقي وتساهم في استقرار البلد.

ماذا عن المطالب بإخراج الحشود العسكرية من المدن، هل من جديد؟

نؤمن بأن البلد لن يكون فيه استقرار، ولن يعطي إشارات أمان لأي استثمارات ودورة اقتصادية حقيقية مع استمرار عسكرة المدن بالطريقة المعمول بها حالياً. بالتالي حتى ننهي هذه الحقبة الحالية، ونبشر بحقبة جديدة، يجب إنهاء وجود الحشود العسكرية داخل المدن والأحياء السكنية، وترك هذه المدن لقوات الشرطة المحلية والشرطة الاتحادية والأمن الوطني، وأن يكون هناك دور لأهالي هذه المدن في إمساك الملف الأمني لهذه المحافظات.

وهذا ملف جوهري استطعنا أن نضعه ضمن النقاط التي وقّعنا عليها في الائتلاف الذي أدى إلى وجود الحكومة الحالية، وبشكل واضح نصّت على خروج هذه الحشود. رئيس هيئة "الحشد الشعبي" فالح الفياض صرّح قبل فترة بأنهم بدأوا فعلاً بإنشاء معسكرات خارج المدن في سبيل أن يكون وجود هذه القوات بأماكن محددة وألا تتحرك إلا بأمر من القائد العام للقوات المسلحة، بالتنسيق مع مسؤولي الوحدات الإدارية بهذه المحافظات.

عسكرة المدن في كل المحافظات هي خطأ بعد استتباب الأمن، على هذه القوات أن تذهب لمعسكرات محددة وتُستدعى عند الحاجة

عسكرة المدن في كل المحافظات هي خطأ بعد استتباب الأمن، على هذه القوات أن تذهب لمعسكرات محددة وتُستدعى عند الحاجة، وهذه نقطة مهمة ورئيسة خصوصاً أن هناك نوعاً من الاحتكاك الذي يؤدي إلى إثارة الطائفية في كثير من تصرفات هؤلاء العناصر في محافظاتنا.

كم تعطون نسبة مئوية لما نفذه السوداني من وعوده ببرنامجه الانتخابي؟

حتى أكون منصفاً وأنا جزء من الحكومة وجزء فاعل في ائتلاف "إدارة الدولة"، لقد تعاملت على مستوى شخصي مع 3 رؤساء وزراء سابقين، قطعاً السوداني أفضل رئيس وزراء تعاملت معه لغاية الآن، الرجل لديه روح وطنية، وخلوق، وخالٍ من العقد الطائفية، وهو ابن الداخل عاش مع العراقيين في حصارهم وحربهم وألمهم ويفهم التنوّع الطائفي والعرقي ويُدير الملف بحنكة على الرغم من الضغوط الهائلة من أطراف فاعلة، لكن الرجل يقاوم ولا أشك بنواياه في تطبيق الاتفاق السياسي.

لكن إذا سألتني هل لدينا عقبات؟ نعم بالتأكيد. وهل هناك تأخير؟ نعم وتأخير مُتعمّد أيضاً، لكن ليس من طرف السوداني، بل من أطراف أخرى موجودة بالحكومة أو في ائتلاف "إدارة الدولة"، مرة يتذرعون بالجمهور ومرة أنهم يريدون نقاشاً أطول، وأخرى بحجة أن نتفاهم مع نوابنا وهكذا، ولكن نحن مصرون ونعتقد أنه نتيجة استمرار مطالبتنا بهذه الحقوق فإنها ستطبق إن شاء الله، لكنها تحتاج استمراراً وهو ما نفعله. وعلى فكرة الورقة "ورقة المطالب" عالجت مشاكل العراق ككل.

هل تقصد أنها ورقة لا تمثل مطالب المكون العربي السنّي فقط؟

هذه ورقة وطنية، كل الأطراف السياسية والمكوناتية وضعت مطالبها ومخاوفها وهواجسها وتجاربها في هذه الورقة، لذلك هي أشبه بوثيقة موازية للدستور بكثير من النقاط، تأسست عليها حكومة السوداني، وتؤدي إلى عهد جديد من التفاهمات الحقيقية المبنية على العدالة الاجتماعية بما ينهي الفوارق والطبقية بالتعامل مع العراقيين على أساس عرقي أو طائفي.

دعني فقط أعود إلى النقطة ذاتها... أنت سألتني الآن، وأنا متابع ومنغمس في كثير من المطالب. تستطيع أن تقول إننا وصلنا إلى 90 في المائة في بعض هذه المطالب، وأخرى يُمكن القول إنها لم تتجاوز 10 في المائة، بمعنى أن اللجان التي تشكلت مثل لجنة معرفة مصير المغيبين، هذه اللجان حصرت أسماء المغيبين ومناطق سكناهم والقوات العسكرية المتواجدة في هذه المناطق والجهات المتهمة بهذه الجريمة، والبحث عنهم في كل السجون، لكن اللجان لم تصل إلى تقريرها النهائي. وكثير من النقاط شبيه بذلك، لكن هناك تحركاً وهناك جدية إلا أنه يحدث بطء في بعض الملفات.

هل يمكن القول إن فكرة الذهاب لانتخابات مبكرة تلاشت فعلاً؟

استقرار الوضع الأمني والسياسي، ووجود ائتلاف "إدارة الدولة" الذي يناقش كل القضايا بصراحة داخل اجتماعاته، جعلنا لا نظهر الكثير من المشاكل بالإعلام ونحاول مناقشتها وإيجاد حلول بدلاً من تهييج الشارع. وأعتقد أن الخلل الآن هو وجود كتلة كبيرة وهي نصف أو أكثر من نصف المجتمع العربي الشيعي في العراق، هي الكتلة الصدرية، خارج المعادلة السياسية، وهذا خلل كبير. هؤلاء تصدروا المشهد السياسي، وحصلوا على المرتبة الأولى بالانتخابات، وبالتالي عدم وجودهم يسبّب خللاً. ولمست من أغلب الكتل السياسية الموجودة في "إدارة الدولة" رغبتها بعودة الصدريين إلى العملية السياسية، ووجودهم خارج العملية السياسية محط إرباك، ويصبح أي استقرار أمني أو سياسي استقراراً هشاً.

لمست من أغلب الكتل السياسية الموجودة في "إدارة الدولة" رغبتها بعودة الصدريين إلى العملية السياسية

وأدعو كل الكتل السياسية لنجد طريقة للتفاهم مع الإخوة الصدريين لعودتهم إلى ممارسة العمل السياسي، والآن هم منسحبون حتى من الانتخابات المحلية التي ستجري في ديسمبر/كانون الأول المقبل، كما هو مقرر.

وهل ستجري برأيكم فعلاً انتخابات محلية؟

ما زالت تحضيرات الحكومة والمفوضية العليا للانتخابات متواصلة، لتكون الانتخابات في 18 ديسمبر/كانون الأول كما هو مقرر.

هل ترون بوجود الصدر خارج العملية السياسية مشكلة؟

نعم بالتأكيد... التيار الصدري جمهور مختلف عن جميع الأحزاب الأخرى، هم مؤدلجون وملتزمون بتعليمات الصدر. عدم وجود هذه الكتلة الكبيرة والمؤثرة، اليوم في العملية السياسية، يحتاج لكلمة أكبر من عبارة (مثلمة).

ما زال الكثير من تفاصيل أزمة كركوك الأخيرة غامضاً؟

كانت هناك أزمة أساساً بين حكومة إقليم كردستان والحكومة المركزية حول ملفات كثيرة وعلى رأسها الموازنة، وكان هناك سوء فهم بين ما يحتاجه الإقليم من مرتبات ونفقات حسب حصته في الموازنة السنوية، وبين ما يصله من هذه الموازنة، وتحدث في كل شهر أزمة مرتبات بطريقة تجعل هناك فوارق بين مكونات العراقيين، فالموظف بالمحافظات الخمس عشرة يستلم راتباً فيما موظفو محافظات كردستان لا يستلمون رواتبهم، وهذه إشارة سيئة تخدش المواطنة، وبالتالي كانت مطالبات الإقليم محقة في كثير من النقاط، وكان تفسير الحكومة المركزية في بغداد أيضاً وجهة نظر مقبولة. لكن الأمور وصلت إلى طريق مسدود والإخوة في كردستان صدر قرار عنهم بتعليق عملهم في الحكومة والبرلمان. وبتكليف من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، زرت أربيل واجتمعت مع الأخ مسعود البارزاني وناقشنا كل القضايا الخلافية، وهي مسألة كركوك والموازنة ونقاط أخرى.

بعد نقاش طويل اتفقنا على برنامج محدد أو رؤية محددة في سبيل حل هذه المشاكل، نبدأ بكركوك وننتهي بالموازنة. لمست حرصاً كبيراً من البارزاني على عدم التصعيد في كركوك وحفظ دماء العراقيين. وقمت بزيارة كركوك بعدما أصبحت كركوك عبارة عن معسكر لكل الأطراف المسلحة وهناك تشنج وضحايا وعشرات الجرحى وجو محتقن كلياً. بعد وصولي التقيت بكل الأطراف، العرب والتركمان والأكراد، والمحافظ وقيادة العمليات الأمنية وأطراف سياسية مختلفة، اتفقنا على التهدئة ووقف العنف وإلغاء التظاهرات التي كانت مقررة وكانت ستحدث بها مشكلة كبيرة لا تحمد عقباها.

لأول مرة سأقولها الآن، المؤسف أن هناك أطرافاً كانت تخطط لهذه الفتنة، وأحد الأطراف في بغداد هو طرف سياسي، والطرف الآخر من إقليم كردستان نفسه، واستخدموا بعض العناصر من المكون العربي، واستخدم بعض الأكراد تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي، في سبيل إثارة فتنة كبيرة في محافظة كركوك، يراد منها تحقيق مكاسب سياسية وأخرى إقليمية ضد تركيا تحديداً. هذا ما توصلنا إليه بالأدلة.

هل تقصد أن أطرافاً غير عراقية دخلت على خط أزمة كركوك؟

نعم هذا ما أقصده تماماً... أعطيك مثالاً حرق العلم العراقي في كركوك الذي تسبّب بإشعال الأزمة في كركوك، من قام بحرقه هو كردي تركي ينتمي إلى حزب العمال الكردستاني، وليس من الأكراد العراقيين. كردي تركي حرق العلم العراقي لإثارة الفتنة، وهناك أدلة على أن من قاموا بإطلاق النار بالاحتجاجات وقتْل الأكراد هم من تنظيم حزب العمال الكردستاني وكذلك من حرقوا سيارات العرب هم من التنظيم نفسه.
كانت فتنة وعملية منظمة، وحكمة مسعود البارزاني، والتصرف المسؤول من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ساعدانا على إخماد الفتنة في مكانها، وعدت إلى أربيل واتفقنا أن نوقف التظاهرات وبعد ذلك اتفقنا على مقترح أن يزور مسرور البارزاني بغداد، وفعلاً زارها، وكانت زيارة موفقة ونجح بعبور هذه المحنة التي لم تكن سهلة.

على ذكر حزب العمال الكردستاني، هل توصل العراق إلى اتفاق مع تركيا؟

العراق جاد في حسم ملف حزب العمال الكردستاني، وأغلب الكتل السياسية باتت ترى أن هذه المنظمة أصبحت خطراً كبيراً على العراق، وليس فقط تركيا. هذا الملف يطرحه رئيس الوزراء في الاجتماعات حالياً لإيجاد رؤية لكيفية معالجته، وهناك تفاهمات مهمة حالياً بين العراق والجانب التركي، تتعلق بوجود حزب العمال الكردستاني وطريقة التعامل معه، إلى جانب تفاهمات أخرى نوقشت مثل المياه وغيرها. زيارة الرئيس التركي قائمة وستكون قبل نهاية هذه السنة وستكون زيارة مهمة وستشهد التوقيع على مشاريع استراتيجية كبيرة بين البلدين.

ما موقفكم من استمرار وجود مليشيات عراقية في سورية؟

من الناحية الدستورية، وجود جماعات عراقية تقاتل خارج العراق يحاسب عليه القانون وهو مدان، نحن ضد وجود هذه المجموعات على الأرض العراقية وأي أرض أخرى. وفي النقاشات مع أغلب الكتل السياسية تنفي وجود أي علاقة لها بهذه الجماعات التي تقاتل في سورية مع النظام، لكننا نعلم أن هناك تدخلات إقليمية مشبوهة تحاول زج العراقيين في مشاكل بالبلدان الأخرى، وخصوصاً في سورية وبقية المناطق الملتهبة في اليمن وغيره.

وجود جماعات عراقية تقاتل خارج العراق يحاسب عليه القانون وهو مدان

ما سبب تأخر عمليات الإعمار في المدن المحررة، على الرغم من مرور سنوات عديدة على انتهاء المعارك؟

لا شك أن مصيبة "داعش" كبيرة على محافظاتنا والعراق والمنطقة ككل، لكن الأكثر تضرراً من "داعش" هم السنّة والمناطق السنّية مئات المرات من أكثر المدن الأخرى في العراق، والناس الذين وقعوا أسرى تحت سلطة "داعش" بسبب انسحاب القوات العراقية، فقدوا أهلهم ووظائفهم ومصادر رزقهم، وفجعوا كثيراً، لكنهم فوجئوا بأن من دخلوا عليهم بعد "داعش" كانوا أكثر انتقاماً من "داعش" وتم حرق أكثر المدن من قبل هذه المجموعات. لا أعمّم طبعاً، كان عدد منها يحرّم قتل الناس والاعتداء على ممتلكات الناس أو سلبها، لكن ما حصل بعد دخول تلك الجماعات لهذه المحافظات من قتل ودمار يفوق ما فعله "داعش" في 3 سنوات.

المصيبة كبيرة، ومهما فعلت المنظمات والجهات في سبيل إعادة الإعمار فإنها لن تستطيع القيام بذلك ما لم تكن هناك خطة وميزانية ضخمة لتنهض هذه المناطق من كبوتها. حقيقةً، نحن نركز على نقطة أخرى. قبل الإعمار نريد كرامة الناس، قبل الإعمار نريد إعمار البشر، وسحب العناصر المستفزة والطائفية والمجرمة من هذه المحافظات. نريد تحقيق العدالة بين أطراف الشعب العراقي، فهذه المحافظات تشعر بالغبن والتهميش، لذلك نحن نرفع شعار إعادة كرامة الناس قبل إعادة إعمار الحجر.
الدولة لديها ميزانية ضخمة وأسعار النفط عالية، ونشد على يد رئيس الوزراء في محاربة الفساد، ونعول على الانتخابات المقبلة من أجل تصحيح الوضع بوجود شخصيات نزيهة وتدافع عن هذه المحافظات، وهذه الانتخابات مهمة جداً لأن الحكومات المحلية لديها صلاحيات واسعة في الإعمار والأمن والتطوير الصحي والخدمي والتعليمي.

لا تتحدثون كثيراً عن هوية تحالفكم "السيادة"، هل هي مدنية أو سنّية؟

الآن هو حزب السيادة... هو يمثل المحافظات السنّية العراقية بالدرجة الأولى، ويمثّل هذا المكون الرئيسي لكن بنَفَس عروبي وطني، ويسعى إلى الأمن والاستقرار، ورفع المظالم عن محافظاتنا وعن كل العراقيين، وبذلك نحن باتفاق الجميع، الخصوم والأصدقاء، نحن من نمثّل المكون العربي السنّي في المحافظات، وبالتالي هو يدافع عن الأمن والاستقرار بالعراق. نرى كما يرى عبد الرحمن الداخل، لا رفاه بلا أمن، ولا أمن بلا حزم ولا حزم بلا عدالة.

هل لديكم خشية من تكرار سيناريو اتفاقاتكم مع تحالف "البناء" عام 2018 وتنصّله من تعهداته لكم؟

كل الأطراف استفادت من التجربة المريرة التي مرّ بها العراق منذ عام 2003، وإصرار الأطراف على مبدأ الغالب والمغلوب لم يجلب للعراق لا أمناً ولا استقراراً ولا علاقات دولية طيبة ولا علاقات إقليمية جيدة. جربوا في الفترة الماضية كيفية انعكاس الاتفاق بيننا داخلياً على وضع العراق الإقليمي والدولي والانفتاح على العراق من قبل العرب.
أعتقد أن هناك مناخاً جديداً عند أغلب الأطراف السياسية ومن كل المكونات على ألا نعود للمربع الأول، وأن العراق لا يمكن أن يُحكم إلا من جميع أهله، وبالتالي نعم أنا قلق لأنها حقوق للناس علينا، ولهذا أنا مستمر في الضغط والمطالبة بتنفيذ الطلبات وإقرار العدالة ونتساعد جميعا في عدم عودة الإرهاب وعدم عودة الطائفية التي سيكتوي بها الجميع.

هل تتفقون مع دعواتٍ لتعديل أو مراجعة الدستور؟
الدستور عليه ملاحظات كثيرة. ونحن ندعو إلى عقد اجتماعي جديد تُجمع عليه الكتل السياسية من أجل معالجة الأخطاء والتي تُرتكب باسم تطبيق الدستور، وهناك تفسيرات وهناك نقاط بالدستور تركت سائبة لتحليلات وتفسيرات وهذا خطأ كبير يحتاج إلى ضبط.

زيارة أمير دولة قطر (منتصف يونيو/حزيران الماضي) إلى بغداد، هل ترتب عنها شيء على أرض الواقع؟

زيارة سمو أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني كانت تاريخية بكل المقاييس. جو الترحيب الشعبي العام في العراق سبق الزيارة بشكل غير معهود. الزيارة عملية والاجتماع بين رئيس الوزراء وأمير دولة قطر نتجت عنه جملة من الاتفاقات التي وُقعت بين البلدين. يمكن القول إنها الأهم التي وقّعتها بغداد منذ فترة طويلة.
المشاريع الاستثمارية التي أُبرمت أعطت دفعة كبيرة للاقتصاد العراقي، ومنحت جو اطمئنان غير مسبوق للمستثمرين الأجانب الآخرين لأنه معروف عن قطر أنها عندما تصبح في مكان تكون قد درست كل الجوانب اللوجستية والأمنية والسياسية فيه، وبالتالي أعطت قطر دفعة كبيرة للعراق.

الشركات التي وصلت مع أمير دولة قطر، باشرت العمل بعد أسبوع من التوقيع على الاتفاقات وفوجئ كل العراقيين بهذه السرعة

في العراق، نحن نعاني من موضوع جدية تنفيذ الاتفاقات من قبل الدول، ويكون التنفيذ صعباً أو تُلغى، لكن الشركات التي وصلت مع أمير دولة قطر، باشرت العمل بعد أسبوع من التوقيع وفوجئ كل العراقيين بهذه السرعة وهذه الجدية بتطبيق ما تم الاتفاق عليه. قطر ساعدت العراق في كثير من المحن بدون مقابل ووقفت مع وحدة البلد في كل الظروف الصعبة وكانت تعارض الطائفية وتحاول جمع العراقيين على المواطنة والعروبة والدفع باتجاه عراق واحد، قطر الحليف الأول المقبول شعبياً في العراق بمختلف مكوناته.

سيرة

خميس فرحان علي الخنجر العيساوي من مواليد مدينة الفلوجة عام 1965. حاصل على شهادة البكالوريوس والماجستير في العلوم السياسية.
ينتمي الخنجر إلى أسرة معروفة بالتجارة والأعمال على مستوى العراق. عام 2004، أنشأ "مؤسسة الخنجر للتنمية"، المعنية بمساعدة آلاف الطلاب بإكمال دراستهم داخل العراق وخارجه، كما تولت المؤسسة إطلاق مشاريع إنسانية مختلفة بعد اجتياح تنظيم "داعش" مناطق شمال وغربي العراق.
تصاعد دوره السياسي بعد عودته إلى العراق عام 2018 عبر كتلة "المشروع العربي"، التي سرعان ما اتسعت قاعدتها الشعبية لتتحول إلى تحالف كبير يضم كتلاً وشخصيات سياسية وأكاديمية سنّية بارزة.