صدر مساء الأحد مرسوم أميري بتشكيل الحكومة الكويتية الجديدة، هي الـ43 في تاريخ البلاد، والرابعة برئاسة نجل أمير البلاد، الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح، منذ تكليفه لأول مرة في أواخر يوليو/ تموز الماضي، بمعدل حكومة كل ثلاثة أشهر تقريباً.
وأصدر وليّ عهد الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، الثلاثاء الماضي، مرسوماً أميرياً بتعيين الشيخ أحمد نواف رئيساً لمجلس الوزراء، وتكليفه ترشيح أعضاء الحكومة الجديدة، بعد استقالة الحكومة عقب الانتخابات التي أُجريت في 6 يونيو/ حزيران الجاري، وأسفرت عن اختراق جديد للمعارضة بحصولها على نحو 35 مقعداً.
واشتملت الحكومة الكويتية الجديدة التي تضمّ 15 وزيراً، على عودة 9 وزراء (من أصل 14) في الحكومة السابقة، ودخول 6 ستة وزراء جُدد.
وعلى الرغم من التغيير المحدود في التشكيل الجديد، إلا أنها حملت مفاجأة من العيار الثقيل، وذلك بعودة الشيخ أحمد فهد الأحمد الصباح، في منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، بعد غياب دام 12 عاماً.
وتُعدّ عودة الشيخ أحمد سابقة جديدة في تاريخ الحكومات الكويتية، حيث لم يسبق لوزير أن استقال من منصبه على خليفة استجواب وُجّه إليه، العودة إلى الحكومة من جديد. وكان عدم حصول الوزير من أبناء الأسرة الحاكمة، على العدد الكافي لتجاوز طلب طرح الثقة بمجلس الأمة بمثابة "الإعدام السياسي" لطموحه في الارتقاء على سُلّم الحكم.
وغادر الشيخ أحمد الحكومة الكويتية عام 2011، على خلفية استجواب تقدّم به كل من رئيس مجلس الأمة السابق وعضو البرلمان الحالي مرزوق الغانم، والنائب السابق عادل الصرعاوي، تضمّن 4 محاور حول تجاوزات مالية مختلفة، لكن الشيخ أحمد فهد الصباح استقال قبل مناقشة الاستجواب، بعد شعوره بعدم قدرته على الحصول على أغلبية برلمانية مريحة.
وبعد أشهر قليلة من استقالته، استقال كذلك أول رئيس وزراء من أبناء الأسرة الحاكمة في تاريخ الكويت، الشيخ ناصر المحمد الصباح، بعد اقتحام المعارضة مجلس الأمة، عقب حراك احتجاجي ضد تسريبات بأسماء نواب يشتبه بأنهم تلقوا مبالغ مالية من رئيس الحكومة، وحامت الشبهات حينها حول الشيخ أحمد، باعتباره من سربها كجزء من انتقامه من الشيخ ناصر لعدم التضامن الحكومي مع استجوابه.
واستغل الشيخ أحمد زخم الحراك الاحتجاجي المعارض في الكويت عام 2013، حيث دخل إلى المشهد السياسي من خلاله بقوّة من خارج المنصب الوزاري، حين لفت إلى وجود "شريط فيديو" يثبت فيه وجود تآمر من قبل شخصيات نافذة ومسؤولة على القيادة السياسية وعلى نظام الحكم. وأشار إلى أن هذه الشخصيات قامت "برشوة القضاة والتخابر مع إسرائيل"، ناشراً هذه الأخبار عبر إعلاميين محسوبين عليه في وسائل التواصل الاجتماعي.
واشُتهرت هذه القضية باسم "بلاغ الكويت" لاحقاً، بعدما تقدّم الشيخ ناصر المحمد ورئيس مجلس الأمة السابق الراحل جاسم الخرافي، بشكوى رسمية إلى النيابة العامة بحق الشيخ أحمد بسبب الاتهامات التي طاولتهم، ليرد الأخير بتقديم "الشريط" وقرار تحكيم سويسري وآخر بريطاني مبني على التحكيم السويسري في "بلاغ الكويت" إلى النيابة العامة، واستمرت قضية الشريط خلال عام 2014، مؤججة الخلافات الداخلية، ما دفع أمير الكويت الراحل، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، إلى إصدار بيان في يونيو/ حزيران من العام نفسه طالب فيه "بالتوقف عن الخوض في الأشرطة وعدم نشر الفتنة".
لكن النيابة العامة قررت في مارس/ آذار 2015 حفظ "بلاغ الكويت"، نظراً لعدم صحة الشريط بحسب رأيها، ما دعا الشيخ أحمد فهد الصباح بعدها بأيام، إلى تقديم بيان على تلفزيون دولة الكويت الرسمي، اعتذر فيه لأمير البلاد ولوليّ العهد ولرئيس مجلس الوزراء السابق ورئيس مجلس الأمة السابق وللقضاة بسبب "ما بدر منه من مساس وإساءة وتجريح بقصد أو غير قصد خلال الفترة الماضية، نتيجة المعلومات والمستندات التي وصلته والتي تتعلق بمصالح الوطن" ظناً منه أنها "صحيحة وذات مصداقية".
وعلى الرغم من ابتعاد الشيخ أحمد عن الواجهة بعد بيان الاعتذار، لكنّه حافظ على تأثيره ووجوده في المشهد السياسي في الكويت، وتمتع بعلاقات واسعة طوال الأعوام الأخيرة مع أعضاء المعارضة في البرلمان وخارجه، الذي أطاح في النهاية خصمه التاريخي مرزوق الغانم من رئاسة مجلس الأمة، وسبقته إطاحة ثلاثة رؤساء للوزراء من منافسيه في الوصول إلى الحكم.
إلى ذلك، كان أبرز الذين جُددت بهم الثقة، الشيخ طلال خالد الأحمد الصباح، بتوليه منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ووزير الدفاع بالوكالة، والشيخ سالم عبد الله الجابر الصباح، بتوليه منصب وزير الخارجية.
كذلك جُددت الثقة بكل من أحمد العوضي في منصب وزير الصحة، وحمد العدواني في منصب وزير التعليم، وعبد الرحمن المطيري في منصب وزير الإعلام ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية.
وجُددت الثقة في كل من فهد الشعلة في منصب وزير الدولة لشؤون البلدية ووزير الدولة لشؤون الاتصالات، ومحمد العيبان في منصب وزير التجارة والصناعة ووزير الدولة لشؤون الشباب، ومناف الهاجري في منصب وزير المالية.
كما جُددت الثقة في المرأة الوحيدة في الحكومة الجديدة، وهي أماني بوقماز في منصب وزير الأشغال العامة.
ودخل الحكومة لأول مرة ضمن التغيير الذي أُجري عليها كل من رجل الأعمال سعد البراك في منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير النفط ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار. كما دخل كوزير "محلل" من أعضاء مجلس الأمة، النائب عيسى الكندري، في منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمة، حسب نص المادة 56 من الدستور، التي تشترط أن "يكون تعيين الوزراء من أعضاء مجلس الأمة ومن غيرهم"، ما يعني إلزامية تواجد عضو على الأقل من أعضاء البرلمان.
وشهدت الحكومة الجديدة دخول فرد جديد لأول مرة من أبناء الأسرة الحاكمة، هو الشيخ فراس سعود المالك الصباح، في منصب وزير الشؤون الاجتماعية وشؤون الأسرة والطفولة.
كذلك دخل تشكيل الحكومة لأول مرة جاسم الأستاذ في منصب وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة، وفالح الرقبة في منصب وزير العدل ووزير الدولة لشؤون الإسكان.