حقوقيون تونسيون: لا رجوع إلى الديكتاتورية

أكد حقوقيون تونسيون، اليوم الجمعة، عدم إمكانية الرجوع عن المسار الديمقراطي، خاصة في ظل بوادر إعادة الحكم الفردي والتضييق على الحريات، ومهاجمة الأجسام الوسيطة من أحزاب ومنظمات ونقابات وناشطين وناشطات، في تقويض لمكتسبات الثورة.

جاءت هذه المواقف خلال مؤتمر دولي نظم، أمس الخميس واليوم الجمعة، بمبادرة من "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، و"محامون بلا حدود"، و"المفوضية السامية لحقوق الإنسان"، حول العدالة الانتقالية - التجربة التونسية وتجارب المقارنة.

وأكد المشاركون أهمية الاستقرار السياسي في إنجاح مسار العدالة الانتقالية.

وقال المسؤول عن برنامج "إصلاح العدالة ودولة القانون" في منظمة "محامون بلا حدود"، لمين بنغازي، في تصريح لـ"العربي الجديد": "إنهم يحاولون من خلال المؤتمر إيجاد رابط بين الماضي والحاضر، خاصة في ظل الانتهاكات والتضييق على الحريات واستهداف السياسيين والنشطاء، مع تفاقم الخطابات العنصرية وعدم تفعيل استقلالية القضاء، ما يكرس الإفلات من العقاب"، مضيفاً أنهم "كنشطاء وسياسيين، يرفضون عودة ممارسات الماضي التي بدأت تعود".

تقارير عربية

التحديثات الحية

سياسيون تونسيون يتوقعون تزايد الاعتقالات: دليل على تخبط السلطة

من جانبها، قالت نائبة ممثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان في تونس، سمر خميس، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هناك مميزات خاصة لتجربة العدالة الانتقالية في تونس، فالمحاكم المتخصصة تتكون من قضاة تونسيين تكونوا في هذا المجال، وهذه التجربة يمكن الاستفادة منها"، مؤكدة "الحاجة لتطوير المحامين والمحاميات للتقاضي أمام المحاكم المتخصصة ودعم الضحايا".

وأشارت إلى أن "العدالة الانتقالية لا تتعلق فقط بالمساءلة الجنائية؛ بل هناك حاجة للاعتذار وعدم تكرار ما حصل من خلال الملتقيات والمؤتمرات وتصريحات مسؤولي الدولة".

وأوضحت أنه "تمكن الاستفادة من التجربة التونسية والوقوف على بعض النقاط الإيجابية والسلبية أيضاً، كعدم المساءلة الجنائية وعدم اتخاذ إجراءات لتجنب تكرار ما حصل في السابق".

وقال منسق "مشروع العدالة الانتقالية" في "محامون بلا حدود"، حمزة بن نصر، إن "هدف العدالة الانتقالية إقامة دولة ديمقراطية، أي حصول انتقال سلس للوصول إلى الديمقراطية".

وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "ما حصل هو ضرب وتشويه للمسار وللضحايا من أجل حسابات سياسية أدت إلى الديكتاتورية"، مشيراً إلى أن" التجربة التونسية لا تعتبر الأولى التي لم تكمل المسار إلى الآخر، إذ إن العديد من التجارب فوتت الفرصة في انتقال ديمقراطي سلس، مثل سريلانكا والكونغو، وهي تعيش تحت ديكتاتورية مقيتة".

وأوضح بن نصر أن "هناك إصلاحات مؤسساتية لا بد أن تحصل عاجلاً أم آجلاً، واليوم صارت حتمية في ظل الوضع الراهن. نحن نرى تغولاً للمؤسسة الأمنية ومحاكمات نتيجة تقارير أمنية، وغياب استقلالية القضاء، وهناك سلطة وحيدة في ظل عدم التفرقة بين السلطات وغياب مؤسسات دستورية"، مؤكداً أن هذا" لن يقود إلا إلى ديكتاتورية وسط خيبة أمل الضحايا الذين ناضلوا من أجل تنفس الحرية يوم 14 يناير".

وأضاف المتحدث أن "هناك فرصاً للتدارك والقيام بالإصلاحات اللازمة وإيقاف حملات التشويه والعودة إلى الطريق الصحيح".

وقالت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين، في كلمة لها، إن الإيقافات شملت شخصيات لا علاقة لها بما تمر به البلاد من أزمة"، مضيفة أنهم "مجرد كبش فداء للإيهام بأنهم متورطون في الفساد"، مضيفة أن "هيئة الحقيقة والكرامة كانت قد رفعت جملة من التوصيات المهمة لرئاسة الجمهورية والحكومة، ولكن لم تُنفذ.. ما تمر به تونس اليوم هو فاتورة عدم تنفيذ تلك التوصيات".

وأوضحت بن سدرين أن "الهيئة، وأثناء فترة عملها من 2014 إلى 2019، رصدت ملفات فساد في الجانب المالي والبنكي، ولكن لم تؤخذ بعين الاعتبار واقتُصر فقط على ملف الانتهاكات وضحايا الاستبداد الذي هو جزء من ملف العدالة".