سجلت قرى وبلدات شمال سورية ضمن مناطق سيطرة المعارضة السورية، حركة نزوح كثيفة خلال الأيام القليلة الماضية، وذلك بسبب التصعيد المتواصل من قبل قوات النظام وروسيا والمليشيات المرتبطة بإيران، من خلال القصف المدفعي والصاروخي والغارات الجوية والطيران المُسيّر. ويأتي ذلك بالتزامن مع إرسال القوات التركية تعزيزات عسكرية إلى نقاطها المنتشرة على مقربة من خطوط التماس مع قوات النظام، ضمن ما يُعرف بمنطقة "خفض التصعيد الرابعة" (إدلب وما حولها)، في ظل الحديث عن احتمالية وقوع صدام عسكري وبدء معركة برية بين فصائل المعارضة من جهة وقوات النظام المدعومة من روسيا من جهة أخرى.
ويقول أحمد حجازي، وهو أحد سكان بلدة الأبزمو بريف حلب الغربي، لـ"العربي الجديد"، إنه "بالنسبة لسكان ريف حلب الغربي بشكل عام، نسبة النزوح كبيرة جدًا بسبب الإشاعات التي تنتشر حول احتمال وجود عمل عسكري على مواقع قوات النظام، وتخوف المدنيين من هذا العمل، كون القرى التي تنزح قريبة من خطوط الجبهات أو خطوط التماس مع قوات النظام، والتي تتعرض للقصف بشكل دائم". وتابع: "لهذا السبب، نزح كثيرون إلى المناطق الشمالية خوفًا من استهدافهم من قبل قوات النظام".
ويضيف حجازي: "النقطة الثانية هي أن بعض الأشخاص، مثل حالتي، ليس لديهم مكان آخر يلجؤون إليه. أنا شخصيًا ليس لدي بيت آخر أستطيع الذهاب إليه، لذلك لم أقرر النزوح بعد. حتى الآن، ما زلت في منزلي ولم أخرج منه لهذا السبب".
بدوره، يقول عامر حاج بكري، المنحدر من منطقة جبل الزاوية، بريف إدلب الجنوبي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "المخيمات في هذه المنطقة، بالقرب من دركوش في ريف إدلب الغربي هي ضمن منطقة الحرب، أو تلك التي يذهب إليها أهل المخيمات بشكل جيد، موجودة في مناطق مثل سرمدا أو المناطق الشمالية كحارم وما شابه، وهي قليلة مقارنةً بعدد النازحين. لا أعرف إن كانت هذه المناطق قد أصبحت مناطق للقصف والضرب كما كانت سابقًا".
ويضيف حاج بكري: "في السابق، على سبيل المثال، كان من ينزح من معرة النعمان أو من خانشيخون يصل إلى مناطق مثل إدلب، حيث كانت قوات النظام بعيدة، وكان القصف يتركز على المناطق الجنوبية. أما اليوم، فمن المتوقع أن يتوزع القصف على إدلب بأكملها وعلى ريف حلب. بالكاد تكمل الطائرة دورة قصف واحدة، وهذا يشير إلى صعوبة الوضع". كما يرى حاج بكري أن "فكرة الابتعاد عن الخطوط الأمامية ستكون ضرورية، لا سيما فيما يتعلق بالأطفال والنساء وغيرهم من الفئات الضعيفة".
أكبر حركة نزوح في سرمين
إلى ذلك، يوضح إبراهيم السيد، لـ "العربي الجديد"، أنه "بشكل عام، ثلث أرباع سكان مدينة سرمين نزحوا إلى المناطق الآمنة نسبياً شمال سورية. هذه أكبر حركة نزوح تشهدها المدينة منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في مارس/ آذار عام 2020".
وبين السيد، أنه "بشكل يومي القصف يتركز على مدينة سرمين بالمدفعية والصواريخ، كما أن هذا الحال مشابه تماماً لحال بلدة آفس القريبة من سرمين، والتي تعتبر خطا أول لخطوط التماس مع قوات النظام السوري".
بشكل يومي القصف يتركز على مدينة سرمين بالمدفعية والصواريخ
وأشار إلى أن "العوائل التي بقيت في سرمين وآفس هي عوائل فقيرة وليس لها أي استطاعة لتحمل تكاليف النزوح وإيجارات المنازل التي تتراوح أسعارها من 100 إلى 150 دولارا أميركيا بالمتوسط، بالإضافة إلى تكلفة نقل جزء من أثاث المنازل، وهذه العوائل يقتصر نزوحها على الأراضي الزراعية المحيطة بالمدينة والبلدة".
وكانت القوات التركية، قد أرسلت يوم أمس الثلاثاء، تعزيزات عسكرية إلى نقاطها المنتشرة على مقربة من خطوط التماس مع قوات النظام السوري في ريف محافظة إدلب الشرقي والجنوبي، الواقعة ضمن ما يُعرف بمنطقة "خفض التصعيد الرابعة" (إدلب وما حولها)، شمال غرب سورية. ويأتي ذلك بالتزامن مع استمرار تصعيد قوات النظام وروسيا من خلال القصف المدفعي والصاروخي على قرى وبلدات منطقة جبل الزاوية جنوبي محافظة إدلب، ومنطقة سهل الغاب شمال غربي محافظة حماة، وريف حلب الغربي، وريف اللاذقية الشمالي الشرقي.