أظهرت تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس الاثنين، حرصه على تحسين العلاقات مع الجزائر، التي شهدت أزمة أخيراً على خلفية قضية الناشطة أميرة بوراوي.
وقال ماكرون في مؤتمره الصحافي الذي عقده الاثنين بمناسبة جولته الأفريقية: "أشياء كثيرة قيلت بعد عودة فرانكو – جزائرية إلى فرنسا عبر تونس، وما هو أكيد أن أناساً كثيرين لديهم مصلحة بأن يكون مآل ما نقوم به مع الجزائر منذ عدة سنوات، الفشل".
وأكد في السياق نفسه، أنه مصرّ على تنفيذ التفاهمات التي جرت بينه وبين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، خاصة تفاهمات أغسطس/ آب 2022، خلال زيارته للجزائر، وقال: "أنا متيقن من صداقة تبون وإرادته وانخراطه، ومتأكد أننا سنواصل تسجيل تقدم في علاقات بلدينا".
ووجه ماكرون رسالة سياسية مزدوجة، الأولى إلى الأطراف اليمينية الفرنسية التي تسعى لتعطيل مسار إعادة بناء العلاقات الفرنسية الجزائرية، والثانية إلى الطرف الجزائري لالتزامه التفاهمات المعلنة، وقال: "رسالتي واضحة، سأواصل العمل الذي شرعنا فيه، فليست هذه المرة الأولى التي أتلقى فيها ضربة، سنواصل العمل الذي قمنا به منذ عدة سنوات حول ملف الذاكرة وغيرها، نريد تحقيق طموحات شبابنا، قمنا بعمل كبير في ملف الاقتصاد والتعاون العسكري، فلأول مرة منذ 1962 عُقد اجتماع بين رئيسي البلدين بحضور وزيري الدفاع وقائدي الجيشين، (اجتماع أمني عقد في ختام زيارته للجزائر في 26 أغسطس/ آب الماضي)، ولأول مرة منذ 1962 قام قائد أركان الجيش الجزائري بزيارة لفرنسا، وهذه مؤشرات هامة".
وعلّق الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية في جامعة باريس فيصل ازغدارن، في حديث مع "العربي الجديد" على تصريحات ماكرون، لافتاً إلى أنها "تأتي ضمن الخطوات التصحيحية، ومحاولة لإنقاذ العلاقات الجزائرية الفرنسية من الانهيار، خصوصاً إذا أضيفت هذه التصريحات إلى قرار سابق اتخذ بإحالة السفير الفرنسي في الجزائر هنري غوييات على التقاعد، وشطبه من لائحة الإطارات الدبلوماسية، وهذا يعني وجود رغبة كبيرة من قبل ماكرون للاستمرار في خط العلاقة الجديدة مع الجزائر، وتجاوز محاولات أطراف فرنسية لتعطيلها"، مضيفاً أن "كل ذلك يترتب عن مدى الصدى الذي ستأخذه هذه التصريحات والخطوات الفرنسية لدى الجانب الجزائري، وكيفية التعاطي معها، خاصة في حال إعادة السفير الجزائري إلى باريس في وقت لاحق".
وكان ماكرون يعلّق على أزمة دبلوماسية وسياسية طارئة وحادة اندلعت منذ السادس من فبراير/ شباط الجاري بين الجزائر وباريس، عندما قرر الرئيس الجزائري استدعاء السفير سعيد موسي من باريس للتشاور، على خلفية تدخل القنصلية الفرنسية في تونس لمنع ترحيل الناشطة الجزائرية أميرة بوراوي إلى الجزائر، والضغط على تونس لترحيلها إلى فرنسا، بزعم حملها لجواز سفر فرنسي، بعدما كانت قد وصلت إلى تونس قادمة من الجزائر، بطريقة غير قانونية، لكونها ممنوعة من مغادرة التراب الجزائري، ومحكوماً عليها بالسجن هناك.
ووجهت الخارجية الجزائرية إلى نظيرتها الفرنسية مذكرة احتجاج قوي، إزاء ما وصفته "بعملية تهريب غير شرعية لمواطن جزائري، وانتهاك السيادة الوطنية من قبل موظفين دبلوماسيين وقنصليين وأمنيين تابعين للدولة الفرنسية، الذين شاركوا في عملية تسلل سرية وغير مشروعة لإحدى الدول".
واستبق ماكرون بتصريحاته الجديدة كل إمكانية "لسير العلاقات باتجاه الانهيار التام ونحو قطيعة قريبة، إذ إن حدوث القطيعة لم يعد بعيداً على ما يبدو"، وفقاً لما عبّر عنه الجانب الجزائري، وفي سياق يوحي بالسعي للإبقاء على زيارة الرئيس تبون لباريس في موعدها المحدد في مايو/ أيار المقبل.