حراك أميركي في آسيا: الأولوية للصين وكوريا الشمالية

17 مارس 2021
تقوم واشنطن بمراجعة سياساتها في منطقة آسيا (ألكس وونغ/Getty)
+ الخط -


أطلقت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، قطار العمل رسمياً على أجندتها الخارجية، معلنة تربع الصين على رأس أولوياتها، على الرغم من استمرارها في العمل على مراجعة سياساتها وسياسات الإدارة السابقة، التي ظلّلها شعار دونالد ترامب "أميركا أولاً". وإذا كان بايدن يستعيد شعار الاستدارة شرقاً الذي أطلقه الرئيس السابق باراك أوباما، والذي أكمله ترامب بأدوات وسياسات مختلفة، فإن المسألة الصينية المعقدة، والتي تحمل أكثر من عنوان، أعادت المسألة الكورية الشمالية إلى الواجهة، والتي كان ترامب أخفق في إحداث اختراق فيها، لتحييد ملف بيونغ يانغ النووي. وتزامناً مع زيارة أميركية رفيعة المستوى لكوريا الجنوبية واليابان، صعّدت كوريا الشمالية من حدّة لهجتها تجاه واشنطن، في أول رسالة مباشرة إلى إدارة بايدن، وفي إشارة إلى مدى تشعب القضايا الملتهبة التي تحيط بالمسألة الصينية. في غضون ذلك، تريد واشنطن المواءمة بين حثّها دول المنطقة على تعزيز ترسانتها الدفاعية والإنفاق العسكري، وتعزيز تحالفاتها مع هذه الدول، لمواجهة النفوذ الصيني المتنامي.

بيونغ يانغ: واشنطن تجهد لنشر رائحة البارود عبر المحيط

وليس أوضح تعبير عن أولوية الصين أميركياً، سوى الجولة الآسيوية التي بدأها منذ أول من أمس الإثنين، وزيرا الخارجية والدفاع الأميركيان، أنتوني بلينكن ولويد أوستن، والتي تشمل طوكيو وسيول، وهي الأولى لهما إلى الخارج منذ توليهما منصبيهما، على أن يلتقي بلينكن غداً الخميس نظيره الصيني وانغ يي في ألاسكا. وسبق ذلك أول اجتماع قمة لبايدن مع زعماء خارجيين، الأسبوع الماضي، حيث أدار قمة افتراضية مع زعماء مجموعة "كواد"، التي تضم بلاده وأستراليا واليابان والهند. وفي لقائه رؤساء وزراء هذه الدول، سكوت موريسون ويوشيدي سوغا وناريندرا مودي، كان العنوان الأبرز لبايدن مواجهة العملاق الصيني في آسيا في عملية توزيع لقاح كورونا، وتكثيف التعاون في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، على أن يكون سوغا، أول زعيم خارجي يلتقيه بايدن في البيت الأبيض، الشهر المقبل. وتؤكد الزيارة المرتقبة على دعم واشنطن لسوغا، إذ لا ترغب بأن تشهد على تبدل سريع للقيادات في طوكيو، بعدما تعاونت طويلاً مع سلفه شينزو آبي.

وفي طوكيو التي أمضى فيها بلينكن وأوستن يومين، وكذلك في سيول التي يصل إليها الرجلان اليوم، على أن يتوجه أوستن منفرداً غداً الخميس إلى الهند، تتصدر الصين وكوريا الشمالية، أجندة المباحثات، التي أجراها وزراء 2+2؛ بلينكن وأوستن، ونظيراهما اليابانيان، توشيميتسو موتيغي نوبو وكيشي، وكذلك في سيول حيث سيلتقيان الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن. وانتقد الوزراء الذين اجتمعوا في طوكيو، أمس، الصين، مجددين التزامهم معارضة "سلوكها المزعزع للاستقرار".
وإذا كانت "عدائية" الصين في البحر الجنوبي، هي مصدر القلق الأول في اليابان، فإن سيول ستحث من دون شك الأميركيين، على محاولة مواصلة التواصل مع الجارة الشمالية، وهو ما حاولت إدارة بايدن فعله منذ فبراير/شباط الماضي، وأخفقت فيه، بحسب "رويترز". كما أن الإدارة الأميركية، ستحاول ضمّ كوريا الجنوبية، التي تتشارك معها منذ سنوات في مناورات عسكرية، وحيث تتواجد قواعد أميركية على أراضيها (و28 ألف جندي)، إلى تحالف "كواد"، أكان ذلك عبر المناورات البحرية المشتركة، أم تمتين الإمدادات الاقتصادية، علماً أن الصين هي المُصّدر الأول لهذا البلد، الذي لا يزال يصنف نفسه في الصراع الأميركي – الصيني، "خارج الاصطفاف"، هو والهند.

توافق بين أميركا واليابان على معارضة سلوك الصين

في المقابل، كان من المتوقع أن تقوم كوريا الشمالية، بأول "استفزاز" لها للزيارة الأميركية للمنطقة، من دون أن يستبعد مراقبون، أن يلي ذلك ردّ على استعادة سيول وواشنطن مناوراتهما العسكرية المشتركة، الأسبوع الماضي. وفي هذا الإطار، ندّدت شقيقة زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، كيم يو جونغ، أمس الثلاثاء، بالولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. ونقلت صحيفة "رودونغ سينمون" الرسمية، بياناً للشقيقة النافذة لكيم، قدّمت فيه "النصح" إلى الإدارة الأميركية الجديدة "التي تجهد عبر المحيط لنشر رائحة البارود في أرضنا"، مضيفة أنه "إذا كنتم ترغبون بالنوم مطمئنين للسنوات الأربع المقبلة، فالأفضل منذ البداية عدم التسبب بأعمال تجعلكم تصابون بالأرق". وفي إشارة إلى المناورات التي استعيدت بين جارتها الجنوبية وواشنطن، قالت إن "حكومة كوريا الجنوبية اختارت مجدداً مسيرة الحرب ومسيرة الأزمة، بدلاً من مسيرة دافئة"، محذرة من أنه "لن يكون من السهل لأيام الربيع الدافئة التي سادت قبل 3 سنوات أن تعود، إذا اتبعت حكومة كوريا الجنوبية أي تعليمات تتلقاها من أسيادها". وحول ذلك، هدّدت بإلغاء الاتفاق العسكري بين الشمال والجنوب (الموقّع خلال زيارة مون جاي إن لبيونغ يانغ في 2018) "إذا تصرفت سيول بشكل أكثر استفزازاً".
وتعد تصريحات كيم يو جونغ، أول إشارة صريحة من هذا البلد تجاه بايدن. ورفض بلينكن، من جهته، التعليق على تصريحات شقيقة كيم جونغ أون، لكن بيان وزراء طوكيو جدّد المطالبة بـ"نزع كامل للسلاح النووي" لبيونغ يانغ، محذراً من أن ترسانة هذا البلد "تشكل تهديداً للسلام والاستقرار الدوليين". وقال بلينكن: "نحن نبحث في ما إذا كانت هناك إجراءات ضغط إضافية فعّالة، وما إذا كانت هناك طرق دبلوماسية منطقية، كل ذلك قيد المراجعة"، مضيفاً أن "لدينا تصميماً مشتركاً على التعامل مع التحدي الكوري الشمالي، خصوصاً في ما يتعلق ببرامج الصواريخ النووية، وانتهاك حقوق الإنسان".
وكان كيم جونغ أون انتقد الولايات المتحدة قبل فترة وجيزة من تنصيب بايدن في يناير/كانون الثاني الماضي، واصفاً إياها بـ"العدو الرئيسي الأول" لبلاده. ورأى الباحث في المعهد الكوري للأبحاث الاستراتيجية الوطنية، شين بيوم تشول، في حديث لـ"فرانس برس"، أن تصريحات شقيقة كيم مثّلت سابقاً خطوات تصعيدية لبيونغ يانغ، مضيفاً أن "كوريا الشمالية رأت أن الولايات المتحدة لن تقدم تنازلات كافية، ولذلك أصدرت هذا البيان قبل زيارة بلينكن وأوستن لسيول". ولم يستبعد قيام كوريا الشمالية باستفزاز عسكري أثناء رحلة المسؤولَين الأميركيَين، أو بعدها مباشرة.

(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)

المساهمون