كشفت صحيفة "هآرتس"، اليوم الثلاثاء، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي وضع خططا عسكرية بديلة لنقل القوات والعتاد العسكري بعيدا عن البلدات الفلسطينية، مشيرة إلى أنه أدرج أي توتر محتمل مع فلسطينيي الداخل الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية كعامل استراتيجي ذي تأثير سلبي في حال اندلاع حرب أو مواجهة عسكرية سواء على الجبهة الشمالية مع "حزب الله" أم على الجبهة الجنوبية في قطاع غزة.
ويأتي ذلك بعد أشهر من تصريحات لقادة عسكريين في جيش الاحتلال، أبرزهم القائد السابق لقسم التخطيط اللوجيستي، الجنرال إيتسيك ترجمان، الذي كشف في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي أن الجيش يفكر بطرق بديلة لنقل القوات والعتاد العسكري خلال أي مواجهة عسكرية قادمة، بعيدا عن محاور الطرق والبلدات العربية في الداخل الفلسطيني.
وسبق أن تحدثت تقارير إسرائيلية مختلفة في الأشهر الماضية عن وضع خطط بديلة لنقل القوات والعتاد العسكري بعيدا عن البلدات الفلسطينية في الجليل والمثلث وحتى النقب، لا سيما وادي عارة وشق طرق ترابية جديدة لهذه الغاية. كما كشف تقرير "هآرتس" أن التحديث الجديد للخطط اللوجستية والحربية في جيش الاحتلال يشمل كذلك تغيير الخطط الميدانية في قيادة المنطقة الشمالية لتشمل أيضا الحالة الداخلية في إسرائيل، مع الإشارة إلى أن تحديثات وتغييرات في الخطط العسكرية المستقبلية وفق ما تسمى "بعوامل ذات تأثير استراتيجي"، تظل قائمة تبعا للتغييرات المختلفة.
ونقل التقرير في هذا السياق عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إن "التحديات الأمنية والتوتر الداخلي تحولا إلى جزء من هذه العوامل ذات التأثير السلبي استراتيجيا"، معتبراً أن "الأحداث الأخيرة التي بلغت أوجها خلال حملة "حامي الأسوار" (العدوان الإسرائيلي في مايو/ أيار من العام الماضي، وما رافقه من مواجهات بين اليهود وفلسطينيي الداخل في مدن مثل يافا واللد والرملة وعكا وحيفا والاعتداءات اليهودية على سكان هذه المدن الفلسطينية التاريخية) هي عوامل تأثير استراتيجية سلبية بدرجة أكبر على الأمن الإسرائيلي من إيران وحزب الله".
ووفقا للصحيفة فإن تحديث الخطط الحربية الفعلية في الجيش تهدف "للاستعداد لوضع تندلع فيه مواجهات واسعة النطاق داخل إسرائيل خلال حرب على الجبهة الشمالية". ووفق المصدر ذاته "يستعد الجيش ضمن هذه الإجراءات لسيناريوهات اندلاع مواجهات داخلية مع بدء العمليات الحربية، تعرض حياة السكان للخطر مما سيفرض حاجة للدفع بقوات شرطية كبيرة في هذه البلدات ولن يكون بمقدور عناصرها في هذه الحالة تقديم المساعدة للجيش".
وقال التقرير إنه جاء في السيناريوهات التي عرضها الجيش مؤخرا على المستوى السياسي (الحكومة) لتصوراته لما سيحدث في حال اندلاع تصعيد عسكري وحرب على الجبهة الشمالية بما في ذلك إطلاق آلاف الصواريخ والمسيرات المتفجرة والهجومية من لبنان وهضبة الجولان (حزب الله) وقطاع غزة، (حماس)، عدم استبعاده إمكانية حدوث تأخير وتعطيل وتشويش على نقل القوات والعتاد العسكري بفعل إغلاق محاور طرق وشوارع رئيسية تمر من المدن والبلدات الفلسطينية في الداخل مما سيضع عراقيل ومصاعب أمام وصول عناصر الشرطة لمواقع سقوط القذائف، أو إغلاق مناطق معينة للحيلولة دون إصابة مدنيين.
وأشار التقرير إلى أن السيناريوهات المعتمدة تتوقع عملية نزوح ونقل عشرات آلاف السكان المدنيين من البلدات الإسرائيلية، وهي سيناريوهات، سبق أن نشرت عنها الصحف الإسرائيلية، وتحدثت فيها أيضا عن وضع خطط لإخلاء سكان المستوطنات الإسرائيلية الحدودية إلى مناطق في غور الأردن ووسط إسرائيل. وأوضح تقرير "هآرتس" أن جيش الاحتلال يتوقع عرقلة لعمل عناصر الشرطة، مشيراً إلى أنه في هذه الحالة سيتم نقل صلاحيات الشرطة المدنية للشرطة العسكرية للتعامل مع المدنيين وإنفاذ القانون.
وقد باتت مثل هذه التقارير في الصحف الإسرائيلية متواترة منذ المقابلة التي كشف فيها الجنرال إيتسيك ترجمان في ديسمبر/ كانون الأول الماضي مع صحيفة "معاريف"، عن مخاوف الجيش بخصوص نقل قواته وعتاده العسكري عبر محاور الطرق القريبة من البلدات العربية الفلسطينية ولا سيما وادي عارة، ثم تبع ذلك سيل من التقارير عن إعداد الجيش لطرق ترابية بديلة، وخطط لاستخلاص العبر من أحداث "هبة الكرامة" خلال العدوان الإسرائيلي على غزة في المدن الفلسطينية الساحلية التي ظل فيها آلاف الفلسطينيين بعد النكبة والتهجير وباتت تسمى بالمدن المختلطة وهي حيفا وعكا واللد والرملة ويافا. وأشارت تقارير متعددة إلى استعدادات مثلا لنشر وحدات من الجبهة الداخلية وحرس الحدود، وتخصيص وحدات عسكرية للتدخل السريع في هذه المدن وفي القرى والبلدات العربية الأخرى في حال اندلاع حرب جديدة، وقمع أي مظاهر احتجاج فلسطيني ضد الحرب.