جيران فلسطين المسالمون

12 مايو 2023
قد لا يروق لرسميين عرب رد الفلسطينيين على الاحتلال (Getty)
+ الخط -

يواصل الخطاب الغربي، الأوروبي-الأميركي، ما بدأه منذ أكثر من 70 سنة بنفاقه في كذبة "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وسط إغماض الأعين عن مواجهة قتل الأطفال والنساء، متغافلاً عن أن شعارات المبادئ وحقوق الإنسان يدمرها التطرف الصهيوني، منذ قام كيانه على مذابح النكبة وأنقاض مدن فلسطين، التي تزوّرها وقاحة بعضهم باعتبارها كانت "صحراء أحالها الصهاينة إلى جنة".

إذاً، ليس غريباً كم الوقاحة في مواقف أوروبا المستخفة بالدم الفلسطيني المسفوك بطائرات أميركا الحديثة وتقنيات القارة التدميرية المخزية، وتفجّعها إذا ما ردت مقاومته، على عكس تفاخرها بمقاومة المحتل الروسي في أوكرانيا.

ومقابل قراءة دولة الاحتلال كـ"مقدس لا يُمس" ولو رأياً، مع دعوة "ضبط النفس"، لزوم مزيد الاستخفاف، ومنح رخصة لإرهاب الدولة المنهجي بحق ملايين الفلسطينيين، يظهر بعض خطاب رسمي عربي مسالم حد إهانة الذات.

فقد حفظ الفلسطينيون، والشارع العربي، عن ظهر قلب شعارات "الاجتماع الطارئ للجامعة العربية"، إدانة واستنكاراً، ودعوة المجتمع الدولي للتدخل "العاجل". وأدركوا مع الوقت أنه حتى أولئك الذين يرفعون شعارات "الممانعة"، وامتطوا الظهور والتسلط باسم القدس، ليس لديهم سوى خطابات خلبية لتبرير التغول في دماء عربية أخرى، بطرق شبيهة والاحتلال.

سيقول البعض من "المسالمين" أو "الجيدين" في تعريف الصهاينة للخانعين، إن ضرب غزة "يستهدف المتطرفين". فكم هي مدهشة سخافة خطاب اعتبار عتاة التطرف الصهيوني الحاكم في تل أبيب "دعاة سلام واعتدال". أوليس هذا نفس خطاب أتباع التطبيع في حمأته الأولى؟

قد لا يروق لبعض الرسميين العرب، ممانعين ومطبعين، مشهد الفلسطينيين يردون على الاحتلال. وبعضهم اعتاد القصف شبه اليومي دونما رد، بينما الآخر اعتبر القضية الفلسطينية "صداعا وجب التخلص منه".

وعليه، منذ زمن أقلع الفلسطينيون عن الأسئلة الساذجة عن "الجيوش العربية"، التي بانت حقيقة وظيفتها مع خيوط النكبة الفلسطينية عام 1948 وحتى وقتنا الراهن. ولهذا يصعب أن يجرؤ النظام الرسمي العربي على الرد على مقولة أوروبا بالقول إن "للفلسطينيين الحق في الدفاع عن أنفسهم بكل السبل". واتضح لهم أن شعارات "محو إسرائيل في دقائق"، من المحور المقابل، أكثر خلبية من شعارات "يا قدس إننا قادمون".

في نهاية المطاف، ليس أمام شعب فلسطين سوى مواجهة الحقائق المرة حول محيطه، وإن تحرره لن يكون سوى بيديه وبوحدته، والكف عن المراهنة على هذا وذاك، والعودة إلى العمل كحركة تحرر وطني، لا حركة سلطوية.