أعلنت "جبهة الخلاص الوطني"، اليوم الإثنين، عن تكوين شبكة للدفاع في الداخل والخارج عن الموقوفين في الحملة التي تشنها السلطات التونسية منذ 11 فبراير/ شباط الجاري، وشملت سياسيين وإعلاميين ومحامين وقضاة وناشطين ورجال أعمال، مؤكدة أنها ستنضم مسيرة وطنية يوم 5 مارس/ آذار (الأحد القادم)، للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي لـ"جبهة الخلاص" حضرته قيادات من الجبهة وسياسيون ومحامون وعدة نشطاء، حيث تم التأكيد على أن ملف الاتهامات فارغ وتم حشر دول أجنبية ومنظمات وسفراء لتضخيم الملف، بعدما اتهم الرئيس التونسي قيس سعيّد في 14 فبراير بعض الموقوفين بـ"التآمر على أمن الدولة، والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار".
وتعتبر "جبهة الخلاص الوطني" أبرز تكتل لأحزاب المعارضة في تونس، ولطالما نددت بالوضع السياسي "المتعفن" بعد سلسلة من الاعتقالات "التعسفية" واستئثار الرئيس قيس سعيّد بالسلطات منذ يوليو/ تموز 2021.
وقال رئيس "جبهة الخلاص الوطني" أحمد نجيب الشابي، في كلمة له، إن ما يحصل "يدل على تخبط عشوائي للسلطة"، مضيفا أنهم "في الجبهة كانوا يتوقعون انهيار واقع الحقوق والحريات الذي انطلق بغلق البرلمان بدبابة ومحاكمة النواب ووضع اليد على الدستور والقضاء، ثم تنظيم استفتاء"، وحذر من أنه "في ظل الحكم الفردي وانهيار مؤسسات الدولة فإن النظام الديمقراطي يتهاوى".
وقالت المحامية دليلة بن مبارك، شقيقة عضو "جبهة الخلاص" جوهر بن مبارك المسجون حاليا، إن "التهم بالتآمر انطلقت بمجرد وشاية من مخبر لم يذكر اسمه، ولكننا تمكنا من التعرف إليه وهو حاليا مسجون أيضا في قضية تآمر، وتولى القيام بعملية تصفية حسابات مع جل السياسيين والمحامين وكل من يكن له عداء".
وأضافت: "كل هذه التهم واهية ودون أي سند قانوني، وهي مبنية على معلومات جاءت للتنكيل بالسياسيين"، مستغربة "كيفية النظر في المحضر في غضون دقائق دون التثبت من محتواه وجدية ما يحتويه".
وأوضحت أن "الملف ليس فيه أي أدلة، ولا وجود لرصد لأي تحركات، بل هي مجرد محادثات واتساب ومكالمات عادية، وبالتالي تعكس فظاعة الكذب وحبك القصص الواهية في ما عرف بقضية التآمر"، مؤكدة أن ما يحصل فضيحة.
وبينت أن "إيقاف قامات سياسية ومناضلين تاريخيين في تهم خطيرة تصل عقوبتها للإعدام كان بناء على مجرد رسائل واتساب عادية، وبعض اللقاءات لتوحيد المعارضة"، مؤكدة أنها "تتحدى السلطة إن كانت توجد أي وثيقة فيها تآمر أو ذخيرة أو محاولة اغتيال".
ملف سياسي
من جهتها، أكدت الأمينة العامة لحزب "حراك تونس الإرادة" لمياء الخميري أن "جبهة الخلاص تُستهدف اليوم بسجن 4 من قيادييها وذلك للإجهاز على الجبهة، ولكن هذا لن يزيدها إلا قوة"، مشددة على أن "مخالفة القانون والإجراءات أخطر ما يمكن أن يحصل، لأن القانون جوهر أي محاكمة، ولا يمكن تحت أي مسمى تجاوز القانون وفبركة الملفات".
وأوضحت أن "الغريب في القضية أن هناك مراسلة أرسلتها إحدى الفرق إلى وزيرة العدل (ليلى جفال) تقول بوجود تحركات لسياسيين معارضين وتولت بدورها إرسالها لوكيل الجمهورية في يناير (كانون الثاني) 2023 ليحيل الملف لفرقة مكافحة الإجرام، ثم نجد الملف لدى فرقة مكافحة الإرهاب".
وأشارت إلى أن "عديد المحامين نابوا في ملفات وجدوا أنفسهم محالين في القضية"، مضيفة أنه "عند سؤال الجهة المتعهدة عن خرق الإجراءات بينت لهم أن المحاميين غازي الشواشي ورضا بلحاج كانا في حالة تلبس، وهذا من المفارقات لأنه لا وجود لأي تلبس".
وبينت الخميري في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الملف سياسي بامتياز وتم حشر أجانب، من بينهم 3 سفراء سابقين و3 حاليين وقائم بأعمال، أحدهم لدولة عظمى"، مبينة أنه "لو كانت هناك جدية فإن الدولة التونسية عندما تبلغها تدخلات من دول أجنبية فإنها تتدخل، وتطرد الشخص الأجنبي إن كان هناك فعلا تخابر وتآمر على أمن الدولة".
وأضافت أن "كل هذا لم يحصل لأن هناك فقط محاولة إضفاء هالة على هذا الملف"، مشيرة إلى أن "جل الأسئلة الموجهة للمعتقلين كانت سطحية والأحكام جاهزة"، وأكدت أنهم تيقنوا من جاهزية الأحكام مباشرة بعد استنطاق القيادي السابق في "حركة النهضة" عبد الحميد الجلاصي، الذي قالت إنه "حشر في الملف ولم تكن له أي لقاءات أو تحركات تذكر".
وقال الناشط السياسي عز الدين الحزقي، والد جوهر بن مبارك، في كلمة له، إن "التآمر يكون سريا ويتم الإعداد له، مثلما حصل في 25 يوليو/ تموز 2021، ومنذ ذلك اليوم وسعيّد يحكم شعبا كاملا، وبالتالي هو الدستور وهو القضاء وهو المؤسسات".
من جهته، أكد الناطق الرسمي باسم "حركة النهضة" عماد الخميري أنهم سيكونون حاضرين في تحرك "جبهة الخلاص الوطني" الأحد القادم، وقال في تصريح لـ"العربي الجديد": "هذا المكون السياسي يقاوم الانقلاب، وسيستمر النضال السلمي المدني إلى حين عودة الديمقراطية".
وحذر من أن الاعتقالات "تأتي في ظرف دقيق تنهار فيه كل المؤشرات"، في إشارة إلى تأزم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للتونسيين، مؤكدا أن "كل هذا دفع الانقلاب إلى كتم أنفاس المعارضة ومحاولة إزالتها بكل الطرق".