ثلاثة انتخابات رئاسية والاستعصاء المشترك

22 مايو 2024
من الانتخابات المحلية في تونس، فبراير الماضي (ياسين قائدي/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- بين يونيو وأكتوبر، تشهد موريتانيا، الجزائر، وتونس انتخابات رئاسية حاسمة، تعكس نقاط تحول مهمة في السياسة الداخلية والإقليمية، مع تركيز على الحكامة، الشفافية، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية.
- تعاني الدول الثلاث من ديمقراطية مشهدية، حيث تغيب المنافسة الحقيقية والمشاريع السياسية لصالح كاريزما الأشخاص وهيمنة مؤسسات الحكم، مما يعقد البيئة الانتخابية ويحد من الشفافية.
- الانتخابات تجلب الاهتمام الدولي بسبب تأثيرها على الأمن، مكافحة الإرهاب، والهجرة غير النظامية، مع تركيز خاص على العلاقات الإقليمية والتحالفات الناشئة، مما يبرز أهميتها الاستراتيجية للمنطقة والعالم.

بين شهري يونيو/حزيران وأكتوبر/ تشرين الأول المقبلين، تُجرى ثلاثة انتخابات رئاسية في ثلاث دول مغاربية، موريتانيا ثم الجزائر ثم تونس، تأخذ أهميتها بالنسبة لكل دولة نظراً لكونها تمثل نقطة مفصلية في علاقة بالوضع والخيارات الداخلية لكل دولة، وبالوضع الإقليمي المتوتر في المنطقة والتحالفات الناشئة. وبشكل متفاوت، تتقاطع الدول الثلاث من حيث مشكلاتها السياسية لجهة الحكامة والشفافية في إدارة الشأن العام، والاقتصادية إذ تعاني الدول الثلاث من ضعف بنية اقتصادها الوطني برغم توفرها على مقدرات وثروات متعددة يجري توظيفها واستغلالها بطريقة سيئة وغير راشدة. وتضاف إلى ذلك معضلات اجتماعية ترتبط أيضاً بهشاشة منظومات التعليم والصحة والتنمية البشرية. لكن الدول الثلاث تتقاطع بشكل بالغ عند نقطة الاستعصاء الديمقراطي سواء على مستوى الأداء وبنية المؤسسة والممارسة السياسية، أو على مستوى تركيز المؤسسات القادرة على التمكين للأدوات الديمقراطية في إدارة الشأن العام وتدبير السياسات.

في السياق ترتبط الانتخابات بسؤال الشفافية والمنافسة الديمقراطية، والواقع يقول إن الدول الثلاث، الجزائر وموريتانيا وتونس، تعاني من ديمقراطية مشهدية يغيب فيها المشروع السياسي ويتأخر فيها التدافع الحقيقي والجاد بين المشاريع والتصورات، لصالح كاريزما الأشخاص وهيمنة مؤسسات الحكم ونفوذها، وهو ما يعزز مشكلات البيئة الانتخابية المشوشة، ولا يسمح بوجود استحقاقات شفافة بالقدر الذي يحقق تكافؤ الفرص والامكانية ويحيد مؤسسات الدولة من التدخل في المسار الانتخابي.

تعيد الانتخابات الرئاسية المقبلة في الدول الثلاث أيضاً، طرح سؤال حول ضعف المؤسسة الحزبية التي لا تنتج قادة أو أنها غير قادرة على إيصالهم إلى منصب الرئاسة، بفعل أن بيئة الحكم والقواعد السياسية التي تحكم المسار الانتخابي لا تزال معقدة ولا تسمح بذلك. في موريتانيا يتنافس في انتخابات 29 يونيو المقبل، الرئيس الحالي محمد ولد الغزواني والرئيس السابق محمد عبد العزيز، كلاهما يأتيان من خلفية عسكرية بالأساس. وبالنسبة للجزائر يتوجه الرئيس عبد المجيد تبون بأريحية كبيرة الى ولاية رئاسية ثانية، هو قادم من مسار اداري وتدرج في السلم البيروقراطي. أما في تونس حيث يحاول الرئيس قيس سعيّد انتقاء منافسيه بإضفاء الغموض حتى الآن على شروط الترشح، فإنه لا سعيّد ولا أبرز منافسيه المحتملين الوزير السابق منذر الزنايدي أو غيره، هم من نتاج الحزب السياسي.

مشترك آخر يعطي للانتخابات الرئاسية في الدول المغاربية الثلاث هذه المرة أهمية خاصة، وهو العامل الخارجي المرتبط بالتحالفات الناشئة لكل دولة مع محيطها في الجوار الإقليمي، وموقفها وموقعها من المتغيرات الاستراتيجية في كامل المنطقة وفي الساحل، وهو ما يجعل من الانتخابات الرئاسية في تونس وموريتانيا بشكل خاص، محل تركيز استباقي من دول الإقليم ومن دول الضفة الشمالية للمتوسط، لارتباطها بمعضلات أساسية تخصها كالأمن ومكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية. ولهذا السبب لا تغمض النخب الجزائرية هي الأخرى عينها عن الانتخابات الرئاسية في كل من تونس وموريتانيا.

المساهمون