ثلاثة أسباب تصعّب سفر السيسي إلى نيويورك

20 سبتمبر 2021
خطط السيسي لحضور الاجتماعات لعدة أهداف (ميشال أولير/فرانس برس)
+ الخط -

قالت مصادر دبلوماسية في نيويورك، لـ"العربي الجديد"، إنه بات من المستبعد حضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الجمعية العامة للأمم المتحدة، المقرر أن تنطلق أعمالها رسمياً غداً الثلاثاء، بسبب تعثر تنسيق اجتماع كان من المستهدف أن يجمعه بالرئيس الأميركي جو بايدن على هامش اجتماعات الجمعية، وكذلك بعدد من الشخصيات الأميركية الرئيسية.
وأضافت المصادر أن أسباباً عدة تضافرت لعرقلة هذا اللقاء، أبرزها أن الإدارة الأميركية تبدو وكأنها تتجنب عقد لقاء ثنائي مع السيسي في الوقت الحالي، هروباً من الضغوط الداخلية والاتهامات الحادة، خصوصاً من داخل الحزب الديمقراطي، بعدما أعلنت حجب وتقييد بعض المساعدات العسكرية لمصر، وقيمتها 130 مليون دولار فقط، وذلك بسبب ما قيل إنها مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، وأن جزءاً من مبلغ المساعدات، وقيمته 170 مليون دولار، ستوضع قيود على استخدامه، بدلاً من تعليق الـ 300 مليون دولار بالكامل، وكذلك المبلغ السابق الذي صُرف في يوليو/تموز الماضي بأكثر من 400 مليون دولار على اتخاذ نظام السيسي إجراءات إيجابية محددة تتعلق بحقوق الإنسان.

تبدو الإدارة الأميركية وكأنها تتجنب عقد لقاء بين بايدن والسيسي في الوقت الحالي

وعلى الرغم من أن هذا القرار يُعدّ حلاً وسطاً بين ممارسي الضغوط والإدارة المتجهة إلى تحسين العلاقات مع السيسي، إلا أنه ما زال يثير عاصفة من الانتقادات الداخلية، التي يبدو أنها أثرت بالسلب على الاتصالات المصرية الأميركية لعقد لقاء مباشر بين السيسي وبايدن، الذي يبدر منه، ومن وزير خارجيته أنتوني بلينكن - حتى الآن - تصرفات لم تكن مُتوقعة، بالنظر للانتقادات الحادة التي كان يوجهها بايدن للرئيس المصري وعلاقته بسلفه دونالد ترامب قبل ذلك.
وأوضحت المصادر أن الإدارة الأميركية تتجه إلى الاكتفاء بصرف المساعدات والمساعدة في قضية سد النهضة، ودعم مركز مصر الاستراتيجي في المنطقة، خصوصاً على مستوى القضية الفلسطينية، إلى أن يتخذ السيسي خطوات أوسع في ملف حقوق الإنسان، الذي ما زال منغلقاً بسبب تمسك الرئيس المصري ونظامه بالإجراءات التصعيدية والانتقامية ضد المعارضين، وعدم فتح المجال العام أمام العمل السياسي والأهلي بحرية.

أما السبب الثاني لتعثر اللقاء فهو أن عدداً كبيراً من الزعماء، لم يؤكدوا حتى الآن وجودهم الفعلي في اجتماعات الجمعية العمومية، واتجاه عدد كبير من الملوك والرؤساء إلى إرسال كلمات مسجلة، عوضاً عن الحضور، خصوصاً في ظل الارتباك الواضح في إجراءات السلامة والوقاية من فيروس كورونا. فمنذ أيام أُعلن عن اشتراط تقديم ما يثبت تلقي الحضور لقاحاً ضد الفيروس من اللقاحات المعترف بها من الولايات المتحدة وأوروبا، الأمر الذي أثار غضب روسيا. وبعد ساعات تحدث مسؤولون في الجمعية العامة عن توجه لعدم اشتراط ذلك.
أما السبب الثالث فهو سياسي وأمني خاص بتحركات السيسي المفترضة في نيويورك، حيث أرسلت الأمم المتحدة إلى المبعوثين الدائمين قائمة بشروط حضور الوفود، من بينها تقليل أعداد الحاضرين ومرافقيهم وحراستهم، بصورة تجعل مشاركة السيسي "صعبة للغاية"، بحسب المصادر، التي رجحت مشاركة وزير الخارجية سامح شكري فقط من القاهرة، واكتمال الوفد من الدبلوماسيين المصريين بالولايات المتحدة.
وكان السيسي يخطط لحضور هذه الاجتماعات لأهداف عدة، أبرزها تنظيم لقاءات مع عدد من المسؤولين الأميركيين ورجال السياسة والأعمال على هامش الزيارة، والتعرف عن قرب على أجواء الدوائر السياسية الجديدة في واشنطن ونيويورك، والتي يسيطر عليها الديمقراطيون من أجنحة مختلفة تحمل رؤى متباينة تجاه السياسات المصرية وشخص السيسي. كما اهتم النظام بإتمام هذه الزيارة بصورة جيدة، على أن تشمل لقاءات عديدة مع شخصيات أميركية مؤثرة داخل وخارج البيت الأبيض، ولا سيما أن المقترحات المصرية بإجراء زيارات متبادلة بين القاهرة وواشنطن على مستوى البرلمانيين والمسؤولين التنفيذيين تجد صعوبة في تنفيذها لأسباب عدة، بعدما ناقش إمكانيتها مدير المخابرات العامة اللواء عباس كامل في زيارته الأخيرة إلى واشنطن.

يرجح مشاركة وزير الخارجية سامح شكري فقط من القاهرة
 

وذكرت المصادر أن السفارة المصرية في واشنطن والوفد المصري في نيويورك وشركة "براونستين هيات فاربر شريك" للدعاية المتعاقدة مع المخابرات المصرية، بدأت منذ مطلع الشهر الماضي بالفعل اتصالات ومقابلات لإعداد جدول أعمال مكثف للسيسي ووزير الخارجية حال إتمام سفرهما، إلى جانب التباحث حول اتخاذ خطوات داخلية لإشعار الإدارة الأميركية بحدوث تغيير حقيقي في التعامل المصري مع ملف حقوق الإنسان، ومن بينها بطبيعة الحال إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
كما ارتبطت رغبة النظام بتحسين صورته في الخارج هذا العام، بإصدار عدة قرارات صورية، بإخراج منظمات، ليس لها نشاط ولا تمارس العمل الحقوقي في الأساس، من قائمة الاتهام في قضية التمويل الأجنبي، قبل وبعد الهجوم الذي شنته 31 دولة على السياسات المصرية في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في مارس/آذار الماضي. وكان الهجوم قد ركز بشكل تفصيلي على أوضاع المعتقلين، وتدوير المحبوسين، وتجاوز فترات الحبس الاحتياطي، والإفراط في استخدام قانون الكيانات الإرهابية للإدراج على قوائم الإرهاب، والمنع من السفر والتصرف في الأموال، والانتقادات الموجهة لقانون العمل الأهلي الجديد. وتلاه إصدار قرارات عفو تشمل السجناء الجنائيين العاديين وليس السياسيين، وقصر إخلاء السبيل، بالنسبة للمعتقلين والمحبوسين احتياطياً، على الصحافيين وعدد محدود من النشطاء الحقوقيين، وغيرها من صور الادعاء بوجود انفراج من دون تأثير حقيقي.

المساهمون