يحل رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، بالعاصمة المغربية الرباط للمرة الثانية خلال شهر، حيث من المقرر أن يلتقي بنظيره المغربي، الحبيب المالكي، وذلك غداة اختتام النسخة الثانية من مؤتمر برلين، التي كشفت عن وجود إجماع على إخراج المرتزقة وتشديد على إجراء الانتخابات في موعدها وسعي لتوحيد المؤسسة العسكرية.
وكشفت مصادر برلمانية مغربية، لـ"العربي الجديد"، أن رئيس مجلس النواب الليبي سيحل بمطار الرباط سلا بعد زوال الخميس، في زيارة هي الثانية من نوعها في أقل من شهر، بناء على دعوة من رئيس مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي)، مشيرة إلى أن الزيارة الجديدة تأتي في سياق المساعي المغربية المستمرة من أجل تقريب وجهات نظر الفرقاء الليبيين ومواكبة تفعيل مخرجات حوارهم السياسي الذي شهدته مدينة بوزنيقة وطنجة.
وأوضحت المصادر البرلمانية أن المغرب يسعى لتوفير الأجواء المناسبة لتمكين الفرقاء الليبيين من التوافق والحسم في المناصب السيادية المنصوص عليها في المادة 15 من الاتفاق السياسي الموقع عليه في مدينة الصخيرات في عام 2015، لافتة إلى أن زيارة صالح في سياق التواصل المستمر بين المغرب والمؤسسات الليبية من أجل المساهمة في حل الأزمة التي دخلت سنتها العاشرة ، ودعم ومواكبة الفرقاء إِلى أن تتحقق كامل مخرجات الحوار السياسي الليبي.
وكانت الأنظار قد اتجهت، في 3 يونيو /حزيران الجاري، إلى عقد لقاء بين عقيلة صالح وخالد المشري، في العاصمة المغربية الرباط، من أجل التداول في أبرز الأسماء المرشحة لشغل المناصب السيادية في الدولة، ولا سيما شاغلي منصب محافظ البنك المركزي ومساعديه وديوان المحاسبة والمفوضية العليا للانتخابات.
غير أن أمل عقد لقاء بين الرجلين للحسم في الخلافات بخصوص شاغلي المناصب السيادية والقاعدة الدستورية، سرعان ما تبخر بعد أن أعلن صالح، في اليوم الثاني لزيارته إلى الرباط، أن لقاءه برئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي في المغرب لم يكن مرتباً، لافتاً إلى أنه "إذا ما كان هناك لقاء فسيكون في ليبيا". في حين رد المشري، في تصريح صحافي، بأن "زيارتنا للمغرب بدعوة رسمية للقاء رئيس مجلس المستشارين المغربي وكذلك الخارجية المغربية لتنسيق الجهود قبل مؤتمر برلين وليس في أجندتنا لقاء رئيس مجلس النواب السيد عقيلة صالح".
ودار خلال الأسابيع الماضية، جدل واسع بشأن تعيين شاغلي المناصب السيادية الذي سيمهد لتوحيد عدد من مؤسسات الدولة التي عانت انقساماً طوال ست سنوات. ولم يتمكن المجلسان حتى الآن إلا من تعيين رئيس مكتب التحقيقات في مكتب النائب العام الصديق الصور، رئيساً لمكتب النائب العام، في العشرين من إبريل/ نيسان الماضي، فيما لا تزال المناصب السيادية السبعة الأخرى -وهي: مصرف ليبيا المركزي، وديوان المحاسبة، وجهاز الرقابة الإدارية، وجهاز مكافحة الفساد، والمفوضية العليا للانتخابات، والمحكمة العليا- محل مداولة داخل المجلسين تبعاً لاتفاقات سابقة وُزِّعَت خلالها المناصب في شكل محاصصة جغرافية على أقاليم البلاد الثلاثة.
وتأتي زيارة عقيلة بعد أسبوعين على الزيارة التي قامت بها وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الليبية، نجلاء المنقوش، إلى الرباط. وهي الزيارة التي كانت مناسبة لبحث الأزمة الليبية ومساعي تحقيق المصالحة والتحضير للنسخة الثانية من مؤتمر برلين .إلى جانب العلاقات الثنائية وعودة عمل سفارة المملكة في طرابلس المغلقة منذ أكثر من 6 سنوات.
وخلال الأشهر الماضية، شهد المغرب حراكاً ليبياً من خلال جلسات الحوار بمدينة بوزنيقة، التي انتهت بالاتفاق على معايير تولي المناصب السيادية السبعة المنصوص عليها في المادة الـ15 من الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات في عام 2015.
وفي 23 يناير/ كانون الثاني الماضي أعلن وفدا برلمان طبرق والمجلس الأعلى للدولة الليبي، في ختام الجولة الخامسة من الحوار الليبي ببوزنيقة عن التوصل إلى اتفاق بمثابة خريطة طريق لحلحلة ملف شاغلي المناصب السيادية السبعة.
وبموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه تم تشكيل وتسمية فرق عمل مصغرة تتولى اتخاذ الخطوات الإجرائية بشأن شاغلي 5 مناصب سيادية (محافظ مصرف ليبيا المركزي ونائبه، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية ونائبه، ورئيس ديوان المحاسبة ونائبه، ورئيس هيئة مكافحة الفساد ونائبه، ورئيس وأعضاء المفوضية العليا للانتخابات)، وذلك وفق الشروط والمعايير المتوافق عليها.
وكما نصت خريطة الطريق على قيام فرق العمل، بتصميم نماذج الترشح، ودعوة المرشحين لتقديم طلبات الترشح مصحوبة بالشروط والمعايير المتفق عليها، والتأكد من مطابقة الترشيحات والشروط المقررة، وكذلك استقبال نماذج الترشح والسير الذاتية للمترشحين اعتباراً من منتصف يوم 26 يناير/ كانون الثاني الحالي إلى نهاية الثاني من فبراير/ شباط الماضي.
وإلى جانب الالتزام بمعايير الكفاءة والمهنية، كان لافتاً تأكيد أعضاء لجنتي "13 + 13" "ضرورة مراعاة التوازن الجغرافي بما يضمن توزيعاً عادلاً لكل المناصب العليا في مؤسسات الدولة الحكومة، المناصب القيادية في المؤسسات الاقتصادية والخدمية، إضافة إلى المناصب السيادية)".
وفي الوقت الذي أشارت فيه خريطة الطريق إلى أنّ التعيينات في المناصب الخمسة السابقة تنتهي بانتهاء المرحلة التمهيدية، اتفق الفرقاء الليبيون على تطبيق الإجراءات المقررة بالتشريعات النافذة، بالخصوص بشأن منصبي رئيس المحكمة العليا والنائب العام.