فتحت النيابة العامة في محكمة تونس 3 قضايا تحقيقية جديدة ضد رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، الموقوفة منذ 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 على ذمة قضية سابقة، بسبب 3 شكايات من هيئة الانتخابات واتحاد الشغل، اعتبرها قيادات حزبها ومحاموها استهدافا سياسيا لمرشحة وازنة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ومحاولة لإزاحتها من منافسة الرئيس الحالي قيس سعيد.
وتقبع المحامية وعضو البرلمان المنحل عبير موسي (48 عاما) في السجن منذ أكثر من 3 أشهر، بتهم ارتكاب "الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة أو حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا بالسلاح، وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي" على معنى البند 72 من المجلة الجزائية، وهي تهم تصل عقوبتها إلى الإعدام.
وأوقفت موسي عندما كانت بصدد تقديم طعن لدى مكتب الضبط بقصر قرطاج في مرسوم رئاسي، قالت وقتها إنه "إجراء قانوني ضروري حتى يتم تقديم الطعن لدى المحكمة الإدارية".
وقادت موسي وحزبها خلال الأشهر القليلة الماضية احتجاجات منتظمة ضد الرئيس قيس سعيد، الذي تصفه باستمرار بأنه "الحاكم بأمره"، وإنه "رئيس غير شرعي"، ولا تعترف بقراراته لكونها غير قانونية، فيما قاطعت المحطات الانتخابية التي دعا إليها وشككت فيها.
وأفاد المتحدث باسم محكمة الاستئناف بتونس الحبيب الترخاني، مساء أمس الثلاثاء، بأن "الوكالة العامة لمحكمة الاستئناف بتونس تولت، فور الانتهاء من الأبحاث، الإذن لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس بفتح 3 قضايا تحقيقية ضد محامية (موقوفة في قضية أخرى) دون التصريح باسمها''.
وأضاف الترخاني، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية، أن "القضيتين الأولى والثانية تعلقتا بشكايتين تقدم بهما رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الذي نسب لها تعمدها نشر فيديو على صفحتها على إحدى منصات التواصل الاجتماعي بتاريخ 26 يناير 2023 تضمن اتهامات للهيئة بتدليس الانتخابات، ونشر فيديو ثان بتاريخ 27 يناير 2023 صرحت فيه بأن الهيئة ستقوم بتدليس الانتخابات وتوجهت نحو الهيئة بنعوت مسيئة".
أما بخصوص القضية الثالثة، فقد أوضح الترخاني أنه "جرى الإذن بفتحها بناء على شكاية تقدم بها الاتحاد العام التونسي للشغل الذي نسب للمعنية بالأمر تعمدها صحبة مجموعة من أنصارها بتاريخ 27 مايو 2023 التجمهر أمام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل، والصعود عبر مدارجه واحتلال فنائه وتعطيل سير العمل، مع إطلاقها صحبة أنصارها شعارات مسيئة للاتحاد"، مشيرا إلى أن "الشكايات الثلاث كانت مرفقة بمحاضر معاينة لعدول تنفيذ''.
وأكد عضو هيئة الدفاع عن رئيسة الحزب الدستوري، نوفل بودن، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "طريقة إثارة قضايا جديدة ضد رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي باعتماد البند 24 من المرسوم عدد 54 الخاص بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، تثير التساؤلات حول توقيت فتحها وملاءمة التتبعات وتبعاتها"، مؤكدا أن "هيئة الدفاع تفاجأت من حيثيات القضية المستندة إلى شكاية تقدمت بها الهيئة العليا للانتخابات منذ ديسمبر 2022، حيث انطلق رئيسها من تصريحات تعود إلى الحملة الانتخابية التشريعية بالخارج".
وأضاف بودن أن "هيئة الدفاع بعد تقديمها لجميع الأدلة التي تثبت براءة عبير موسي بخصوص القضية الأولى، والتي تم بموجبها إيداعها السجن وصدور نتيجة الاختبارات السلبية على هاتفها، كانت تنتظر ختم عميد قضاة التحقيق البحث من تلقاء نفسه وإطلاق سراحها لعدم كفاية الأدلة"، حسب تفسيره.
وكان عضو هيئة الدفاع عن موسي، المحامي كريم كريفة، قد أفاد، خلال ندوة صحافية أول من أمس الإثنين، أن "ملفا جديدا جرى الإذن بفتحه ضد موكلته على معنى الفصل 24 من المرسوم عدد 54، بناء على شكاية تقدمت بها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ممثلة في شخص رئيسها منذ ديسمبر 2022، بتهمة "الإساءة إلى موظف عمومي ونشر أخبار زائفة لا أساس لها من الصحة""، معتبرا أن "هذه القضية هي محاولة للتخلص من منافسة جدية للرئاسة".
وقال عضو هيئة الدفاع إن "فتح هذه القضية في هذا التوقيت بالذات هو محاولة واضحة للتخلص من منافسة حقيقية للانتخابات الرئاسية التي من المفروض أن تنظم في 2024، وذلك باستخدام ذراع القضاء في مرحلة أولى، ثم ذراع الهيئة العليا للانتخابات"، معتبرا أن "رئيس الهيئة قد أثر على حيادية الانتخابات الرئاسية قبل أن تبدأ، وبين أنه ينحاز إلى مرشح بعينه، كما أصبحت هيئة الانتخابات خصما لأحد المرشحين".
وذكر أن "الحزب الدستوري الحر كان قد تقدم ضد هذه الهيئة منذ تسمية أعضائها بـ22 قضية لدى المحكمة الإدارية، بين مطالب إيقاف التنفيذ وقضايا في الأصل، كما أن الهيئة قد رفعت هذه الشكاية بعد أول قضية تقدم بها الحزب ضدها".
وقال كريم كريفة إن "الحزب بناء على هذه الأسباب وأمام هذه الخروقات قرر تنفيذ سلسلة من التحركات سيقوم بها في الأيام القادمة، ومن بينها وقفة رمزية يوم 21 من الشهر الحالي أمام المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، ومسيرة حاشدة يوم 18 فبراير القادم، إلى جانب تنظيم حركات تضامنية مع رئيسة الحزب جهويا ووطنيا"، حسب قوله.
من جهته، أكد عضو الديوان السياسي للحزب الدستوري الحر، ثامر سعد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "من الواضح والجلي أن إيقاف عبير موسي هو إيقاف سياسي بامتياز، وقد بيّن رجال القانون وهيئة الدفاع عن موسي أن الإجراءات غير قانونية والاختبارات بدورها ستثبت ذلك"، مشددا على أن "السبب يكمن في أن عبير موسي أعلنت نيتها الترشح للرئاسة، وهي رئيسة حزب سياسي كبير ووازن وله امتداد شعبي وجماهيري في جميع أنحاء البلاد، وهو ما أثبتته التظاهرات الشعبية التي دعا إليها الحزب".
وأضاف سعد أن "عبير موسي معارضة قوية وشخصية وازنة حظوظها وافرة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، كما أنها تختلف عن باقي المترشحين المتوقعين باعتبار أنه يقف وراءها حزب كبير ومنظومة انتخابية قوية، والحزب يحمل مشروعا حداثيا لإرساء دولة ديمقراطية وبرنامج إنقاذ للبلاد"، حسب تعبيره.
وينتظر أن تنظم انتخابات الرئاسة في تونس (كل 5 سنوات) في خريف العام الحالي، وفق ما أعلنته هيئة الانتخابات التونسية في وقت سابق.