أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، اليوم الجمعة، عن التمديد بصفة استثنائية في فترة تحديد الموقف من مشروع الدستور الجديد حيث تكون أمام الأحزاب والجمعيات والمنظمات مهلة أربعة أيام تنتهي الإثنين المقبل للإعلان عن موقفها النهائي من الدستور المرتقب.
من جانبه تجتمع الهيئة الإدارية لاتحاد الشغل غداً السبت لتحديد موقفها من مشروع الدستور الجديد.
ونشر الرئيس التونسي، قيس سعيّد، في الجريدة الرسمية، أمس الخميس مشروع الدستور الجديد الذي سيُطرح على استفتاء عام في 25 يوليو/تموز، ويمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة، في تعارض واضح مع النظام البرلماني القائم حالياً في البلاد.
وتدوم حملة الاستفتاء 3 أسابيع تنطلق من يوم 3 يوليو إلى غاية 23 يوليو فيما دعي التونسيون للتصويت يوم 25 يوليو على مشروع الدستور بـ"نعم" أو "لا".
السماح للمقاطعين بالظهور الإعلامي خلال حملة الاستفتاء
من جهة ثانية، أتاحت هيئة الانتخابات، وهيئة الاتصال السمعي البصري، لمقاطعي الاستفتاء، الحق في التعبير خلال فترة الحملة بعد جدل طويل حول إمكانية مشاركتهم في الظهور الإعلامي من عدمه، مع إتاحة إمكانية المشاركة كذلك للرئيس والحكومة والجهات الرسمية في الدعاية الانتخابية.
ووقعت الهيئتان، مساء اليوم الجمعة، قراراً مشتركاً يخص تنظيم أداء وسائل الإعلام السمعية والبصرية خلال حملة الاستفتاء، حُسم بالسماح للمقاطعين بالتعبير.
وتضمن القرار تعريفاً في بدايته لحملة الاستفتاء بأنه "مجموعة الأنشطة التي تقوم بها من قبلت هيئة الانتخابات تصاريح مشاركتهم بحملة الاستفتاء، إضافة إلى الفاعلات والفاعلين السياسيين والمدنيين أو غيرهم خلال الفترة المحددة".
وأعلنت الهيئة عن القائمة النهائية للمشاركين في الحملة وعددهم 161 مترشحاً لحملة الاستفتاء من بينهم 24 حزباً سياسياً و110 أشخاص طبيعيين و27 جمعية ومنظمة.
وتعرض القرار في القسم الثالث منه في باب الدعاية الانتخابية غير المباشرة ليتيح الفصل 27 مشاركة رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة في الحملة الدعائية، مبيناً أنه "يحتسب خلال حملة الاستفتاء زمن البث أو التعبير لكل خطاب رسمي أو تدخل إعلامي صادر عن رئاسة الجمهورية، أو الحكومة أو البلدية أو أي سلطة العمومية أخرى يتضمن دعاية بصورة مباشرة أو غير مباشرة".
وأكد رئيس هيئة الاتصال السمعي البصري نوري اللجمي، أن "وسائل الإعلام يجب أن توفر سبل النفاذ للمعلومة لكل من سيشارك في هذه الحملة".
وأشار اللجمي في تصريحات صحافية، إلى أنه "اتفق على أن المشاركين في الحملة ستكون لهم الحظوظ ذاتها في النفاذ إلى وسائل الإعلام بما تقتضيه مقتضيات حرية الإعلام والمساواة بين جميع الأطراف".
وبين اللجمي أن هناك طرفين سيكونان حاضرين في حملة الاستفتاء وهما شق الـ"نعم"، وشق الـ"لا"، موضحاً أن نادي المقاطعين ينتمي إلى شق الـ"لا". وقال "إذن الضد مع الضد والـ مع مع الـ مع".
وشدد اللجمي أنه "سيتم الترتيب مع وسائل الإعلام لتخصيص مساحات للتعبير المباشر للمصرحين بالمشاركة.
واعتبر رئيس المنظمة التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات "عتيد"، بسام معطر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "هذا القرار هو انتصار لهيئة الاتصال السمعي البصري بحسب تصريحات كلتا الهيئتين، ففي وقت تحدث بعض أعضاء هيئة الانتخابات عن إقصاء المقاطعين، سمح اليوم القرار بالظهور الإعلامي لغير المشاركين وباحتساب التوقيت المخصص لمن سيكون مع أو ضد، حسب المرسوم 116 والأخلاقيات والضوابط بين الجنسين والسماح لذوي الاحتياجات الخاصة".
وبين أن "الإتاحة لغير المشاركين من خلال التعريف الموجود للحملة الاستفتاء هو حل إيجابي ينهي الجدل القائم ويسمح بالتعبير للمقاطعين وغير المشاركين، وكذلك للمجتمع المدني وخبراء القانون الدستوري وفي مختلف المجالات دون أن يكونوا مباشرة في حملة الاستفتاء".
وأوضح معطر أن "البارز في القرار أنه سمح لرئيس الجمهورية والحكومة والسلط العمومية بالمشاركة عن طريق فصل يتحدث عن احتساب توقيت الظهور الإعلامي لهذه الفئات في الزمن المخصص للدعاية الانتخابية سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة".
ونوه رئيس منظمة عتيد إلى أن "هذا القرار فيه بعد إيجابي وآخر سلبي، لأنه يفترض أن تكون هذه الجهات الرسمية رئاسة الجمهورية والحكومة، محايدة في الحملة الانتخابية".
وبين أن "هذه الضوابط تنطبق من الجهات الرسمية كما المشاركين في صورة مخالفتهم للتراتيب أو القوانين".
واستطرد قائلاً إن "هناك مجموعة نصوص وقرارات أخرى وجلسات مع وسائل الإعلام لضبط الحيز الزمني وتوزيع الظهور وترتيبها وتبويبها ولضمان احترام الضوابط المنصوص عليها".
وبين أنه "سيتم تنظيم مناظرات تحت إشراف التلفزة الوطنية العمومية وتخصيص حصص للتعبير والتدخل المباشر من خلال تسجيل الدعاية ثم التغطية الإعلامية لوسائل الإعلام مع احترام المساواة والضوابط المنصوص عليها".
وأضاف معطر أن "الجديد في القرار اليوم أيضاً أن المؤسسات السمعية البصرية غير المرخص لها ستخضع لرقابة الهيئة عكس ما تم العمل به خلال الانتخابات السابقة".
وحول القرار المتعلق بتمويل الحملة وتنظيم الإنفاق، قال معطر إنه تم "الاقتصار على التمويل الذاتي والخاص (مساعدات وهبات من الذوات الطبيعية ولا يتجاوز 30 مرة الأجر الأدنى المضمون في القطاع الفلاحي بين 12 و14 ألف دينار(أي بين 3,888 دولارا أميركيا و4,620 دولارا أميركيا) ولا وجود لتمويل عمومي للمشاركين" مع التنصيص على عقوبات مالية عبر غرامات، ولا وجود لعقوبات مشددة".
وقال إن "سقف الإنفاق سيتم تحديده لاحقاً بأمر حكومي أو رئاسي".
وكان نقيب الصحافيين التونسيين، محمد ياسين الجلاصي، علق على صفحته في "فيسبوك" قائلاً "تصريحات أعضاء من هيئة الانتخابات بخصوص الأطراف غير المدرجة بالقائمة لن يكون بإمكانها المشاركة في الحملة ولن يكون لها حق الولوج لوسائل الإعلام أثناء الحملة، هو ضرب واضح لحق النفاذ إلى وسائل الإعلام وإقصاء ممنهج خاصة بالنسبة للأطراف الداعية لمقاطعة الاستفتاء، ومن البديهي القول إن من حقها التعبير عن مواقفها مهما كانت".
وتابع الجلاصي "يعني تنظيم استفتاء مستعجل وفق منطق المغالبة والمرور بقوة دون التحضير الجيد لإنجاحه و"حوار وطني" بمن حضر يكفي ومشروع دستور (بما له من تأثير على مستقبل الدولة والمجتمع والأجيال القادمة) يُصاغ خلسة على أن يتم تقديمه قبل انطلاق الحملة الانتخابية بيومين (وفي ظرف يومين يجب أن تطلع عليه بكل تفاصيله وتحسم موقفك منه بنعم أو لا وتراسل الهيئة في الغرض) وفيه إقصاء ممنهج للمعارضين وانقسام سياسي واجتماعي حاد ودون نقاش مجتمعي مستفيض حول الدستور. وما زال هناك من يتحدث عن نزاهة وشفافية الاستفتاء".