مع مرور نحو شهرين على تعيين أحمد الحشاني، مطلع أغسطس/ آب الماضي، رئيساً للحكومة التونسية، خلفاً لنجلاء بودن، زادت التساؤلات في أوساط التونسيين عن أسباب تأخر التعديل الوزاري، وعن نية رئيس البلاد قيس سعيد بالتخلي عن التعديل.
وتعاني حكومة الحشاني من نقص وزيرين في تشكيلتها، حيث جرت إقالة وزير التشغيل والمتحدث باسم الحكومة نصر الدين النصيبي في 23 فبراير/شباط بينما أقيلت وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم نائلة نويرة القنجي في 4 مايو/ أيار.
وقال القيادي بحزب حركة الشعب وعضو مكتب البرلمان، بدر الدين القمودي، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "التعديل الوزاري تأخر كثيراً، ولا يعقل أن تكون الأسباب التي دفعت إلى التغيير توقفت عند رئاسة الحكومة، في حين أن الفشل هو فشل الحكومة برمتها"، مضيفاً "لقد أشرنا سابقاً لمظاهر الفشل في عدد من الوزارات، إضافة إلى غياب برنامج حكومي لإنقاذ الاقتصاد الوطني وحلحلة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية".
وشدد القمودي على الحاجة لـ "فريق حكومي جديد برؤية جديدة. وقد انتظرنا هذا ولكن للأسف لم يعلن عنه بعد حتى الآن"، وأشار إلى أنه "ما زاد الطين بلة أن نشهد غياب وزيرين، وتدار هذه الوزارات في غياب وزير يتخذ القرارات، وهناك شلل وتراجع في الأداء داخل هذه الوزارات".
وقال القمودي: "نحن نطلب من رئيس الجمهورية، باعتباره المسؤول عن إدارة الشأن الحكومي بشكل مباشر، التعجيل بتكوين حكومة جديدة، والإعلان عن برنامجها الاقتصادي والاجتماعي، وتقديمه للرأي العام ولمجلس نواب الشعب، بموجب الفصل 100 من الدستور"، موضحاً أن "دعوتهم إلى حكومة سياسية يقصد بها حكومة ذات برنامج سياسي، أي سياسة اقتصادية واجتماعية وسياسة في المجال السياحي، وغيرها من السياسات، فحكومة على طريقة حكومة بودن دون رؤية وبرنامج سياسي واضح ستنتهي إلى الفشل. ليس المقصود حكومة حزبية وهنا يجب الفصل بينهما.. نحن ندعو إلى حكومة سياسية".
واعتبر المتحدث الرسمي باسم الحزب الجمهوري، وسيم الصغير، في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه "كانت هناك انتقادات سابقة لبودن، ولكن بعد شهرين من تعيين الحشاني خلفاً لها يبدو أن المشكلة ليست في تغيير رئيس الحكومة، حيث تبين أن هناك مشاكل في التعامل مع الشأن العام من قبل منظومة 25 يوليو. المشكلة ليست في شخص رئيس الحكومة أو التعديل، بل في ثقافة تسيير الدولة، فليس هناك معطى عن برنامج رئيس الحكومة الجديد أو المبادرات، سوى بعض البلاغات الصادرة عن صفحة رئاسة الحكومة محدودة وشحيحة".
وشدد الصغير على أنه "بعد مرور شهرين تبين أن المشكل أعمق من رئيس الحكومة، بل بعقلية تسيير المرفق العام والدولة، وهي متعلقة بمن يسيّر كل السلطات وهو الرئيس قيس سعيد"، مضيفاً "دون اعتبار الاختلاف الذي يطرحه الخبراء حول إقالة رئيس الحكومة وإن كانت تعتبر إقالة لكامل الحكومة، هناك مشكلة شغور في الوزارات وفي المسؤوليات الأولى في الوزارات وفي المحافظات، في صفاقس وتونس العاصمة والقيروان وباجة، ما يطرح تساؤلات عن أسبابها، فهل هي بسبب غياب كفاءات لشغل المسؤولية، أم هي مسألة الشخص الواحد الممسك بكل الصلاحيات والمسؤوليات؟".
وشدد الصغير على أنه "بعد شهرين من تعيين الحشاني لا نشعر بأي تغيير أو تطوّر، بل الإحباط يخيّم على البلاد".
وقال القيادي في جبهة الخلاص ونائب رئيس حزب العمل والإنجاز، أحمد النفاتي، في تصريح لـ"العربي الجديد": "نحن نرى أن المقاييس نفسها التي اختيرت على أساسها بودن اختير من أجلها الحشاني"، متسائلاً "عن سبب إقالة بودن ودوافع اختيارها، وبالتالي أسباب التعيين والإقالة نفسها تقود إلى النتائج نفسها، فالرئيس لا يبحث عن رئيس حكومة يطبق سياسات، بل هو يبحث عن من يطبق تعليمات، والمقياس هو الولاء والمقدرة على تطبيق التعليمات، وليس لوضع سياسات ومبادرات".
وأشار النفاتي إلى أن "الحشاني لا يملك قراراً في تعيين الوزراء أو تعديل الحكومة، ومن الواضح أن سلطة القرار كاملة بيد رئيس الجمهورية"، مبيناً أنه "بعد شهرين من تعيين الحشاني يزداد الوضع تأزماً في جميع المجالات والقطاعات، طوابير على المواد الأساسية، وغلاء الأسعار، وارتفاع كلفة العيش، وعجز الموازنة".
وأكد القيادي في حزب ائتلاف الكرامة، زياد الهاشمي، لـ"العربي الجديد" أنه من غير الواضح "سبب تعيين بودن لرئاسة الحكومة ولا سبب إقالتها، وطيلة فترة توليها المنصب لم نسمع لها صوتاً، وكان مرورها بالقصبة (مقر الحكومة) مروراً باهتاً فارغاً لن يذكرها التاريخ والشعب إلا كموالية لقيس سعيد لا غير".
وتابع الهاشمي "تعيين الحشاني لا يختلف كثيراً عن تعيين بودن، فهو شخصية غير معروفة على المستوى السياسي، وبعد شهرين من ذهابه للقصبة سمعنا منه ما اعتبر فضيحة، وكل ما قاله في بداية الموسم الدراسي هو كلام على شكل طلاسم بلا معنى، وهذا أكد أن سعيد لا يختار إلا الفارغ والمطيع".
وأضاف الهاشمي أنه بعد "مرور أكثر من شهرين انتشرت الشائعات حول التحوير الوزاري، خصوصاً بعد موجة الغضب داخل الشارع التونسي، بسبب ارتفاع التضخم، وفقدان المواد الأساسية، مع أزمات متتالية مع دول الجوار، والفشل في الحصول على قرض صندوق النقد الدولي. كل هذا جعل التحوير الوزاري وسد الشغور في بعض الوزارات ضرورة قصوى لسلطة الانقلاب.. هذا ما يفرضه المنطق، ولكن في عهد سعيد يغيب المنطق وتحضر الشعبوية".