تونس: خلل في تقسيم الدوائر الانتخابية وتخوفات من برلمان بمقاعد فارغة

06 أكتوبر 2022
بحسب التقسيم فإن صوت مواطن في حلق الوادي يعادل اثنين ونصف في المرسى (العربي الجديد)
+ الخط -

أكدت شبكة مراقبون، المعنية بالانتخابات في تونس، أن تقسيم الدوائر الانتخابية وفق المرسوم عدد 55 لسنة 2022 لا يخلو من غياب التوازن، كما أن التقسيم لم يخضع إلى معايير واضحة، بل يكرس غياب العدالة، مضيفة أنه لن يقود إلى برلمان متوازن.

وقدمت شبكة مراقبون في ندوة صحافية، اليوم الخميس، قراءة نقدية لتقسيم الدوائر الانتخابية، مؤكدة أننا قد نشهد عدة دوائر دون مترشحين، أي أن هذه الدوائر ستكون غير ممثلة، إلى جانب التزكيات التي تبدو صعبة في بعض الدوائر وشرطاً تعجيزياً في أخرى. 

وقال عضو شبكة مراقبون أمين الحلواني إنه "كان من المفروض أن تتولى لجنة من الخبراء النظر في تقسيم الدوائر الانتخابية، حتى لا يكون الفارق شاسعاً بينها مثلما هو الوضع الحالي"، مبيناً أن جمع التزكيات وخاصة 400 تزكية في الخارج هو شرط مجحف جداً، وهو عملية صعبة، وهناك إمكانيات كبيرة لعدم القدرة على جمعها في عدة دوائر، مشيراً إلى أن "على الرأي العام معرفة أن هناك عدة مشاكل تقنية، وسنواجه في الانتخابات القادمة مقاعد فارغة إذا بقي التقسيم كما هو".

وقال الحلواني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن أعضاء الشبكة قاموا بدراسة نقدية حول تقسيم الدوائر الانتخابية، "ولوحظ عدم وجود توازن في تقسيم الدوائر في الداخل والخارج، وهناك غياب توازن بين الدوائر داخل المحافظات نفسها، فقد تم الجمع مثلاً بين معتمديات مثل المرسى وقرطاج بـ117 ألف ساكن، في حين نجد في مدينة حلق الوادي 45 ألف ساكن، ومع ذلك لها معتمدية ومقعد أيضاً، أي أن صوت مواطن في حلق الوادي يساوي اثنين ونصف في المرسى، والأمثلة عديدة". 

وأشار إلى أن "الدراسة بينت أن التقسيم، وإن كان مقبولاً في بعض الدوائر، إلا أنه لا يخلو من نقائص في أخرى"، مؤكداً على أن "عدم توازن البرلمان، وتوزيع الأصوات سيكون واضحاً، وكان بالإمكان تلافي ذلك واعتماد حلول أخرى، لو تمت استشارة الخبراء وأهل الاختصاص".

وتابع قائلاً إن "السؤال الأبرز اليوم، هو حول تقسيم الدوائر في الخارج، وهذا غير مقبول، لأنه في دوائر في الخارج يبدو جمع التزكيات أمراً غير ممكن، ما يعني إمكانية غياب المترشحين"، موضحاً أنه كان على "هيئة الانتخابات التدخل والوقوف على مختلف الإشكاليات".

وأكدت رئيسة شبكة مراقبون رجاء الجبري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هناك مقاييس معتمدة في العالم لتوزيع المقاعد، تكون بحسب عدد السكان أو عدد المسجلين في الانتخابات، ولكن للأسف هناك اليوم دوائر انتخابية ستطرح إشكاليات، ففي دوائر بالخارج في أفريقيا وآسيا، لا يتجاوز عدد الناخبين المسجلين 700 ناخب، وهذا سيطرح إشكالاً، فكم من مترشح باستطاعته الترشح؟ علماً أن هناك شرطاً تعجيزياً هو الحصول على 400 تزكية، مع التناصف بين الرجال والنساء، و25 بالمائة شباب، ويشترط ألا يمنح المزكي تزكيته إلا لمرشح واحد، في حين أن ترشح اثنين على الأقل يستوجب 800 تزكية".

ولفتت إلى أن "السؤال الموجه إلى هيئة الانتخابات اليوم، هو ما العمل إذا لم يكن هناك أي مترشح في بعض الدوائر؟ هل ستبقى فارغة في البرلمان؟ وهل ستنظم انتخابات جزئية حينها؟ وحتى إن إعادتها، فهذا لا يضمن حل المشكلة بالقوانين والشروط نفسها، وكل هذا كان بالإمكان حله لو تم اعتماد الإحصائيات واللجوء إلى تبادل المعطيات مع الخبراء ومع المجتمع المدني، وساعتها لتم لفت الانتباه للإشكاليات المطروحة وحلها"، مضيفة أنه "على واضع المرسوم إيضاح المقاييس التي اعتمدها في هذا التقسيم، في ظل عدد محدود من الناخبين وشروط تعجيزية في التزكيات".

وأكدت أنه "لا يمكن حل الإشكاليات لأن 17 أكتوبر/تشرين الأول هو موعد فتح باب إيداع الترشيحات والتزكيات، فهل سنضطر الآن لإعادة قواعد اللعبة؟ وخاصة أن بعض المترشحين انطلقوا في جمع التزكيات".

هيئة الانتخابات تحذر من التزكية بطرق غير قانونية

وأعلنت هيئة الانتخابات في تونس، اليوم الخميس، أنها تفطنت إلى محاولات بعض الراغبين في الترشح للانتخابات التشريعية (انتخابات مجلس نواب الشعب في 17 ديسمبر/كانون الأول القادم)، الحصول على تزكيات بطريقة غير قانونية؛ إما باستعمال الوسائل والموارد العمومية، أو بتقديم مقابل نقدي أو عيني للحصول على تلك التزكيات، وأضافت الهيئة، في البلاغ نفسه، أن النيابة العمومية تعهدت ببعض تلك الحالات، وأذنت بفتح أبحاث مع الاحتفاظ بالمشتبه بهم، بحسب ما قالته النيابة.

وذكّرت الهيئة، في بيان لها، الراغبين في الترشح لانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب أنه عليهم التقيد التام بمقتضيات القانون الانتخابي، والتأكيد على ضرورة احترام حياد الإدارة، كما والامتناع عن استعمال الوسائل والموارد العمومية لأغراض انتخابية، وفقاً لمقتضيات الفصل 53، الفقرة 3 والفصل 153 من القانون الانتخابي.

كما نبهت الهيئة إلى مقتضيات الفصل 161، الجديد من القانون الانتخابي، الذي يجرم تقديم عطايا نقدية أو عينية، بهدف التأثير على الناخب. يذكر أن الرئيس التونسي قيس سعيد حذر خلال لقائه، الاثنين، مما "يُدبر له البعض عن طريق المال الفاسد لشراء الذمم"، داعياً إلى "ضرورة الاستعداد الجيد للانتخابات، حتى يُعبر الشعب عن إرادته بكل حرية، بعيداً عن كل محاولات الانحراف بها".

وذكّر سعيد، بحسب بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية، بأن "المرسوم المتعلق بالانتخابات ينصّ على عقوبات جزائية سواء بالنسبة إلى الراشي أو إلى المرتشي".