تونس: تأجيل الاستماع إلى الغنوشي والاحتفاظ بالعريض بعد استنطاق مطول

تونس

بسمة بركات

avata
بسمة بركات
19 سبتمبر 2022
التحقيق مع علي العريض ومنع محامين من الحضور 
+ الخط -

قررت النيابة العامة التونسية، فجر اليوم الثلاثاء، تأجيل الاستماع إلى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، في قضية "التسفير إلى بؤر التوتر"، إلى منتصف النهار، وتقرر الاحتفاظ بنائب رئيس الحركة ورئيس الحكومة الأسبق علي العريض، بعد نحو 7 ساعات من الاستنطاق.

وأكد أحد أعضاء فريق الدفاع سمير ديلو، أنّ قرار إيقاف العريض "شكّل صدمة بأتمّ معنى الكلمة"، مرجحاً إطلاق سراحه الأربعاء.

وقال ديلو، لـ"العربي الجديد"، إنّ "ملف الاتهامات ليس فارغاً، بل إنه ليس هناك ملف بتاتاً، وما سمعناه كان مجرد ترهات".

واعتبر ديلو أنّ "من المؤسف جداً أن يصدر قرار كهذا في تونس اليوم، وهو فضيحة ومهزلة بكل المقاييس".

وشهد محيط مكتب التحقيقات في محيط ثكنة بوشوشة غضب أنصار حركة النهضة، نظراً لطول ساعات الانتظار.

وقالت عضو "محامون لحماية الحقوق والحريات" إيناس الحراث، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "السماع للمدعوين لدى الوحدة المختصة بمكافحة الإرهاب، كان من المفترض أن يكون في منتصف النهار، ولكنه لم ينطلق حتى بعد منتصف الليل".

وأكدت الحراث أنّ "الغنوشي ظل ينتظر على كرسي لأكثر من 12 ساعة، ما يعني أنّ صفاء ذهنه وتركيزه صار منعدماً، وهذه حالة من حالات التعذيب بحسب بروتوكولات التعذيب المعتمدة عالمياً، فحرمان النوم والراحة والحركة، حالة تعذيب حتى للمحامين الحاضرين، وبالتالي فالسماع يعتبر غير قانوني وانتهاكاً لحقوق الإنسان".

وبيّنت أنه "بعيداً عن القانون، إنّ ترك شخص في سنّ 80 عاماً ينتظر عدة ساعات غير إنساني".

وأوضحت الحراث أنه "في وضعيات مماثلة، يتولى باحث البداية تأجيل استماع من ينتظر دوره"، مبيّنة أن ما يحصل "تنكيل واضح".

من جانبها، قالت السجينة السياسية، بسمة بلعي، إنّ "الانقلاب خان القسَم، والغنوشي علّم عدة أجيال أنه لا للتشفي والانتقام".

وأوضحت أنها "كسجينة سياسية في نظام (زين العابدين) بن علي تعرضت للتعذيب والتنكيل، ومع ذلك لم يتعلموا التشفي ممن عذبوهم".

وفي وقت سابق، أكد محامون من هيئة الدفاع عن الغنوشي ونائبه العريض، مساء الاثنين، أنّ ملف الاتهامات فارغ ولا يحتوي على أي وقائع ثابتة بشأن قضية "التسفير إلى بؤر التوتر".

وأكد المحامي مختار الجماعي أنه "في حدود الساعة 11و40 دقيقة بتوقيت تونس، جرى الانتهاء من سماع السيد علي عريض، في جلسة أقرب إلى التعذيب منذ العاشرة صباحاً: لا غذاء ولا راحة".

وأضاف، في تدوينة على صفحته في "فيسبوك": "بعد إمضاء المحضر ستراجع النيابة العمومية لتحديد الوضع القانوني له، ومن المنتظر المرور لسماع السيد راشد الغنوشي الذي مكث منذ الساعة الواحدة زوالاً (ظهراً) إلى الآن على مقعد الانتظار، إنه تعذيب وليس استنطاقاً".

ووصف بعض أنصار حركة النهضة، الموجودين خارج مكتب التحقيقات، ما يحصل، بـ"التنكيل الممنهج" لضرب الحركة وقياداتها، مشيرين إلى أنّ التحقيق ليلاً لعدة ساعات طويلة مرهق وغير معقول.

وفي وقت سابق، قال مستشار رئيس حركة النهضة رياض الشعيبي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "تم رفض مطلب تأجيل الاستماع للغنوشي، برغم أنه حضر في الموعد المحدد، أي في حدود منتصف النهار، وهو ينتظر منذ ذلك الوقت".

من جانبه، أكد السياسي والمحامي رضا بالحاج مباشرة بعد خروجه من جلسة الاستماع، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "الملف فارغ ولا يضم أي وقائع ثابتة".

وشهدت جلسة تحقيق الأمن التونسي، الاثنين، مع العريض، في ما يعرف بقضية "التسفير إلى بؤر التوتر"، تضييقاً غير مسبوق، حيث مُنع عدد من المحامين من حضورها، وذلك قبيل بدء جلسة مماثلة مع الغنوشي، لتتسم الأجواء بالاحتقان والغضب.

وشهد محيط ثكنة بوشوشة، حيث جلسة التحقيق، تعزيزات أمنية غير مسبوقة، ووُضعت حواجز حالت دون الاقتراب من مقرها.

وحضر محامون وسياسيون وبعض أنصار حركة "النهضة" رافعين شعارات مثل "يسقط الانقلاب"، و"حريات حريات دولة البوليس انتهت".

وقال العريض قبل بدء التحقيق معه إنه يحضر بناءً على استدعاء ولم يُعلَم بالموضوع، مضيفاً، في تصريح لـ"العربي الجديد": "بناءً على التسريبات، فإنه يفهم أنّ الموضوع له علاقة بالتسفير".

يشار إلى أنّ الوحدات الأمنية في تونس تواصل التحقيق مع سياسيين ونواب ومسؤولين سابقين في الملف ذاته، فيما تنفي حركة "النهضة" أي صلة لها به.

وشدد العريض على أنه قاوم التسفير منذ 2012، مضيفاً: "عادة تختلط في الهجرة عدة أسباب بين من يذهب إلى بؤر التوتر وبين من يدرس، ولذلك فقد عملت، كوزير داخلية، على متابعة الملف وفق ما تمليه مصلحة الوطن وما يسمح به القانون".

وأوضح أنّ ما يحصل توظيف للأمن للنيل من المعارضين، وعلى رأسهم حركة "النهضة"، ومن عديد القيادات الوطنية، مؤكداً أنّ الهدف من وراء إثارة الملف "الإلهاء والتغطية على القضايا الأساسية".

بدوره، قال نائب رئيس حركة "النهضة" نور الدين البحيري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه جرى منع محامين من حضور التحقيق، مشيراً إلى أنه طلب منهم، منذ وصولهم إلى الشارع بسبب الحواجز الكثيرة، الاستظهار بإعلام النيابة. وأضاف أنّ ذلك تضييق غير مسبوق، كاشفاً أنّ العريض أصرّ على عدم الدخول من دون محاميه، فتمّ الإيهام بالموافقة، وبمجرد وصولهم إلى باب الفرقة، اختُطف موكلهم وأُجبِروا على المغادرة في سابقة هي الأولى من نوعها.

وبيّن البحيري أنّ الوضع "مأساوي والحق الأدنى في الدفاع غير متوافر"، مؤكداً "تسجيل خطورة هذه الممارسات التي لا تخلو من اعتداء على حقوق الدفاع والمحاماة". وأشار إلى أنه تم إبلاغ عميد المحامين حاتم المزيو بذلك، مضيفاً: "هذا دليل على أنّ الانقلاب بصدد مزيد من الهروب إلى الأمام".

من جهته، قال رئيس "جبهة الخلاص الوطني" أحمد نجيب الشابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ "الملف لا يخلو من بعد سياسي، وإنّ مثل هذه المتابعات هي في سياق أزمة سياسية ووضع من التصعيد ومن الانقسام السياسي، وهو ما يعزز المخاوف".

وشدد قائلاً: "لا أحد فوق القانون، ولكن تطبيق القانون يجب أن يكون على الجميع بعيداً عن توظيف القضاء ومحاولات التصفية السياسية"، مطالباً بالشفافية وترك المتابعات القضائية بمعزل عن الصراعات السياسية.

أما الناطق الرسمي باسم حركة "النهضة" عماد الخميري، فأكد أنّ "سلطة الانقلاب تستمر في إلهاء الرأي العام عن القضايا الأساسية، الاجتماعية والاقتصادية، للدولة"، موضحاً أنّ "الهدف إلهاء الشعب بإدارة قضايا التسفير التي تعتبر الحركة بريئة منه".

جلسة تحقيق مع علي العريض (العربي الجديد)

وفيما شدد على أنّ "هذا الملف تمّ النظر فيه وتضمن إيقافات سابقاً"، كرر القول إنّ "إعادة إثارته للتلهية"، مبيناً أنّ "محاولات الفبركة والضغط على القضاء والمؤسسة الأمنية هو لاستهداف قادة المعارضة ومعارضي الانقلاب، لكن هذا لن يثني النهضة عن مواصلة الطريق".

وحول ما إذا كانت هناك مخاوف من إيقاف الغنوشي والعريض، رد قائلاً إنّ لديهم ثقة في القضاء، مشدداً على تأكيد قادة "النهضة" أنها "براء من كل هذه الاتهامات".

من جهته، قال ناشط بالمجتمع المدني يدعى فتحي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّ حضورهم اليوم "لمساندة رئيس البرلمان (الغنوشي) في واقع الانقلاب، وعلي العريض وزير داخلية سابق".

وحذر من أنه "مثل ما يجرى اليوم التحقيق مع هؤلاء، فغداً سيجرى استهداف أي مواطن"، مشدداً كذلك على أن "هذا الملف لتلهية الشعب عن قضاياه الأساسية"، مطالباً بالدفاع عن الثورة والديمقراطية.

ذات صلة

الصورة
البنزرتي طالب الاتحاد تحفيز اللاعبين مزدوجي الجنسية (الاتحاد التونسي/العربي الجديد)

رياضة

حقق المدير الفني للمنتخب التونسي فوزي البنزرتي بداية جيدة مع كتيبة "نسور قرطاج"، بعدما حقق فوزين متتاليين، في مستهل تجربته الرابعة مع الفريق.

الصورة
عبد اللطيف المكي في العاصمة التونسية، إبريل 2020 (ياسين قايدي/الأناضول)

سياسة

استخدم الرئيس التونسي قيس سعيّد القضاء لتوجيه ضربة لمنافسيه في الانتخابات التونسية الرئاسية، حيث صدرت أحكام بالسجن على عدد من المرشحين.
الصورة
مسيرة احتجاجية في تونس للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، 25 يوليو 2024 (العربي الجديد)

سياسة

طالبت عائلات المعتقلين السياسيين في تونس بإطلاق سراحهم بعد مضي سنة ونصف سنة على سجنهم، وذلك خلال مسيرة احتجاجية انطلقت وسط العاصمة.
الصورة
مقبرة جماعية في منطقة الشويريف بطرابلس، 22 مارس 2024 (الأناضول)

مجتمع

أعلن المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الثلاثاء، أن مكتبه يتابع تقارير عن اكتشاف مقبرة جماعية في الصحراء على الحدود الليبية التونسية.