تونس: استقالة مفاجئة للأمين العام لـ"التيار الديمقراطي" غازي الشواشي

13 مارس 2021
لم يقدّم الشواشي أسباب هذا الانسحاب المفاجئ (تويتر)
+ الخط -

أعلن الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي المعارض، غازي الشواشي، في ساعة متأخرة من ليلة أمس الجمعة، انسحابه من الحزب، من خلال تدوينة قصيرة في صفحته على "فيسبوك".

ولم يقدّم الشواشي أسباب هذا الانسحاب المفاجئ، ولكن يبدو أن الخلافات داخل الحزب وصلت إلى طريق مسدود انتهت باستقالة الشواشي، ويشكل ذلك ضربة قوية للتيار في توقيت حساس للغاية.

ويعتبر الشواشي من الشخصيات الوطنية المعروفة بهدوئها ورصانتها ودعوتها إلى الحوار والتعقل بعيداً عن الشعبوية والتصريحات النارية التي تطغى على المشهد العام في تونس وداخل حزبه أيضاً.

ويأتي إعلان الانسحاب من "التيار الديمقراطي" بعد أيام من لقائه في قصر قرطاج برئيس الجمهورية قيس سعيّد، بحضور الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، الذي عبّر فيه سعيد عن استعداده لحوار لا يكون على شاكلة الحوارات السابقة.

ويبدو أن المزاج السياسي للشواشي يتعارض مع عدد من القيادات الكبرى في حزبه، من بينهم رئيس الكتلة البرلمانية محمد عمار، وحتى مؤسس الحزب محمد عبّو، وكذلك قراءة الأوضاع الوطنية وتقييم المرحلة وسبل الخروج من الأزمة.

ويعتبر الشواشي "أن المواصلة في تغذية الاستقطاب الثنائي الخبيث بين الإسلاميين والتجمعيين، سواء كان عن دراية أو بدونها، سيؤدي إلى تخريب مسار الانتقال الديمقراطي".

وأوضح في تدوينة على صفحته أن "هذا الاستقطاب سيعمل على تعطيل الإصلاحات الضرورية الواجب القيام بها للنهوض بأوضاعنا الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، وإحلال الفوضى، ومن غير المستبعد تدخل الأجنبي في تقرير مصيرنا".

وتساءل عن المستفيد من "تعفين الأوضاع في البلاد غير أعداء الوطن من الداخل والخارج".

وكان قد أكد الخميس في حوار إذاعي أن "هذه الفرصة هي الأخيرة ليكون هناك حوار وطني عميق ومسؤول بين كل الفاعلين السياسيين والاجتماعيين لرسم خريطة طريق من أجل إنقاذ البلاد".

وتبدو هذه المواقف متعارضة مع بعض قيادات الحزب وشخصياته الاعتبارية، وقد سبق للشواشي أن أكد في تصريحات علنية أن "مواقف الأمين العام السابق للحزب ومؤسسه، محمد عبو، لا تعبر عن مواقف الحزب الرسمية"، مشدداً على أن التيار لا يدعو للخروج إلى الشارع وإنما إلى التهدئة وإلى حوار عميق ومسؤول بين جميع الأطراف، وإلى الابتعاد عن اللجوء للإجراءات الاستثنائية ووجوب الحفاظ على المؤسسات واحترام الدستور والقوانين".

وعارض الشواشي أيضاً تصريحات سابقة لرئيس كتلة الحزب في البرلمان، محمد عمار، طالب فيها رئيس الجمهورية بالزج بمن تحصّل على تمويلات أجنبية خلال الحملات الانتخابية في السجن، باعتباره رئيس مجلس الأمن القومي.

وأوضح الشواشي أن "رئيس الجمهورية لا يستطيع الزج بالناس في السجن… سجن الناس مسألة قضائية، ويجب أن تصدر في شأنهم أحكام قضائية وإدانتهم بأحكام نهائية".

وتابع في حوار لإذاعة موزاييك الخاصة: "كلام محمد عمار لا يستقيم… لا أعتقد أنه يمكن رئيس الجمهورية أن يتورط ويزجّ بالناس في السجن حتى وإن استعمل قانون الطوارئ، الذي يعتبر غير دستوري، فالقضاء وحده الذي يستطيع الزج بهذه الأطراف في السجن ومحاكمتهم بمقتضى قضايا ثابتة وتتوافر فيها الأركان القانونية… للأمانة، لا يجب البحث عن هذه الإجراءات الاستثنائية، ويجب الحفاظ على المؤسسات واحترام الدستور والقوانين رغم المؤاخذات".

وتفيد مختلف هذه المواقف بأن الشواشي لم يعد مرتاحاً في الحزب، وسط تعارض جوهري في المواقف والقراءات السياسية للأزمة وأسبابها، وخلاف مع الشخصيات التي تدعو للاصطفاف الأعمى وراء الرئيس قيس سعيد، والضغط عليه للقيام بخطوات غير محسوبة مثل دعوته لإدخال رجال أعمال وشخصيات حزبية للسجن واستعمال الإجراءات الدستورية الاستثنائية، وهو ما يعارضه الشواشي بقوة. 

المساهمون