استمع إلى الملخص
- موقف الإدارة الأميركية: إدارة بايدن أعطت إشارات ضبابية، مؤكدة دعمها لإسرائيل وعدم رغبتها في التصعيد، مع تداعيات الهجوم الإيراني تُحدَّد بالتشاور مع إسرائيل.
- تحليل الوضع: الإدارة الأميركية تبدو كالمتفرج بعد انسحاب بايدن، مما يعزز احتمالية تصعيد الوضع في المنطقة حتى تسلّم الإدارة الجديدة في يناير 2025.
لم يسبق أن تصدّرت سيرة الشرق الأوسط الأسئلة في مناظرة انتخابية أميركية قبل مناظرة الثلاثاء بين المرشحين لمنصب نائب الرئيس، الديمقراطي تيم والز والجمهوري جيمس فانس. أول سؤال طُرح عليهما كان عن الموقف من الرد على إيران بعد هجومها الصاروخي الذي استهدف إسرائيل. الجمهوري أعرب عن دعمه للخيار الذي "تعتمده إسرائيل"، أي لخيار الضربة القوية التي توعّد بها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. الديمقراطي والز ترك الموقف معلقاً، من باب أن هذا أمر تقرره "القيادة" في حينه. ما فرض أولوية هذا الموضوع، أنه تزامن مع دخول القوات الإسرائيلية إلى جنوب لبنان، وبما وضع المنطقة على طريق الانزلاق نحو الأفظع، وفق تقديرات وقراءات المراقبين.
الإدارة قبل 35 يوماً على الاستحقاق الانتخابي، أعطت إشارات ضبابية حول هذا التطور غير المسبوق. الرئيس جو بايدن ردد معزوفته المعروفة بأنه ينبغي "ألا يشكك أحد في الدعم الأميركي الكامل لإسرائيل"، مكرراً عبارة "الكامل" 3 مرات. مستشاره جيك سوليفان تعمّد الغموض أكثر، قائلاً إن إدارة بايدن "ستنظر في الخطوة التالية بما يتناسب مع المصالح الأميركية، ويعزز الاستقرار بالحد الأقصى الممكن" في المنطقة، لكنه سارع الى التذكير بأن الإدارة "سبق لها أن أوضحت أن الهجوم الإيراني ستكون له تداعيات قاسية تُحدَّد بالتشاور مع إسرائيل".
من جهتها، حرصت وزارة الخارجية على التأكيد أن الإدارة "لا تريد التصعيد في هذا الخصوص"، كما قال المتحدث الرسمي ماثيو ميلر، ولو أنه أشار إلى هذه التداعيات التي "سنتحدث بشأنها مع إسرائيل". بهذا الغموض، بدت الإدارة وكأنها تطمح إلى أن يأتي رد إسرائيل على إيران أقرب إلى ضربتها الرمزية في إبريل/ نيسان الماضي، التي اكتفت باستهداف منشآت في مدينة أصفهان، ومن دون إعلان للعملية. لكن الرمزية لا تبدو واردة هذه المرة، حسب معظم، إن لم يكن كل التحليلات، ولعدة أسباب، على رأسها أن الادارة باتت أقرب إلى "المتفرج"، خصوصاً بعد انسحاب بايدن من معركة الرئاسة، وبعد التراجعات العديدة التي أقدم عليها الرئيس تاركاً الحبل على غاربه لنتنياهو، سواء في غزة، وبالتحديد في مشروع وقف النار، أو في لبنان وإصراره على التوغل في جنوبه، خلافاً لما أرادته الإدارة في البداية، التي عادت وشاركت في تسويقه تحت عنوان أنه "توغل محدود"، فيما يصنفه المراقبون في خانة التوغل "المفتوح"، على غرار ما فعله أرييل شارون في حرب 1982، ووصوله إلى بيروت، ولو من غير أن يكون نسخة عن تلك الحرب.
فالترجيح أن خطة نتنياهو المستأسد بعد العمليات الإسرائيلية الأخيرة في ضاحية بيروت الجنوبية، أبعد من دخول "محدود"، طالما أن الدعم "الكامل" مفتوح، ولا مساءلة، والكلام عن تجاهل نتنياهو للإدارة وتحديداً للرئيس بايدن، صار من وجبة المداولات اليومية في واشنطن، سواء في الإعلام أو في أوساط النخب وبعض الأطراف في الكونغرس، وخصوصاً من بين الديمقراطيين. وإذا كان البيت الأبيض قد التزم شيئاً طوال حرب غزة، ثم التصعيد على الحدود مع لبنان، فهو اعتماده لسياسة رد الفعل وبخط متراجع أمام نتنياهو، بدءاً من حركة النزوح المتواصل للغزاويين، وانتهاكات حقوقهم الإنسانية، ومسألة المساعدات والتجويع، وأخيراً لخروجه عن أي ضوابط في لبنان. لكن الرئيس الملتزم بصهيونيته والذي فرض عليه التقاعد، والمحكوم بالحسابات الانتخابية، لم ولن يتزحزح عن هذا النهج. ومن هنا، التوقعات بفترة عصيبة في المنطقة، أقله حتى تسلّم الإدارة الجديدة في أواخر يناير/ كانون الثاني 2025. هذا إذا مرت هذه المدة دون حرب إقليمية يتطلع إليها نتنياهو، ولا من رادع في واشنطن، بل إن في هذه الأخيرة من يدفع في هذا الاتجاه.