تناقضات العملية التركية و"المنطقة الآمنة"

29 مايو 2022
وجهة العملية تظهر أنها تتعلق بأمن تركيا (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -

جاء تهديد أنقرة بشن عملية عسكرية شمال سورية، والتي وافق مجلس الأمن القومي التركي عليها، الخميس الماضي وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن هدفها استكمال "المنطقة الآمنة" على طول الحدود الجنوبية لتركيا بعمق 30 كيلومتراً، بعد أيام من حديث أردوغان عن نيته إنشاء مدن في الشمال السوري. 

وقال يومها إن من شأن هذه المدن أن تعيد مليوناً ونصف مليون لاجئ سوري من تركيا، وبشكل طوعي، إلى تلك المناطق، وذلك بسبب المحفزات التي يتضمنها المشروع التركي.

وتُطرح العديد من التساؤلات حول جدوى وجدية هذين الإجراءين، أي إنشاء المدن والعملية العسكرية، في تحقيق الحد الأدنى من الأمان والاستقرار، اللذين من شأنهما تشجيع اللاجئين على العودة.

فمن ناحية لا يوجد حتى الآن أي توافق دولي على اعتماد تلك المنطقة كـ"منطقة آمنة"، وبالتالي لا يوجد أي ضمان لعدم تعرضها للاستهداف من أي طرف من أطراف النزاع.

ومن ناحية أخرى، فإن عدم الموافقة الأميركية على العملية العسكرية التركية قد يدفع واشنطن لغض الطرف، أو حتى إعطاء الضوء الأخضر إلى "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) بتنفيذ هجمات، تزعج الجانب التركي وتهدد "المنطقة الآمنة" المقرر إنشاؤها.

كما أن وجهة العملية التركية التي تم تحديدها بأنها ستستهدف "قسد"، إما في مدينة تل رفعت أو مدينة منبج وقد تمتد شرقاً باتجاه مدينة القامشلي، تشير بوضوح إلى أنها عملية لأهداف تتعلق بالأمن القومي التركي فقط، ولا علاقة لها بتحقيق استقرار للنازحين.

كما يظهر أنها لا تشكل محفزات للاجئين الذين يوجدون في تركيا، بل ستزيد من معاناة النازحين داخل سورية وستضاعف أعدادهم بدلاً من حل مشاكلهم، وذلك لأن تلك المدن تؤوي، بالإضافة إلى سكانها، عشرات الآلاف من النازحين الذين فروا من مناطق عفرين ورأس العين، التي سيطرت عليها تركيا، من خلال "الجيش الوطني"، الأمر الذي يجعلهم مهددين بالنزوح مرة أخرى.

أما اذا أرادت الدول المتدخلة بالشأن السوري، وخصوصاً تركيا، أن تسير بحل يحقق متطلبات سكان مناطق المعارضة، فإن الحل يكمن في وجهة العملية التركية. فلو توجهت أنقرة نحو جنوب إدلب، مستفيدة من تراجع روسيا في سورية وانشغالها بغزو أوكرانيا، واستعادت فقط مدينتي سراقب ومعرة النعمان اللتين نزح منهما أكثر من مليون شخص باتجاه الشمال، فإنها ستعيد كل هؤلاء إلى منازلهم من دون الحاجة لبناء مساكن، كما تخفف الضغط السكاني الهائل على المدن والمخيمات، وحينها يمكن القول إنها تؤسس لبيئة شبه آمنة لعودة اللاجئين.

المساهمون