يعتبر تكليف محمد شياع السوداني لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة استمراراً لظاهرة تراجع الصف القيادي الأول من قادة الأحزاب والكتل في تولي رئاسة الحكومات العراقية المتعاقبة منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، حيث يحسب السوداني (52 عاماً)، من الجيل السياسي الثاني لأحزاب الإسلام السياسي، التي تصدرت واجهة العمل السياسي والحزبي في العراق خلال العقدين الماضيين.
وبعد أداء الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد اليمين الدستورية اليوم الخميس، جرى تكليف مرشح تحالف "الإطار التنسيقي" محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة الجديدة في البلاد بنسختها التاسعة.
وقال بيان مقتضب نشرته وكالة الأنباء العراقية (واع)، إن رئيس الجمهورية الجديد كلّف السوداني بتشكيل الحكومة.
وعقب تكليفه، شدد شياع السوداني على أنه سيقدم تشكيلته الحكومية "في أقرب وقت ممكن".
وفي السياق، أكد نائب في "الإطار التنسيقي"، الذي رشح السوداني لرئاسة الوزراء، في حديث مقتضب مع "العربي الجديد"، أن "التفاهم مع الكتل الأخرى على تكليف السوداني سبقته مفاوضات بشأن شروط ومطالب السنة والكرد من الحكومة الجديدة وبرنامجها الانتخابي"، متحدثاً عن أنّ "المهمة الأعقد التي ستواجه السوداني هي تهدئة الشارع سياسياً، وإقناع الصدريين بمنهاج الحكومة واستقلاليتها".
وختم المتحدث بالقول إنّ "الصدريين قد يصعدون بالشارع لإسقاط الحكومة، وهذا أول تحد يواجهه السوداني".
والسوداني، الذي يتحدر من قبيلة السودان العربية القحطانية، من مواليد 1970، بمحافظة ميسان، جنوبي العراق، عمل عام 2004 بعد الغزو الأميركي للعراق بمنصب قائم مقام مدينة العمارة، مركز محافظة ميسان، قبل أنّ يتولى منصب المحافظ في محافظة ميسان عام 2005، ثم منصب وزير حقوق الإنسان عام 2010، ورئيس هيئة المساءلة والعدالة المسؤولة عن تنفيذ قانون ما يعرف بـ"اجتثاث حزب البعث العراقي"، وتولى وكالة في أوقات لاحقة عدة وزارات، أبرزها التجارة والصناعة عامي 2015 و2016.
سياسياً، ينتمي السوداني لحزب الدعوة، وفاز في انتخابات 2014 عن كتلة "دولة القانون"، التي يرأسها نوري المالكي، قبل الإعلان عن انسحابه من الحزب في العام 2016، وتأسيسيه حركة "تيار الفراتين".
وسبق لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2019، أنّ تحفظَ على ترشيح السوداني لرئاسة الحكومة عقب استقالة عادل عبد المهدي وقبل اختيار مصطفى الكاظمي، وهو ما يجعل من المشهد السياسي في البلاد غير مكتمل، من ناحية مخاوف تصعيد الصدريين ضد السوداني باعتباره قادما من مدرسة حزب الدعوة، وآخرين يرون أنّ موافقة القوى السياسية العربية السنية والكردية على الاسم مرهونٌ بتمريره في البرلمان.
ويعد السوداني أحد الداعمين لمواقف "الحشد الشعبي"، ومقرب من قيادات الفصائل المسلحة في العراق، وهو ما قد يثير مخاوف الكتل السياسية الأخرى من مسألة تكرار تجربة عادل عبد المهدي، التي تنسب إليها الكثير من المشاكل الحالية، ومن بينها تغلغل الفصائل في مؤسسات الدولة العراقية، ومحاولة إضعاف الجيش والقوات النظامية على حساب تلك الفصائل.
ووفقاً للدستور العراقي النافذ بالبلاد، فإن أمام السوداني 30 يوماً لتشكيل الحكومة الجديدة، التي ستكون وفقاً لمبدأ التوافق السياسي المعمول به في البلاد، وعبر توزيع الحقائب الوزارية بين الطوائف الرئيسة الثلاث، مع منح حقائب أخرى لقوى الأقليات بواقع وزارة لكل واحدة منها، وهو ما يرفضه الصدر ويعتبره سبباً في تفشي الفساد والطائفية بالبلاد والفشل في تقديم الخدمات الأساسية.
وبات "الإطار التنسيقي" الآن الكتلة الكبرى داخل البرلمان العراقي، بعد حصوله على غالبية مقاعد نواب الكتلة الصدرية، وبواقع 134 نائباً في البرلمان من أصل 329 نائباً، ما يجعله الفاعل الأساسي في عملية تشكيل الحكومة الجديدة.