غيّرت تظاهرات الحراك الشعبي في الجزائر، اليوم الجمعة، مسارها، في محاولة للالتفاف على قمع الشرطة، التي نجحت الثلاثاء الماضي، في إجهاض تحركات الحراك المطالب بالتغيير السياسي وتكريس الحريات ووقف المضايقات والاعتقالات التي تطاول الناشطين.
وتأتي تظاهرات، اليوم، في صورة التحدي للسلطة، والتي كانت قد نجحت في إجهاض تظاهرة الثلاثاء الماضي.
وسيرت مكونات الحراك الشعبي مسيرات في العاصمة الجزائرية تقاطعت عند منطقة البريد المركزي، رغم الانتشار الأمني الكبير في شوارع وساحات العاصمة.
وتلافى المتظاهرون الصدام مع قوات الأمن، حيث فاجأوا قوات الشرطة بتغيير مسار التظاهرة إلى مسار غير معتاد، باتجاه ساحة أول مايو.
وهتف المتظاهرون ضد إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة المقررة في 12 يونيو/حزيران المقبل، وضد الرئيس عبد المجيد تبون، ومناوئة لتدخل الجيش في صناعة القرارات والخيارات السياسية للبلاد.
وأخفقت مصالح الاستعلامات في التقاط معلومات عن نية مكونات الحراك تغيير مسار التظاهرة، ما تسبب في سوء انتشار وتمركز قوات الأمن التي تفاجأت بالمسار الجديد وبالتفاهمات المسبقة بين المتظاهرين بهذا الشأن.
ونجحت التظاهرة في كسر الحواجز الأقل شدة التي وضعتها قوات الشرطة في شارع حسيبة بن بوعلي وشارع محمد بلوزداد في وسط العاصمة، والذي وصلت إليه المسيرات الشعبية للمرة الأولى منذ أشهر.
وقال الناشط حسين زيان، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تظاهرات اليوم الجمعة، كانت تأكيداً ودرساً كبيراً بأن الحراك سلمي، وليس له أية رغبة في الصدام مع الشرطة".
وتابع "يمكننا ملاحظة أنه بتكتيك شعبي بسيط أمكن تجنب فخاخ كانت نصبتها الشرطة في الشارع لاستدراج المتظاهرين إلى الصدام، وهذه رسالة بالغة يوجهها الحراك إلى السلطة، ويكشف بأن كل المناورات التي حدثت في السابق لاختلاق حالة صدام، كما حدث الجمعة الماضي، باءت بالفشل ولن تنجح في جرّ الحراك إلى حالة مواجهة".
ورفض المتظاهرون محاولات السلطة السياسية استدعاء الخوف من الإرهاب والتشكيك في مكونات الحراك والسعي لإقناع الرأي العام المحلي والدولي بوجود اختراق من مجموعات تصفها بالمتشددة والإرهابية ووجود تهديدات أمنية، بعد بث التلفزيون الحكومي لاعترافات عناصر إرهابية وناشطين سابقين في حركة "ماك" (تطالب بانفصال منطقة القبائل) تشير إلى سعيهم لتفجير التظاهرات.
وهتف المتظاهرون رداً على ما بثه التلفزيون الرسمي بهتافات "لا صاروخ لا بومبا (قنبلة)، توجد عصابة تسرق بالكومبا (اللباس النظامي)".
ورفع الناشطون لافتة كتب عليها "أردنا مرحلة انتقالية وبرلماناً تأسيسياً، أقاموا لنا مرحلة انتقامية وبرلماناً يكرس الشمولية"، في إشارة إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة.
كما رفعت خلال متظاهرات اليوم صور الناشطين الموقوفين في السجون، والذين أعلنت هيئة الدفاع عن معتقلي الرأي، أنّ عددهم بلغ 72 ناشطاً.
ولم تخل تظاهرات، اليوم، من اعتقالات استهدفت ناشطين بعينهم، حيث اعتقلت قوات الشرطة للأسبوع الثاني على التوالي الناشط سفيان هداجي.
كذلك، شهدت مدن تيزي وزو وخراطة والبويرة وبجاية في منطقة القبائل، تظاهرات تطالب بالحريات السياسية والتغيير، وترفض إجراء الانتخابات التي وصفها المتظاهرون بـ"المسرحية".
كما خرجت في عنابة وجيجل وقسنطينة شرقي الجزائر، تظاهرات مماثلة شارك فيها المئات. ورفع المتظاهرون صور المعتقلين وطالبوا السلطات بالإفراج الفوري عنهم.
في حين، اكتفى الناشطون في بعض الولايات التي تفرض السلطات عليها قبضة مشددة بوقفات عبروا فيها عن التمسك بالمطالب المركزية للحراك الشعبي.
وكان مراقبون قد توقعوا حدوث صدام أو لجوء السلطة إلى قمع التظاهرات ومنعها، على خلفية منعها للأسبوع الثاني على التوالي تظاهرات الطلبة.
وحذرت تصريحات الرئاسة الجزائرية ورئاسة الحكومة من دفع بعض الأطراف الجزائريين للخروج إلى الشارع وخلق حالة من الفوضى في البلاد بهدف إحباط إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة.