تقرير سويدي يكشف عن تنامي تهديد اليمين المتطرف والعنصرية والإرهاب الداخلي

27 يونيو 2023
يغزو التطرف غرف المراهقين والشباب السويديين (جوهان نيلسون/فرانس برس)
+ الخط -

كشف تقرير نُشر يوم الاثنين، صادر عن "الوكالة السويدية لأبحاث الدفاع"، عن تنامي تهديد التطرف اليميني والعنصرية والإرهاب الداخلي.

والوكالة هي هيئة حكومية تقدم تقاريرها للأجهزة الأمنية، بما فيها جهاز الاستخبارات "سابو". وتحت عنوان "الديمقراطية الفاسدة… دعاية المؤامرة والعنصرية والعنف" (253 صفحة)، سلّط التقرير الضوء على مسألة جذب العنصرية ونظرية "النقاء العرقي" لجيل المراهقين، من أجل تنفيذ عمليات إرهابية داخلية.

ويشهد المجتمع السويدي منذ سنوات، وفقاً للتقرير، تزايداً في الانجذاب نحو أفكار العنف عند منظمات وأحزاب وجماعات تستند إلى الأفكار النازية والفاشية، حيث تعتبر أن "الثورة العنيفة" أمر مشروع لتغيير المجتمع، بما في ذلك فكرة "الانقلاب" على الإدارة السياسية القائمة.

وعدد التقرير الشامل نحو 19 نظرية عنصرية وعنفية تستند إليها جماعات تبرير "فكري" للعنف، وتراوح بين العداء للدولة الديمقراطية الليبرالية، والأفكار العنصرية-العرقية، وكراهية الأجانب، والإسلاموفوبيا، ومناهضة المؤسسات القائمة، وكراهية النساء، ومناهضة النسوية والمثلية، وأفكار فاشية مؤيدة لروسيا، والإيمان بنظرية المؤامرة، إلى اتهام البحث العلمي بأنه "زائف"، وغيرها من أمور تتعلق بفكرة "سيادة وتفوق العرق الأبيض".

أضف إلى ذلك أن نظرية "الدولة العميقة" العالمية تعتبر الحديث عن مخاطر التغيرات المناخية "مجرد مؤامرة"، ومن ضمن مؤيديها الحركة النازية في "مجموعة دول الشمال" الاسكندنافية، "جبهة مقاومة الشمال"، والمجموعة الفاشية الجديدة "حركة الشمال"، وغيرها من الحركات القومية المتطرفة.

الباحثون في "أبحاث الدفاع" يعتبرون أن التطرف في السويد مرتبط بصورة وثيقة بمثيله في الغرب، بما في ذلك تطور نظرية المؤامرة في أميركا وألمانيا، واستلهام أفكار متطرفين خططوا أو ارتكبوا مذابح عنصرية وأعمال إرهابية، بحجة حماية العرق الأبيض وإحداث انقلابات.

واستشهد هؤلاء بمحاولة مراهق يبلغ من العمر 15 سنة يرتدي قناعا، في 2021، طعن مدرّسة، حيث صوّر عمليته بعد التخطيط لها، بقصد "نشر رسالة معادية للمسلمين". وكشفت الاستخبارات السويدية، من خلال "مانيفستو" خاص بجريمته، عن أن المراهق جرى التأثير عليه في غرف على الشبكات الإلكترونية متخصصة بالتحريض على العنف بدوافع أيديولوجية. ووجد في بيانه المعدّ سلفاً أن ما يجري هو تهديد لـ"وجود الحضارة الأوروبية البيضاء"، وأن "المثليين جنسياً" و"الليبراليين" يتحملون مسؤولية ذلك.

ليس ذلك فقط، بل إن المراهق المعتقل استوحى أفكاره من الإرهابي النرويجي أندرس بيرينغ بريفيك، مرتكب مذبحة جزيرة "أوتويا" في النرويج خلال صيف 2011، وبرينتون تارانت مرتكب مذبحة مسجدي كرايستشيرش في نيوزيلندا، 2019، والسويدي أنطون لوندين بيترسون، الذي طعن ثلاثة أشخاص حتى الموت في مدرسة في مدينة ترولهاتان، 2015. أضف إلى ذلك، أبرز التقرير تحقيقات أمنية أفادت بوجود اهتمام لدى المتطرفين بعمليات قتل جماعي أو اغتيال من تبدو عليهم هيئة مهاجرين (مثلما فعل السويدي بيتر مانجز بين 2003 و2012 بقنص مهاجرين)، واهتمام بقيام الأميركي المتطرف ديلان روف بقتل تسعة أشخاص في كنيسة أميركية من أصل أفريقي في تشارلستون، جنوب كارولينا، بدافع بدء حرب عرقية، وإليوت رودجر العنصري الأميركي وقاتل ست نساء في سانتا باربرا الأميركية.

بعض المعتقلين من قتلة معلمين وطلاب في السويد، العام الماضي، استندوا في جرائمهم إلى "تنظيف السويد ولو تلطخت الأيادي بالدماء"، وإلى أن هناك "مؤامرة استبدال البيض بالمهاجرين، يقف وراءها اليهود والليبراليون"، كما جاء في التقرير.

إذاً، يكشف الباحثون في التقرير أن التطرف يغزو غرف المراهقين والشباب السويديين من خلال شبكات على الإنترنت تبث الأفكار العنفية المتشددة في الغرب، وقد أثارت في مرات عدة انتباه الأمن الأميركي قبل السويدي، الذي أبلغ الأخير بعدد من الحالات، بحسب هؤلاء.

ويعترف معدو "الديمقراطية الفاسدة" بأن التهديد الإرهابي العنيف في المجتمع أصبح الآن من الداخل، مستعيداً التجربة الأميركية والألمانية في هذا السياق. فالقاسم المشترك بين مهددي مستقبل الديمقراطية والمجتمع يتعلق باستهداف السياسيين المتهمين بتأييد الهجرة، ووسائل الإعلام، والمسلمين، والأقليات، فضلاً عن الديمقراطية الليبرالية ومؤسساتها، وفق التقرير.

وبحسب ما يظهره التقرير، فإن أحزاباً سياسية وصحفاً ومواقع "تساهم في تغذية العنف وتبرير التطرف"، وأشار في هذا الاتجاه إلى الأحزاب المتطرفة: "ديمقراطيو السويد"، و"البديل لأجل السويد"، و"سترام كورس" (بزعامة راسموس بالودان الذي يثير جدلاً بسبب حرقه نسخة من القرآن الكريم)، وجماعات سياسية أخرى، وإلى أن الظاهرة مرتبطة بـ"التطرف المناهض للديمقراطية".

وذهب معدو التقرير إلى اتهامات لروسيا وشبكاتها الإعلامية بتغذية الفكر الفاشي بين متطرفي السويد وتعزيز نظرية المؤامرة، مشيرين إلى أن موسكو تساهم، من خلال أذرعها، بتغذية تشقق المجتمع السويدي. ومن اللافت أن يذهب التقرير إلى ربط قصة "خطف الأطفال في السويد"، وأيضاً قصص حرق نسخة من القرآن الكريم على يد راسموس بالودان بتلك الدعاية التي تغذيها مواقع روسية وجماعات نازية، حيث تستهدف، وفقاً للتقرير دائماً، خلق بيئة عنف وتشظ في المجتمع.

واتُهمت الصحيفة اليومية السويدية "نيت داغبلادت" بلعب دور في إظهار السويد وكأنها "بلد يقمع الحريات والمعارضة السياسية"، ما دفع الصحيفة، مساء أمس الاثنين، إلى الدفاع عن نفسها بكيل الاتهامات ذاتها للسلطات الأمنية.

في نهاية المطاف، يعتبر التقرير أن السويد تواجه مشكلة عميقة مع انتشار العنف والإرهاب العرقي، واتهام ديمقراطيتها بأنها فاسدة. وتعيش استوكهولم معضلة بين زيادة عدد الأفراد المنتمين إلى شبكات متطرفة وإمكانية حظر الجماعات والأحزاب والمواقع المؤيدة لهم.

إحدى أهم التوصيات التي خرج بها معدو التقرير أن تواصل السويد "القيام بتحركات مضادة ومهمة لتأكيد الفروق بين الحقيقة والأوهام، ورفض اتهام الطبقة السياسية بأنها مجموعة من الخونة". ذلك بالطبع إلى جانب أن جهازي الاستخبارات المدنية والعسكرية في البلد باتا، منذ سنوات، أكثر جدية في متابعة تحركات وأفكار الجماعات الفاشية والنازية الجديدة، وقد نجحا في مرات عديدة في حماية البلد من عمليات إرهابية كارثية، بعضها كان يستهدف لصقه بالمهاجرين، والمسلمين بصفة خاصة.

المساهمون