تقرير: الأمن الفلسطيني يتدخل بالسياسة والرئاسة تهيمن على المؤسسات الرقابية

30 مارس 2022
تقرير "أمان": استمرت أجهزة أمنية بالتدخل في الحياة السياسية لصالح النخب السياسية (فيسبوك)
+ الخط -

توصل التقرير السنوي لـ"الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة" (أمان)، حول واقع النزاهة ومكافحة الفساد في فلسطين، إلى استمرار تدخل أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في السياسة، واستمرار مراقبة المؤسسات الأمنية للنشطاء السياسيين لصالح النخبة الحاكمة، واستمرار التدخلات السياسية والأمنية في التعيينات العليا، واستحواذ الأمن على الحصة الأكبر من النفقات العامة في الموازنة، واستمرار هيمنة مكتب الرئيس الفلسطيني على المؤسسات العامة وبالأخص الرقابية.

الحسيني: غياب المجلس التشريعي أضعف مساءلة الحكومة وكبار المسؤولين ودور ديوان الرقابة المالية والإدارية

وقال عبد القادر الحسيني، رئيس مجلس إدارة "ائتلاف أمان"، في كلمة له يوم الثلاثاء، خلال إطلاق تقرير "تراجع نزاهة الحكم أسهم في تآكل ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة ومسؤوليها"، في مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، إن الفلسطينيين، بجانب التحدي الأكبر ممثلا بالاحتلال، يواجهون تحديا آخر على صعيد الحياة الديمقراطية والحريات المدنية، ممثلا بتأجيل إجراء الانتخابات التشريعية، بعدما تمّ التحضير لها بكافة مراحلها دون مبررات مقنعة، ما زاد من الاحتقان الشعبي، ومنع فرص مساءلة الحكومة عن أعمالها، إضافة إلى منع حركة حماس إجراء الانتخابات المحلية بنهاية العام 2021 دون وجود مبررات لمنع المواطنين من اختيار ممثليهم في مجالس الهيئات المحلية".

وأضاف الحسيني أن "غياب المجلس التشريعي أضعف مساءلة الحكومة وكبار المسؤولين، وأضعف دور ديوان الرقابة المالية والإدارية، وأبقى الحكومة دون مساءلة، واستمرار احتكار مكتب الرئيس لسلطة تعيين مسؤولي المؤسسات العامة بدون آليات لمساءلتهم دورياً، وهناك شرخ أصاب منظومة حقوق الإنسان والحريات العامة؛ تثمل بمقتل الناشط نزار بنات على أيدي عناصر من القوى الأمنية الفلسطينية، وقمع الاحتجاجات على مقتله واعتقال الناشطين والاعتداء على الإعلاميات والإعلاميين".

وأورد التقرير استمرار الأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية في قطاع غزة بعدم نشر الموازنة المخصصة لقطاع الأمن، وعدم نشر معلومات حول المشتريات الخاصة به، وعدم تقديم توضيحات حول المساءلة الداخلية في المؤسسة الأمنية.

سياسة موجهة أمنيا

وفي التفاصيل، أكد التقرير أن العام 2021 شهد استمرارا للعب أفراد في أجهزة الأمن الفلسطينية دورا سياسيا في الحياة العامة، سواء من خلال توليهم مهام سياسية أو مناصب حزبية في حركتي "فتح" في الضفة و"حماس" في غزة، كما شهد العام الماضي العديد من اللقاءات ذات الطابع الحزبي في إطار التحضير للانتخابات التشريعية المؤجلة، حيث رصد التقرير العديد من الأنشطة في صفحات التواصل الاجتماعي الرسمية لبعض الأجهزة الأمنية، مثل صفحة "العلاقات العامة للأمن الوقائي"، التي تمثل انخراطا في العملية الانتخابية هدفها "التنسيق لإنجاح حركة فتح مع أطراف أمنية أو جهات من خارج قوى الأمن"، وهو الأمر المخالف للقانون، حسب التقرير.

تقرير "أمان": بلغ الإنفاق على قطاع الأمن لغاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي ما قيمته 3.2 مليارات شيكل بنسبة 22% من إجمالي النفقات، ما يعني بقاء استحواذ الأمن على النصيب الأكبر من موازنة السلطة الفلسطينية

كما أورد التقرير أنه لا النيابة العامة ولا الحكومة قامتا بالإعلان عن فتح أي تحقيق حول ما نشرته شركة "فيسبوك" العام الماضي من قيام مجموعات قرصنة تابعة لأجهزة أمنية في الضفة الغربية، وأخرى تحت اسم "الأفعى القاحلة" (لم تتأكد جهة ارتباطها)، بتنفيذ أنشطة استهدفت اختراق خصوصية مواطنين فلسطينيين، شملت صحافيين ومعارضين للحكومة ونشطاء في مجال حقوق الإنسان ومسؤولين في السلطة الفلسطينية وحركة فتح، ما يشير، بحسب تقرير "أمان"، إلى استمرار بعض الأجهزة الأمنية بالتدخل في الحياة السياسية لصالح النخب السياسية الحاكمة.

نفقات وتعيينات وغياب لتكافؤ الفرص

ويحصل الأمن، بحسب التقرير، على الحصة الأكبر مما يتم تخصيصه من نفقات عامة في الموازنة، إذ بلغ الإنفاق على قطاع الأمن، لغاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ما قيمته 3.2 مليارات شيكل بنسبة 22% من إجمالي النفقات، ما يعني بقاء استحواذ الأمن على النصيب الأكبر في موازنة السلطة الفلسطينية.

كما طالب التقرير بضرورة وضع ضوابط على التعيينات والترقيات في قوى الأمن لمنع التضخم في عدد ضباط الأجهزة الأمنية.

وقال التقرير حول التعيينات العليا: "ما زالت العديد من التعيينات العليا (بما فيها الترقيات والنقل) يتم ترشيحها من قبل المقرّبين المتنفذين وبدعم مؤسسات أمنية تحت مبرر السلامة لاعتبارات شخصية أو حزبية (للموالين للنظام وأبنائهم)، شمل ذلك تعيينات في السلك الدبلوماسي ومؤسسات أمنية، والقضاء الشرعي، وذلك على حساب الجدارة والكفاءة ودون التقيّد بمبادئ تكافؤ الفرص للمواطنين ودون الالتزام بإجراءات الشفافية، ما أتاح لسلطة الحكم تسخير مؤسسات الدولة لخدمة القائمين على النظام الحاكم ولتحصين النظام الحالي بتدعيمه بالموالين ووضعهم بالمناصب العليا وليس بالضرورة وفقاً للمصلحة العامة".

بحسب التقرير لا تزال المؤسسات في قطاع غزة تحت حكم حركة حماس لا تلتزم بشفافية الموازنة وإدارة المال العام

وبالتوازي مع استمرار التعيينات في الوظائف العليا والخاصة دون احترام مبدأ تكافؤ الفرص ودون نشر إعلانات التوظيف وإجراء المسابقات، حسب التقرير، "فقد برز اتخاذ قرارات لمحاسبة ومعاقبة من يخرجون عن الولاء للنظام أو لتصفية الحسابات من قبل بعض الوزراء بإبعاد غير الموالين لهم بإحالتهم للتقاعد المبكر أو إقالتهم من مناصبهم أو نقلهم لمواقع هامشية".

غياب الشفافية واستقلالية القضاء

ورصد التقرير "استمرار إصدار تشريعات لا تستهدف بالضرورة المصلحة العامة، حيث استمرت الرئاسة الفلسطينية في العام 2021 بإصدار قرارات بقوانين، مثل القرار بقانون رقم (39) لسنة 2021 بتعديل قانون ديوان الرقابة المالية والإدارية رقم (15) لسنة 2004 وتعديلاته والقضاء الشرعي، اتضح أنّها لم تكن تخدم المصلحة العامة، وإنما تعزيزا لهيمنة مكتب الرئيس على المؤسسات العامة؛ خاصة الرقابية"، وقال إن هناك "تراجعا في استقلالية الجهاز القضائي في الرقابة على المسؤولين وقراراتهم بعد تعديل قانون السلطة القضائية"، في إشارة إلى التعديلات التي أقرها الرئيس عباس في نهاية عام 2019 على قوانين القضاء.

وفي المقابل، أورد التقرير أن المؤسسات في قطاع غزة تحت حكم حركة حماس ما زالت لا تلتزم بشفافية الموازنة وإدارة المال العام، إذ لم يتم نشر أي من الوثائق الثماني ضمن المعايير الدولية اللازمة لتحقيق الحد الأدنى من شفافية الموازنة العامة، واصفا ما تم نشره على موقع وزارة المالية حول المشتريات والعقود العامة للعطاءات أو اللوازم العامة في غزة بأنه غيرُ كافٍ، حيث طالب التقرير "السلطة القائمة في قطاع غزة بالكشف عن البيانات المالية المتعلقة بإدارة المال العام في قطاع غزة".

المساهمون