تقديرات إسرائيلية: الطريق لمحاكمات بتهم جرائم الحرب لا تزال طويلة

07 فبراير 2021
معلق: لا يوجد بعد قرار بأن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب (فرانس برس)
+ الخط -

في الوقت الذي ينتظر فيه أن يبحث، اليوم الأحد، المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي قرار المحكمة الجنائية الدولية حول صلاحيتها بفتح تحقيقات بجرائم الحرب الإسرائيلية، بما فيها في عدوان "الجرف الصامد" في قطاع غزة عام 2014 وملف المستوطنات، أشارت تقديرات إسرائيلية مختلفة إلى أن القرار قد لا يفضي بالضرورة إلى فتح مثل هذه التحقيقات.

كما استبعدت هذه التقديرات أن تبدأ محاكمات بتهم جرائم الحرب الإسرائيلية قريبا، إضافة إلى تعويل حكومة الاحتلال على نشاط دبلوماسي وراء الكواليس لتفادي بدء هذه الإجراءات، ومحاولات لانتظار المدعي العام القادم مع اقتراب انتهاء رئاسة المدعية العامة فاتو بنسودا.

وفي هذا السياق، أبرز صباح اليوم السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة وواشنطن جلعاد أردان أن القرار يتطرق فقط لصلاحية المحكمة وولايتها على الأراضي الفلسطينية، من دون أن يعني ذلك بالضرورة أن تقر المحكمة فتح تحقيقات كهذه.

وأضاف أردان، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية، أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو سيجري اتصالات مع زعماء عدد من الدول الأجنبية لمواجهة ومنع مثل هذا القرار، مشيرا في الوقت ذاته إلى اتصالات بدأها مع الولايات المتحدة بهذا الخصوص، لا سيما في ظل الموقف الأميركي الرافض للقرار.

في موازاة ذلك، أشار عدد من المحللين والكتاب في إسرائيل إلى أن القرار الأخير لن يكون ذا تداعيات فورية، وقد تكون له نتائج فقط على المدى البعيد، خصوصا في حال تم الاعتراف بفلسطين دولة عضواً عادية في الأمم المتحدة، وهي المنظمة التي تستمد المحكمة الجنائية شرعيتها منها.

 وقال ألون بنكاس، الذي كان في الماضي قنصلا إسرائيليا في الولايات المتحدة، في مقالة نشرها في صحيفة "هآرتس" اليوم، إن القرار يبقى قرارا إشكاليا من الناحية القضائية والسياسية، وقد تكون له تداعيات سلبية على إسرائيل، ولكن على المدى البعيد.

القرار يبقى قرارا إشكاليا من الناحية القضائية والسياسية وقد تكون له تداعيات سلبية على إسرائيل ولكن على المدى البعيد

وأبرز بنكاس حقيقة أن "إسرائيل عندما وقعت على اتفاقية روما لتشكيل المحكمة، ولم تصادق عليها ولم تقرها نهائيا، أشارت إلى تحفظها من "تسييس المحكمة"، وهو ما سيكون عمليا الحجر الأساسي في رفض إسرائيل صلاحيات المحكمة من جهة، واعتبار إسرائيل أن السلطة الفلسطينية ليست دولة وليست كيانا سياسيا رسميا من جهة أخرى، وبالتالي لا تملك المحكمة صلاحية قضائية في هذه المناطق".

وعلى غرار بينكاس، قال المعلق اليميني بن درور يميني في "يديعوت أحرونوت": "ستمر أشهر طويلة وربما عدة سنوات قبل أن نشاهد مسؤولين إسرائيليين، وليس فقط ضباطا وجنودا، يمثلون أمام المحكمة للدفاع عن أنفسهم، فالقرار حاليا يتعلق فقط بصلاحيات المحكمة، وأنه لا يوجد بعد قرار بأن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب، وهناك شك في أن تتمكن المدعية فاتو بنسودا، في ما تبقى لها من وقت في منصبها حتى حزيران القادم، من إعداد مذكرة رسمية ونشرها، مثل هذا الأمر يستغرق عادة بضع سنوات. وحتى لو كان هناك شك في أن بنسودا نفسها معادية لإسرائيل فمن المحتمل أن يحمل خليفتها في المنصب مواقف مغايرة".

ولفت يميني إلى أنه "حتى لو كان هناك قرار بأن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب، فمن المحتمل أن تقر المحكمة في المقابل بالاكتفاء بالإجراءات التي يتبعها الجهاز القضائي الإسرائيلي، وإغلاق الملف عند هذا الحد كما كان في حالة بريطانيا وجرائم الحرب في العراق".

في المقابل، دعا البروفيسور الإسرائيلي آفي بيل، في صحيفة "يسرائيل هيوم"، إلى "وجوب تكثيف الضغط السياسي والدبلوماسي الإسرائيلي والطعن في شرعية المحكمة الجنائية الدولية أولا، ووضع عراقيل أمام التحقيق الدولي، وزيادة التعاون مع أطراف دولية ضد المحكمة".

 كما دعا بيل أيضا إلى تشريع قانون إسرائيلي يحظر أي تعاون مع المحكمة الدولية، (في إشارة إلى تخوف من شهادات ونشاط جمعيات حقوقية إسرائيلية مثل منظمة "ييش دين" ومنظمة "بتسيلم" التي أصدرت مؤخرا تقريرا اعتبرت فيه أن إسرائيل تطبق نظام أبرتهايد ليس فقط في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 وإنما أيضا في داخل إسرائيل نفسها).

وطالب البروفيسور المذكور بأن توقف إسرائيل على الفور أي "تعاون غير رسمي" من قبل قانونيين من إسرائيل مع طاقم المحكمة الجنائية، بما في ذلك نشاط المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية في هذا السياق، والتي تعتمد المحكمة الجنائية مؤسسةً قانونية قضائيةً، وزيادة التعاون مع الولايات المتحدة الأميركية التي كانت فرضت عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية.

ويبدو أن دولة الاحتلال تتجه أيضا إلى تعزيز اتصالاتها مع دول أجنبية (كانت أعلنت في العام 2020 رفضها أول قرار لبنسودا بشأن وجود أساس للتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية)، مثل ألمانيا والبرازيل والتشيك والنمسا وأستراليا وبلغاريا. وطلبت هذه الدول في حينه تسجيلها أمام المحكمة الجنائية دولاً صديقة للمحكمة، رافضة أي ولاية للمحكمة الجنائية الدولية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

المساهمون