تفاصيل "تسهيلات" يدرس الاحتلال تقديمها للسلطة الفلسطينية "خدمة لأمن إسرائيل"

09 اغسطس 2023
صرحت حكومة الاحتلال مراراً بأن وجود السلطة الفلسطينية هو "مصلحة إسرائيلية" (Getty)
+ الخط -

كشف موقع "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلي عن تفاصيل "تسهيلات" تدرس حكومة الاحتلال الإسرائيلي ومؤسستها الأمنية تقديمها للسلطة الفلسطينية لمنع انهيارها، ليس لشيء سوى خدمة "أمن إسرائيل"، وتعزيز دور السلطة في استهداف المقاومة المسلحة الآخذة بالتصاعد، من خلال تنفيذ اعتقالات لمطلوبين من قبل الاحتلال، و"القيام بأدوار أمنية أخرى".

وحسب الموقع، تطاول "التسهيلات" مختلف المجالات الاقتصادية، وهو حديث مكرر، قد يخدم الاحتلال في ظل الواقع الفلسطيني المتردي اقتصادياً.

وتطرح المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تقليص إغلاق الحواجز "بقدر المستطاع"، وإتاحة دخول وخروج شاحنات محمّلة بالبضائع من "إسرائيل" إلى مناطق السلطة الفلسطينية وبالعكس، و"تعزيز علاقات الأعمال بين مواطنين من الجانبين"، وكذلك دخول أكثر من 150 ألف عامل فلسطيني يومياً من الضفة الغربية إلى الأراضي المحتلة، وفقاً للموقع. 

كذلك، تفحص إسرائيل تقليص أيام إغلاق المعابر في الأعياد والمناسبات الإسرائيلية، كون الاقتصاد الفلسطيني يعتمد بشكل كبير على العمالة الفلسطينية في "إسرائيل"، التي تسهم أيضاً في تشغيل قطاع الإنشاءات والشركات الإسرائيلية، علاوة على أن تقديرات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تشير إلى تأثير الإغلاقات على الفلسطينيين في "الفترات المشحونة أمنياً"، حسب الموقع.

وقال الموقع إن المؤسسة الأمنية في دولة الاحتلال تفحص أيضاً خطوات أخرى، من ضمنها استمرار تجربة تمكين الفلسطينيين من السفر عن طريق مطار رامون في مدينة أم الرشراش (إيلات حسب التسمية الإسرائيلية)، والتي بدأت في الصيف الماضي، إضافة إلى تطوير حقل الغاز مارين قبالة شواطئ غزة بالتعاون مع مصر، ومساواة الأرباح التي تتلقاها السلطة الفلسطينية من رسوم عبور الفلسطينيين من معبر "الكرامة" مع الأردن بتلك التي تحصل عليها سلطات الاحتلال، بحيث تكون مناصفة بين الطرفين.

ويأتي كل ذلك، بحسب الموقع، "من أجل مساعدة السلطة الفلسطينية لتجاوز أزمة الميزانية التي تمر بها في السنوات الأخيرة، ما جعلها تدفع لعناصر أجهزتها الأمنية 80% فقط من قيمة رواتبهم، كما دفعها لتقليص ميزانيات تطوير البنى التحتية للصفر تقريباً".

في غضون ذلك، تدرس المؤسسة الأمنية إمكانية الإفراج عن أسرى متقدمين بالعمر ومرضى، ممن ستنتهي محكوميتهم قريباً، وعن جثامين منفذي عمليات لا ينتمون لأي فصيل فلسطيني، و"ليس لهم ثقل في أي صفقة تبادل مستقبلية مع قطاع غزة"، على حد تعبير "يديعوت أحرونوت".

وأفاد الموقع بأن الإدارة الأميركية معنيّة برؤية تغيير كبير على الأرض من قبل الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، أيضاً في المجال الأمني.

وحسب الموقع، تطالب السلطة الفلسطينية الولايات المتحدة بالتدخل للحد من العمليات والنشاطات العسكرية التي يقوم بها جيش الاحتلال في المناطق المصنفة (أ) الخاضعة إدارياً وأمنياً للسلطة، فيما أوضحت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أنها ستواصل العمل ضد المقاومين الفلسطينيين وإحباط العمليات.

كما تطرح السلطة موضوع المنطقة المصنفة (ج) الخاضعة إدارياً وأمنياً للاحتلال، ويسعى وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لتعزيز الاستيطان فيها، لكن الموقع لم يذكر تفاصيل بشأن المطالب الفلسطينية في هذه المنطقة.  

وطرحت السلطة الفلسطينية كذلك، بناء على ما نشره الموقع الإسرائيلي أيضاً، قضية إرهاب المستوطنين المتصاعد ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية عبر القتل وإحراق البيوت.

وتواجه السلطة انتقادات واسعة بسبب عدم تدخل أجهزتها الأمنية لحماية الفلسطينيين من الهجمات الإرهابية المتكررة. ويتزامن ذلك مع إنشاء بؤر استيطانية برعاية حكومة الاحتلال، ما يزيد من اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين واحتمالات وقوع مواجهات وتصاعد التوتر.

شعارات مكررة

وعملياً، فإن "التسهيلات" التي تتحدث عنها دولة الاحتلال الإسرائيلي لا تتعدّى كونها شعارات مكررة، تريد بها حث السلطة الفلسطينية على المزيد من التحرك، ليس فقط دون منحها أي تسهيلات، ولكن أيضاً بمواصلة تضييق الخناق عليها، في وقت لا تأخذ إسرائيل تهديدات السلطة بوقف التنسيق الأمني على محمل الجد.

ورغم توالي التقارير بشأن التسهيلات، يبقى المسؤول الحكومي الإسرائيلي الأوضح في مواقفه هو سموتريتش، الذي يتولّى أيضاً حقيبة وزير في وزارة الأمن، ويعارض علانية تقديم أي مساعدات للسلطة الفلسطينية ويعتبرها "جهة إرهابية"، ويقوم بموازاة ذلك بتمرير سياساته الاستيطانية وتعزيز السيطرة الإسرائيلية في الضفة الغربية.

وبحسب التقارير الإسرائيلية، فإن إضعاف السلطة الفلسطينية يصعّب تعامل جيش الاحتلال مع تحديات أخرى، وعليه تدرس المؤسسة الأمنية سلسلة خطوات لتمكين السلطة وتعزيز مكانتها.

إدارة الصراع

ويتكرر هذا الحديث من فترة إلى أخرى دون تنفيذ فعلي، ولكنه من جهة أخرى قد يعزز نظرة الشك لدى شريحة واسعة من أبناء الشعب الفلسطيني تجاه السلطة، على أنها جهة موالية للاحتلال أكثر من موالاتها لهم، خاصة في ظل عدم تغيير سياستها وتوجهاتها رغم ظروف الفلسطينيين القاهرة والعدوان على جنين واستمرار الاغتيالات الإسرائيلية لمقاومين.

وحتى حين تنفذ الأجهزة الأمنية الفلسطينية دورها "على أكمل وجه" في "قمع الفلسطينيين" في أحداث كثيرة واعتقال معارضين لتوجهاتها، فإن السلطة تبقى عرضة لاتهامها إسرائيلياً بـ"دعم الإرهاب"، بينما يواصل الاحتلال عملية إدارة الصراع على النحو الذي يريده.

وبينما تنشغل السلطة وجزء من الرأي العام الفلسطيني بالحديث عن "تسهيلات" محتملة يعلن عنها الإعلام الإسرائيلي، وتبقى في حدود عناوينه فقط، يتواصل تعنّت سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بعدم الموافقة على أية "تسهيلات"، حتى لو طلبت المؤسسة الأمنية ذلك، وحتى لو بدا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو معني بها، بحسب تسريبات من جلسات الحكومة.

ويكرر نتنياهو في الآونة الأخيرة، رفضه قيام دولة فلسطينية، بحسب ما صرّح به لوكالة "بلومبيرغ" الأميركية هذا الأسبوع وفي لقاءات سابقة، ما يشير إلى أن ما تسميها حكومة الاحتلال "تسهيلات" تشمل فقط خطوات اقتصادية لأهداف أمنية، دون أي تحرك سياسي يمس جوهر الصراع.

المساهمون