تفاصيل العقوبات الغربية المقترحة ضد روسيا: الإضرار بالاقتصاد وحظر التعامل بالدولار

22 فبراير 2022
العقوبات لن تشمل تداعياتها روسيا وحدها (جون ماكدوغال/فرانس برس)
+ الخط -

قال مسؤولون إن الولايات المتحدة وحلفاءها ينسقون لفرض عقوبات جديدة على روسيا، بعد أن اعترفت موسكو باستقلال منطقتين في شرق أوكرانيا.

وبدأ ظهور التفاصيل في خطوات تتخذها أو تعتزم اتخاذها كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وقوى غربية أخرى.

وفي ما يأتي تفاصيل القيود المقترحة حتى الآن والعقوبات الأخرى التي يمكن أن تستهدف روسيا:

البنوك والشركات المالية

أعلنت بريطانيا فرض عقوبات على خمسة بنوك، هي: "بنك روسيا وبنك البحر الأسود وجينبنك وآي.إس بنك وبرومسفياز بنك"، وكلها بنوك صغيرة الحجم، باستثناء "برومسفياز بنك" المدرج في قائمة البنك المركزي للبنوك المهمة منهجياً.

ويخضع بنك روسيا بالفعل لعقوبات أميركية منذ عام 2014 بسبب صِلاته الوثيقة بمسؤولي الكرملين.

وصيغت حزمة عقوبات للاتحاد الأوروبي لتشمل فرض قيود على البنوك التي تشارك في تمويل أنشطة انفصالية في شرق أوكرانيا. ويبحث وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الإجراءات في باريس من الساعة الثالثة بتوقيت غرينتش، ويهدفون إلى الانتهاء من صياغتها "على وجه السرعة".

الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين (ميخائيل ميتزل/ تاس/ Getty)
العقوبات قد تشمل بوتين شخصياً (ميخائيل ميتزل/ تاس/ Getty)

وبينما لم تعلن واشنطن حتى الآن إجراءات محددة تعتزم اتخاذها، تقول مصادر إن إدارة الرئيس جو بايدن تجهز إجراءات شاملة للإضرار بالاقتصاد الروسي، ما قد يؤدي إلى قطع علاقات "المراسلة" المصرفية بين البنوك الروسية المستهدفة والبنوك الأميركية التي تتيح المدفوعات الدولية.

وستستخدم واشنطن أيضاً أقوى أداة للعقوبات على بعض الأفراد الروس والشركات، من خلال إدراجهم في قائمة (المواطنين المعينين خصيصاً) التي تخرجهم فعلياً من النظام المصرفي الأميركي وتحظر تجارتهم مع الأميركيين وتجمد أصولهم الأميركية.

وقالت مصادر مطلعة على الإجراءات المخطط لها إن "بنك في.تي.بي" و"بنك سبير" و"بنك غازبروم" أهداف محتملة.

ومن غير الواضح ما إذا كانت البنوك الروسية ستُضاف إلى قائمة (المواطنين المعينين خصيصاً)، لكن كلا النوعين من العقوبات يمكن أن يلحق ضرراً بالغاً بروسيا، ويجعل من الصعب عليها التعامل بالدولار الأميركي.

والبنوك الكبيرة في روسيا مندمجة بعمق في النظام المالي العالمي، ما يعني أن ضرر العقوبات يمكن أن يتخطى حدودها.

وتُظهر بيانات بنك التسويات الدولية أن مقرضين أوروبيين يملكون نصيب الأسد في نحو 30 مليار دولار لبنوك أجنبية منكشفة على روسيا.

وبحسب بيانات البنك المركزي الروسي، إن إجمالي الأصول والالتزامات الأجنبية المصرفية لروسيا بلغت 200.6 مليار دولار و134.5 مليار على الترتيب. وتبلغ حصة الدولار الأميركي نحو 53 في المئة من كليهما، انخفاضاً من 76-81 في المئة قبل عشرين عاماً.

الديون السيادية وأسواق رأس المال

أفاد بيان للاتحاد الأوروبي أن حزمة الإجراءات التي يناقشها التكتل تستهدف "قدرة الدولة الروسية والحكومة على الوصول إلى الأسواق المالية وأسواق رأس المال والخدمات في الاتحاد الأوروبي لتقييد تمويل السياسات التصعيدية والعدوانية".

وهددت بريطانيا الأسبوع الماضي بمنع الشركات الروسية من جمع رؤوس أموال في لندن، المركز المالي الأوروبي لمثل هذه المعاملات، رغم أنها لم تفعل ذلك في إعلانها اليوم الثلاثاء.

متظاهرة بكييف ضد تصعيد بوتين (سيرغي سوبينسكي/ فرانس برس)
متظاهرة بكييف ضد تصعيد بوتين (سيرغي سوبينسكي/ فرانس برس)

وحتى قبل الأحداث الأخيرة، أصبح الوصول إلى السندات الروسية مقيداً بشكل متزايد.

وجعلت عقوبات أميركية فرضت في 2015 الديون المستقبلية بالدولار في روسيا غير مؤهلة للعديد من المستثمرين والمؤشرات الرئيسية. وفي إبريل/ نيسان 2021 حظر الرئيس الأميركي جو بايدن على المستثمرين الأميركيين شراء سندات روسية جديدة بالروبل بسبب اتهامات بتدخل روسي في الانتخابات الأميركية.

وخفضت تلك القيود الدين الخارجي لروسيا بنسبة 33 في المئة منذ أوائل عام 2014، من 733 مليار دولار، إلى 489 مليار دولار في الربع الثالث من 2021. ويحسن انخفاض الديون الميزانية العمومية للدولة ظاهرياً، لكنه يحرمها مصادر التمويل التي يمكن أن تساهم في النمو الاقتصادي والتنمية.

الأفراد

معاقبة الأشخاص من طريق تجميد الأصول وحظر السفر أداة شائعة الاستخدام، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا لديهم بالفعل مثل هذه العقوبات على عدد من الأفراد الروس.

وفرض الاتحاد الأوروبي أمس الاثنين عقوبات على خمسة أشخاص لهم علاقة بالانتخابات البرلمانية الروسية في سبتمبر/ أيلول 2021 في شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في عام 2014.

تقارير دولية
التحديثات الحية

وقال مسؤول إن حزمة العقوبات التي يصوغها الاتحاد الأوروبي اليوم قد تتضمن قيوداً على الذين شاركوا في قرار الاعتراف بالمنطقتين الانفصالية في أوكرانيا، وهو ما قد يعني جميع أعضاء مجلس النواب في البرلمان الروسي الذين صوتوا لمصلحة الاعتراف باستقلال المنطقتين الأوكرانيتين.

في الوقت ذاته، فرضت بريطانيا عقوبات على ثلاثة رجال، هم رجل الأعمال الروسي غينادي تيمتشينكو، والمليارديرين إيغور وبوريس روتنبرغ، وجميعهم من حلفاء الرئيس فلاديمير بوتين، ومن سان بطرسبرغ، ونمت ثرواتهم الشخصية بشكل سريع بعد صعود بوتين إلى سدة الرئاسة. وتفرض الولايات المتحدة بالفعل عقوبات على الرجال الثلاثة.

ولم تصدر بعد الإجراءات التفصيلية من واشنطن. وبينما استخدمت الولايات المتحدة تصنيف قائمة (المواطنين المعينين خصيصاً) في الماضي لمعاقبة قلة يُعتبرون "جهات فاعلة سيئة"، أصبحت أكثر حذراً في السنوات الأخيرة بعدما سبّب فرض عقوبات في 2018 على مالك شركة "روسال" الروسية العملاقة للألومنيوم ارتفاعاً حاداً في أسعار الألومنيوم، وأجبر واشنطن على التراجع.

وكشف الديمقراطيون في مجلس الشيوخ الأميركي النقاب عن مشروع قانون في يناير/كانون الثاني يستهدف فرض عقوبات شاملة على كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين الروس، بمن فيهم بوتين. وقال الرئيس بايدن إنه سيكون على استعداد للنظر في فرض عقوبات شخصية على الرئيس الروسي.

وتقول موسكو إن أي تحرك لفرض عقوبات على بوتين نفسه لن يضر بالرئيس الروسي شخصياً، لكنه سيكون "مدمراً سياسياً".

شركات الطاقة و"نورد ستريم 2"

تفرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالفعل عقوبات على قطاعي الطاقة والدفاع في روسيا، حيث تواجه شركة الغاز المملوكة للدولة "غازبروم" وذراعها النفطية "غازبروم نفت" ومنتجو النفط "لوك أويل" و"روسنفت" و"سورغوتنيفتغاز" أنواعاً مختلفة من القيود على الصادرات والواردات وجمع ديون.

ويمكن توسيع العقوبات وتعميقها مع خيار محتمل يتمثل بمنع الشركات من التسوية بالدولار الأميركي.

خط "نورد ستريم 2" بات متوقفا (شين غالوب/ Getty)
خط "نورد ستريم 2" بات متوقفاً (شين غالوب/ Getty)

كذلك إن خط أنابيب "نورد ستريم 2" الذي انتُهي منه في الآونة الأخيرة بين روسيا وألمانيا كان ينتظر موافقة الهيئة التنظيمية في الاتحاد الأوروبي والسلطات الألمانية قبل أن تجمّد برلين التصديق عليه.

ويضعف اعتماد أوروبا على إمدادات الطاقة الروسية يد الغرب عند التفكير في فرض عقوبات في هذا القطاع.

كبح الرقائق

أبلغ البيت الأبيض صناعة الرقائق الإلكترونية الأميركية أن تكون جاهزة لقيود جديدة على الصادرات إلى روسيا إذا هاجمت موسكو أوكرانيا، بما في ذلك احتمال عرقلة وصول روسيا إلى الإمدادات الإلكترونية العالمية.

واتُّخذت إجراءات مماثلة خلال الحرب الباردة عندما أبقت العقوبات التكنولوجية الاتحاد السوفييتي متأخراً تقنياً وعرقلت النمو الاقتصادي.

وقف نظام التحويلات المالية (سويفت)

فصل النظام المالي الروسي عن نظام التحويل أو التراسل المالي الدولي (سويفت) سيكون أحد أقسى الإجراءات. فالنظام تستخدمه أكثر من أحد عشر ألف مؤسسة مالية في أكثر من 200 دولة.

وفصل سويفت البنوك الإيرانية في عام 2012 مع تشديد العقوبات الدولية على طهران بسبب برنامجها النووي. ويقول مركز كارنيغي موسكو للأبحاث إن إيران خسرت نصف عائدات تصدير النفط و30 في المئة من تجارتها الخارجية.

قالت ماريا شاغينا من مركز كارنيغي في موسكو إن الولايات المتحدة وألمانيا ستكونان من بين الدول الغربية التي ستُمنى بأكبر خسارة جراء هذه الخطوة، لأن بنوكهما أكثر مستخدمي سويفت مع البنوك الروسية.

ودفعت دعوات إلى فصلها عن نظام سويفت في عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، موسكو إلى تطوير نظام بديل للتراسل، هو "إس.بي.إف.إس".

وبلغ عدد الرسائل المرسلة عبر "إس.بي.إف.إس" نحو خُمس الحركة الداخلية الروسية في عام 2020، بحسب البنك المركزي الذي يستهدف زيادة هذه النسبة إلى 30 في المئة في 2023. لكن هذا النظام يجد صعوبة في ترسيخ نفسه في المعاملات الدولية.

(رويترز)